أنقرة ترهن استمرار التعاون مع واشنطن بإخراج الأكراد من منبج

تركيا تضغط لدفع واشنطن للتخلي عن أكراد سوريا

أنقرة - قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان الجمعة إن على الولايات المتحدة سحب مسلحين أكراد سوريين من شرق نهر الفرات بسوريا إذا كانت تريد التعاون مع أنقرة.

وذكّر في مؤتمر لحزب العدالة والتنمية الحاكم في إقليم أرضروم بشمال شرق البلاد أن أنقرة لا تزال منفتحة على كل عروض التعاون في ما يتعلق بمدينة منبج السورية، في اشارة إلى اتفاق سابق مع وزير الخارجية الأميركي المقال ريكس تيلرسون.

وبقي مصير هذا الاتفاق الذي يتعلق بنشر قوات مشتركة أميركية وتركية، غامضا على اثر قرار الرئيس الأميركي دونالد ترامب بإقالة تيلرسون.

وأربك قرار ترامب الحسابات التركية في سوريا خاصة أن أنقرة كانت تراهن على الوزير المقال لاخراج المقاتلين الأكراد من منبج واعادة جمع سلاح زودت به واشنطن وحدات حماية الشعب الكردية خلال حملة متواصلة على تنظيم الدولة الاسلامية في شمال سوريا.

وقال الرئيس التركي إنه غير متأكد من النهج الذي سيسلكه وزير الخارجية الأميركي الجديد مايك بومبيو في هذا الشأن.

وأعلن أردوغان، سيطرة القوات التركية والجيش السوري الحر على ثلاثة أرباع منطقة عفرين شمالي سوريا.

جاء ذلك في كلمة ألقاها أردوغان خلال مؤتمر لحزب العدالة والتنمية بفرع ولاية أرضروم شمال شرقي تركيا.

وأشار إلى أن \"تركيا تمكنت إلى حد كبير من حل مشكلة عفرين ونحن الآن نسيطر على ثلاثة أرباع المنطقة\".

وتطرق الرئيس التركي خلال كلمته إلى الدعم العسكري الذي تقدّمه الولايات المتحدة إلى الوحدات الكردية في سوريا.

وقال \"يقدّمون (الأميركيون) لتنظيم إرهابي شتى أنواع السلاح دون أي مقابل ويرفضون بيعها لنا بالمال، ثم يقولون إنهم لا يدعمون الإرهاب، كيف يحصل ذلك هل بالإمكان توضيح ذلك؟\".

توسيع نقاط المراقبة

وشدّد على أن تركيا ستقوم الآن بتوسيع نقاط المراقبة في إدلب شمال غربي سوريا وإحكامها من جهة، والتوجه إلى مدينة منبج شمال شرقي محافظة حلب شمال سوريا من جهة أخرى.

وبيّن أردوغان، أن واشنطن قدّمت اقتراحا جديدا بشأن منبج، لكن تركيا لا تعلم طبيعة الخطوات التي سيتّخذها الكادر الجديد في الإدارة الأميركية ذات التغيّرات المتكررة.

وأكد أن تركيا لا تقبل المماطلة لذلك طالبت بإخراج الإرهابيين وتسليم المنطقة لأصحابها العرب وتقديم الدعم الأمني لهم على غرار المناطق المحررة ضمن عملية درع الفرات.

وأشار إلى أن تركيا ستُسلّم المناطق المحررة لأصحابها وستعمل على ترميم البنية التحتية والفوقية بالكامل بما في ذلك الطرق والمستشفيات ومحطات المياه والطاقة الكهربائية والبلديات غيرها.

وقال \"لم ندخل تلك المناطق من أجل الاحتلال، بل لإنقاذ أشقائنا السوريين من الظلم ومساعدتهم على بناء مستقبل آمن وهذا ما يُميّزنا عن الدول الأخرى وستشهد منبج الإجراءات ذاتها\".

ولفت إلى أن تركيا ستتخذ هذه الإجراءات في منبج بسرعة وسهولة في حال إخلاء الولايات المتحدة كامل المنطقة من عناصر التنظيم الإرهابي، في اشارة إلى الوحدات الكردية.

وقال \"حتما، سنُخرج أولئك الإرهابيين من المناطق التي يحتلونها ومنفتحون لجميع مقترحات التعاون في هذا الصدد ولن نجعل إخواننا في منبج ينتظرون أكثر\".

وأشار إلى أن الأطراف التي كانت تحاول إقامة حزام إرهابي على طول الحدود التركية، انقلبت فجأة إلى \"دعاة للسلام والإنسانية\" وهي نفسها التي تسببت بمقتل مليوني إنسان بريء في العراق خلال ربع القرن الأخير وحوالي مليون في سوريا خلال الـ7 أعوام الأخيرة.

وتابع \"لدى كل واحدة من تلك الأطراف وصمة استعمار دام ومظلم وكم هو مؤسف في ضوء هذه الحقائق استهداف تركيا التي تجلب الرحمة والإحسان والحب إلى كل مكان تذهب له\".

