آلاف المدنيين يفرون من جحيم الحرب في الغوطة وعفرين

جحيم الحرب

عربين (سوريا) - يواصل آلاف المدنيين نزوحهم القسري هربا من الموت في سوريا حيث يستمر النظام بقصف الغوطة الشرقية قرب دمشق بعنف سعيا إلى السيطرة عليها، وتصعد تركيا هجومها على منطقة عفرين الحدودية لطرد الأكراد منها.

وبلغ عدد الفارين من عفرين منذ مساء الأربعاء أكثر من مئتي ألف مدني شوهدوا في طوابير طويلة من السيارات المحملة بالأمتعة والناس على الطريق المؤدي إلى خارج المدينة.

وقتل 30 مدنيا على الأقل صباح السبت في قصف جوّي على مدينة زملكا في الغوطة الشرقية التي فرّ منها أكثر من 10 آلاف مدني في وقت مبكر السبت إلى مناطق سيطرة النظام عبر معبر حمورية، بحسب المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وتحاصر قوات النظام الغوطة الشرقية منذ حوالي خمس سنوات. وترافق الحصار مع قصف جوي ومدفعي منتظم شاركت فيه خلال الفترة الأخيرة الطائرات الروسية. وتسبب القصف بمقتل آلاف الأشخاص، فيما تسبب الحصار بنقص فادح في المواد الغذائية والطبية، ووفيات ناتجة عن الجوع.

وتمكنت قوات النظام بدعم من روسيا، منذ 18 شباط/فبراير من السيطرة على 70 بالمئة من الغوطة وفصلها إلى ثلاثة جيوب. ويشهد الجيب الجنوبي الذي يخضع لسيطرة فيلق الرحمن قصفا عنيفا غير مسبوق يدفع المدنيين إلى الهروب، بعد أن فتحت قوات النظام ممرا لهم يسلكونه للانتقال إلى مناطق النظام.

وقال المرصد إن "الطائرات الحربية استهدفت المواطنين خلال توجههم نحو بلدة حزة للخروج من معبر حمورية الذي خرج منه صباح اليوم نحو 10 آلاف مواطن بينهم مئات المواطنات والأطفال منذ صباح اليوم وحتى الآن، ليرتفع إلى أكثر من 40 ألفا عدد الخارجين منذ الخميس".

وقُتل في القصف الجوي منذ نحو شهر، تاريخ بدء الهجوم على الغوطة، 1394 مدنياً بينهم 271 طفلاً، بحسب المرصد.

وبث التلفزيون السوري الرسمي صباح السبت مشاهد نزوح المدنيين الذين يصلون إلى مناطق تابعة لسيطرة النظام قرب دمشق. وأظهرت الصور نساء مسنات يرتدين الأسود وشابات يحملن بطانيات وأمهات يحاولن جرّ عربات أطفالهنّ على طريق وعرة ورجالا يحملون حقائب على أكتافهم، فيما كان أب يساعد ابنه الذي يرتدي كنزة برتقالية اللون ويحمل كيسا قماشيا كبيرا، في قيادة دراجة.

وتنقل الجهات الحكومية السكان الفارين من الغوطة إلى مراكز إيواء في المنطقة، في وقت تضيق المدارس القريبة من المنطقة المنكوبة بمئات العائلات.

وقال أبو خالد عمري البالغ 35 عاما الذي لجأ إلى مدرسة في عدرا تم تحويلها إلى مركز إيواء مؤقت "لا مكان ننام فيه. لا مياه. لا بطانيات كافية... النساء والأطفال جالسون على الأرض".

وفي وقت يواصل النظام قصفه وتقدمه ميدانيا، أعلنت مجموعات "جيش الإسلام" و"فيلق الرحمن" و"أحرار الشام" التي يوجد كل تنظيم منها في جزء من الأجزاء الثلاثة للغوطة الشرقية، الجمعة أنها مستعدة لإجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف برعاية الأمم المتحدة.

ويسعى النظام السوري إلى استعادة السيطرة على كامل البلاد التي كان خسر أجزاء واسعة منها في سنوات الحرب الأولى، ثم تمكن من استعادة أكثر من نصف الأراضي السورية بدعم عسكري روسي.

أكثر من مئتي ألف نازح

ودخل النزاع الدامي في سوريا الخميس عامه الثامن مع حصيلة قتلى تخطت 350 ألف شخص. وتعتبر الغوطة الشرقية في ريف دمشق إحدى أقدم الجبهات وأكثرها عنفا.

في شمال البلاد، نزح أكثر من مئتي ألف مدني من مدينة عفرين منذ مساء الأربعاء هربا من القصف المدفعي للقوات التركية التي تواصل هجومها منذ 20 كانون الثاني/يناير على المنطقة.

وقال مدير المرصد السوري لحقوق الإنسان "نزح ما لا يقل عن خمسين ألف شخص بعد منتصف الليل حتى اللحظة من عفرين، ما يرفع عدد النازحين منذ مساء الأربعاء إلى مئتي ألف".

وأضاف "النزوح مستمر والوضع الإنساني كارثي. حتى اللحظة المدنيون لا يزالوا ينزحون من مدينة عفرين. المشهد مرعب ومخيف".

وجاء ذلك بعد تصعيد جديد من القوات التركية والفصائل السورية المقاتلة الموالية لها الجمعة.

وقتل 16 مدنيا الجمعة جراء غارة تركية استهدفت المستشفى الرئيسي في مدينة عفرين، وفق ما أفاد المرصد السوري لحقوق الإنسان.

وقال مدير المشفى الدكتور جوان محمد لوكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) إن "القصف التركي على المشفى أدى إلى إلحاق دمار كبير به"، مشيرا إلى "خروجه عن الخدمة حاليا".

كما قتل 27 مدنيا آخرين بينهم أطفال الجمعة في قصف مدفعي للقوات التركية على المدينة.

وتقول تركيا إن هجومها يستهدف وحدات حماية الشعب الكردية التي تعتبرها "إرهابية". وقد تمكنت من السيطرة على مساحة واسعة من منطقة عفرين. ونجحت خلال الأيام الماضية في تطويق مدينة عفرين وعدد من البلدات في محيطها بشكل شبه كامل باستثناء ممر وحيد يستخدمه المدنيون للفرار إلى جنوب المدينة نحو أراض كردية ومناطق مجاورة يسيطر عليها النظام.

وقال عبد الرحمن إن "اشتباكات عنيفة دارت طوال الليل على أطراف المدينة الشمالية، في محاولة للقوات التركية والفصائل الموالية لها لاقتحامها".