تصعيد دموي من القوات السورية والتركية في الغوطة وعفرين

رعب و'لا طعام ولا ماء ولا مكان ننام فيه'

عربين (سوريا) - يواصل آلاف المدنيين نزوحهم القسري هرباً من الموت في سوريا، حيث تقدمت قوات النظام السبت في الغوطة الشرقية قرب دمشق وسيطرت على بلدتين جديدتين، بينما يستمر التصعيد التركي في منطقة عفرين الحدودية شمالاً سعيا لطرد الاكراد منها.

وباتت قوات النظام تسيطر على أكثر من ثمانين في المئة من مساحة الغوطة الشرقية، آخر معقل لمقاتلي المعارضة قرب دمشق، بحسب ما افاد المرصد السوري لحقوق الانسان. بينما تستمر حملة القصف الجوي العنيف الذي حصد السبت 37 قتيلا.

وانسحب مقاتلو "فيلق الرحمن" من بلدتي سقبا وكفربطنا الواقعتين في جنوب الغوطة الشرقية، واللتين دخلتهما قوات النظام. وفرّ أكثر من 20 ألف مدني من المنطقة، ليرتفع بذلك إلى "أكثر من 50 ألفاً عدد النازحين في الغوطة الشرقية"، منذ يوم الخميس، بحسب المرصد.

في بلدة جسرين، التي يعبرها المدنيون للفرار، شوهد مدنيون من رجال ونساء وأطفال يمرون في شوارع بين الأبنية المدمرة.

وكان رجل يمسك بيد امرأة تستخدم العكازين وبدا أنها فقدت رجلها اليسرى، بينما كانت أمرأة تجر أخرى عجوزاً على كرسي متحرك. وكان أطفال يحملون أكياساً كبيرة على ظهورهم أو حتى على رؤوسهم.

وكان البعض يستريح قرب مبنى وبدا عليهم الارهاق، فيما تشارك بعضهم زجاجة مياه وتناول آخرون قطعاً من الخبز.

ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفاً لقوات النظام كونها تعد أحدى بوابات دمشق. وقد فرضت عليها حصاراً محكماً منذ 2013 رافقه طوال سنوات قصف منتظم شاركت فيه روسيا. وأسفر الحصار عن أزمة أنسانية تجلت بنقص فادح في المواد الغذائية والطبية، ووفيات ناتجة عن سوء التغذية.

وتشن قوات النظام منذ 18 شباط/فبراير حملة عسكرية ضد الغوطة الشرقية زادت معاناة السكان، فانتقلوا إلى أقبية غير مجهزة للاحتماء، من دون أن يتمكنوا من الخروج منها تحت وطأة القصف. وبدأت الخميس حركة نزوح جماعي بعدما فتحت قوات النظام ممرات لخروج المدنيين الى مناطقها.

وتركزت المعارك خلال الأيام الماضية على المنطقة الجنوبية التي يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن.

37 قتيلاً

عبر عدد من سكان الغوطة الشرقية خلال الايام الماضية عن خشيتهم من الفرار إلى مناطق سيطرة الحكومة خوفاً من الاعتقال او التجنيد الإجباري، لكن استمرار التصعيد لم يترك أمامهم أي خيار آخر.

وتنقل الجهات الحكومية السكان الفارين من الغوطة الى مراكز إيواء. وقال أبو خالد عمري (35 عاماً)، في أحد مراكز الإيواء في عدرا "لا مكان ننام فيه. لا مياه. لا بطانيات كافية. النساء والأطفال جالسون على الأرض".

ووثق المرصد السوري السبت مقتل 37 مدنياً في قصف جوي لقوات النظام بينهم 30 في غارات استهدفت بلدة زملكا.

وبلغت حصيلة القتلى جراء القصف على الغوطة الشرقية منذ نحو شهر أكثر من 1400 مدني بينهم 274 طفلاً.

وردّت الفصائل المعارضة باستهداف دمشق بالقذائف، ما أسفر بحسب المرصد عن مقتل شخص واصابة أكثر من 12 آخرين بجروح السبت.

واستمرت عملية إجلاء حالات طبية لليوم الخامس على التوالي من مدينة دوما بموجب اتفاق بين فصيل جيش الإسلام الذي يسيطر عليها، وروسيا. وقال مصدر طبي "خرج اليوم 60 مريضاً من دوما".

ومع تقدمها في الغوطة، تمكنت قوات النظام من تقطيع اوصالها إلى ثلاثة جيوب منفصلة هي دوما شمالاً تحت سيطرة فصيل جيش الإسلام، وحرستا غرباً حيث حركة أحرار الشام، وبلدات جنوبية يسيطر عليها فصيل فيلق الرحمن.

وأعلنت الفصائل الثلاث الجمعة استعدادها لاجراء مفاوضات مباشرة مع روسيا في جنيف برعاية الامم المتحدة بهدف التوصل الى وقف لاطلاق النار.

ولم يعد فصيل فيلق الرحمن يسيطر سوى على بلدات عربين وزملكا وحزة وعين ترما فضلاً عن أجزاء من حي جوبر عند أطراف دمشق. وتُعد عربين أكبر تلك البلدات.

وكان فيلق الرحمن أعلن في وقت سابق رفضه التفاوض مع روسيا أو الحكومة السورية، مؤكداً موقفه الرافض أي عملية إجلاء لمقاتليه.

وحملت هيئة التفاوض السورية الممثلة لأطياف واسعة من المعارضة، السبت مجلس الامن الدولي "بشكل مباشر مسؤولية السكوت عن الجرائم" التي تحصل في الغوطة الشرقية، و"عدم اتخاذ الاجراءات التي تمنع حدوثها".

وفشلت حتى الآن كافة الجهود الدولية في التوصل إلى حل ينهي النزاع الذي دخل عامه الثامن، مع حصيلة قتلى تخطت 350 ألف شخص.

وتسعى دمشق الى السيطرة على كافة أراضي البلاد ونجحت بدعم من حليفتها روسيا باستعادة أكثر من نصفها خلال السنوات الاخيرة، وكانت خسرتها في مواجهة فصائل المعارضة والجهاديين خلال السنوات الاولى من الحرب التي تشعبت وتعقدت لا سيما بسبب تدخل قوى كبرى فيها.

مئتا الف نازح

في شمال البلاد، نزح أكثر من مئتي ألف مدني من مدينة عفرين منذ مساء الأربعاء بينهم خمسون ألفاً السبت، خشية من هجوم تركي وشيك ضد هذه المنطقة ذات الغالبية الكردية، وفق المرصد السوري.

وقال مدير المرصد رامي عبد الرحمن "المشهد مرعب ومخيف، الوضع الانساني كارثي".

وفي بلدة الزهراء التي يسيطر عليها مقاتلون موالون للنظام شمال حلب، قال أحد النازحين "الناس ينامون في الجوامع والمدارس وحتى في المحلات، ومنهم من ينام في السيارات أو على جوانب الطرقات".

ووثق المرصد السوري السبت مقتل11 مدنياً في غارة تركية استهدفت مدينة عفرين التي تدور معارك عنيفة عند أطرافها الشمالية "في محاولة من القوات التركية والفصائل السورية الموالية لها لاقتحامها" إثر تطويقها بشكل شبه كامل قبل أيام.