وشدّد الرئيس التركي على أن هذه الأطراف هي نفسها التي تلطخت أيديها بدماء 5 ملايين إنسان في الجزائر ومليون سوري ومئات آلاف الفلسطينيين والليبيين.

وقال \"إذا كانوا يريدون رؤية مدنيين متضررين في عفرين، فعليهم النظر إلى الناس الذين يمنعهم التنظيم الإرهابي بالأسلحة من مغادرة المدينة، ويُقتل المعارضين. هؤلاء لا يطالبون بالديمقراطية إلا لأنفسهم\".

وكان المتحدث باسم الرئاسة التركية قال الخميس إن إقالة تيلرسون قد تؤجل اتفاقا بين أنقرة وواشنطن لإخراج المقاتلين الأكراد من مدينة منبج السورية، لكن تركيا لا تزال تتوقع مساعدة أميركية في هذا الشأن.

وحتى الآن، تجرى العملية العسكرية التركية في منطقة عفرين حيث لا توجد قوات أميركية على الأرض، لكن تركيا قالت مرارا إنها تعتزم طرد المسلحين الأكراد من منبج الواقعة على بعد مئة كيلومتر شرقي عفرين حيث تتمركز قوات خاصة أميركية لتوفير دعم للوحدات الكردية في قتال تنظيم الدولة الإسلامية.

أزمة بين واشنطن وأنقرة

وأثارت القضية أزمة في العلاقات بين الولايات المتحدة وتركيا شريكتها في حلف شمال الأطلسي حتى أنها أثارت احتمال نشوب مواجهة مباشرة على الأرض إذا زحف الأتراك باتجاه منبج دون الاتفاق مع واشنطن كي تسحب قواتها من المنطقة.

وفي الأسابيع الأخيرة، اضطلع تيلرسون بالدور الرئيسي في الجهود الدبلوماسية الأميركية لحل الأزمة وزار تركيا الشهر الماضي ووعد بإيجاد حل لمسألة منبج.

لكن مصير تلك المبادرة بدا غير واضح بعد قرار الرئيس دونالد ترامب المفاجئ الاثنين الماضي إقالة تيلرسون من منصبه وترشيح مدير المخابرات المركزية مايك بومبيو خلفا له.

وكان من المقرر أن يزور وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو واشنطن الأسبوع المقبل.

وقالت أنقرة مرارا إنها تتوقع أن ينجز اتفاقا يقضي بمغادرة الوحدات الكردية مدينة منبج وأن تتولى قوات أميركية وتركية تأمين المنطقة بشكل مشترك. ولم تؤكد واشنطن تفاصيل اتفاق من هذا القبيل.

والتزمت الإدارة الأميركية الصمت حيال الاتفاق المعلن فقط من قبل تيلرسون، ما يعطي انطباعا قويا أن الرجل تحرك حينها دون تشاور مسبق مع الرئيس دونالد ترامب.

كما يسلط ذلك الضوء على أن وزير الخارجية المقال كان يبدي تساهلا مع تركيا تماما كما فعل مع إيران وقطر.

وتوجد خلافات عميقة بين أنقرة وواشنطن على خلفية الدعم الأميركي لوحدات حماية الشعب الكردية.

وتنشر الولايات المتحدة قوات في مدينة منبج التي هدد أردوغان بأن تشملها عملية غصن الزيتون المتواصلة في الوقت الحالي في مدينة عفرين وسط توقعات تركية بحسم المعركة قريبا.

والانتشار الأميركي في منبج جاء لحماية القوات الكردية من أي تحرك عسكري من القوات السورية أو مسلحي تنظيم الدولة الاسلامية الذي كان يسيطر على المدينة وأيضا لحماية المسلحين الأكراد من أي هجوم تركي.

وتتحرك تركيا عسكريا لفرض سيطرتها على المنطقة الحدودية مع سوريا في ظل مخاوف من نشأة كيان كردي على تخومها تعتبره أنقرة خطرا على أمنها القومي.

تعزيزات عسكرية تركية جديدة إلى عفرين

ودفعت تركيا الجمعة المزيد من التعزيزات العسكرية إلى الحدود مع سوريا في محاولة تظهر مسعى أنقرة لحسم سريع للعملية العسكرية ضد الأكراد في مدينة عفرين. وليست هذه المرة الأولى التي ترسل فيها أنقرة تعزيزات عسكرية للمنطقة.

لكن هذه التطورات تأتي في ما أعلنت تركيا في الأيام الأخيرة أن سقوط عفرين مسألة وقت وفي الوقت الذي أكدت فيه مصادر كردية وجود محاولات من قبل الجيش التركي والجيش السوري الحر لاقتحام عفرين.

وقالت مصادر عسكرية إن التعزيزات العسكرية تضمنت قوات خاصة إلى وحداته المنتشرة على الحدود مع سوريا في إطار عملية غصن الزيتون الجارية بمنطقة عفرين شمالي سوريا، مضيفة أنها وصلت إلى قضاء \"خاصة\" التابع لولاية هطاي جنوبي تركيا من مختلف الوحدات العسكرية في البلاد ومن ثمة تم نقلها نحو الحدود مع سوريا.