المآسي تلاحق الفارين من الغوطة الشرقية حتى في مراكز الإيواء

وضع انساني صعب

دمشق - أكد الممثل المقيم لأنشطة الأمم المتحدة في سوريا علي الزعتري الأربعاء أن "الوضع مأسوي" في مراكز الإيواء التي خصصتها الحكومة السورية للفارين من الحملة العسكرية في الغوطة الشرقية قرب دمشق.

وقال الزعتري خلال مقابلة في مكتبه في دمشق "لو كنت مواطنا لما قبلت بأن أبقى في مركز إيواء عدرا لخمس دقائق بسبب الوضع المأسوي"، مضيفا "صحيح أن الناس هربوا من قتال وخوف وعدم أمن، لكنهم ألقوا بأنفسهم في مكان لا يجدون فيه مكانا للاستحمام".

واعتبر غداة جولته على عدد من مراكز الإيواء في ريف دمشق أنها "غير مهيأة لاستقبال المدنيين"، مشددا على وجوب "معالجة هذه الأزمة بطريقة مختلفة".

وتكتظ مراكز الإيواء التي حددتها الحكومة السورية في ريف دمشق بآلاف المدنيين الذين يواصلون الفرار من القصف والمعارك في الغوطة الشرقية عبر معابر حددها الجيش باتجاه مناطق سيطرته.

وقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان نزوح أكثر من 70 ألف مدني خلال نحو أسبوع من الغوطة الشرقية إلى مناطق سيطرة الحكومة، فيما تحدثت الأمم المتحدة عن خروج 45 الفا خلال الأيام الماضية.

ورأى الزعتري وهو منسق الشؤون الانسانية للأمم المتحدة في سوريا أن "الحل هو بتفريغ هذه الملاجئ من السكان بأسرع وقت ممكن وبإبقاء السكان داخل الغوطة الشرقية"، لافتا إلى أن ايصال المساعدات للمدنيين في منازلهم "أسهل من الاتيان بهم إلى هذه الأماكن العامة".

وأضاف "هناك ادارة تفكر بطريقة معينة، تذهب بهم إلى الملجأ على اعتبار أنه أول مكان لحمايتهم"، مشيرا إلى أنه طلب عقد اجتماع مع المسؤولين السوريين "لوضع النقاط على الحروف، لأنه إن لم يتم اعادة الناس إلى منازلهم في الغوطة فالوضع قد يستمر بهذا الشكل"، مشددا على أن "الأزمة أكبر من الجميع".

وتشن القوات الحكومية منذ 18 فبراير/شباط حملة عسكرية على الغوطة الشرقية بدأت بقصف عنيف ترافق لاحقا مع هجوم بري تمكنت خلاله من السيطرة على أكثر من ثمانين بالمئة من هذه المنطقة التي شكلت منذ العام 2012 المعقل الأبرز للفصائل المعارضة قرب دمشق.

ولطالما شكلت الغوطة الشرقية هدفا للقوات الحكومية كونها تّعد احدى بوابات دمشق. وقد فرضت عليها حصارا محكما منذ العام 2013 أسفر عن أزمة إنسانية حادة.

ومنذ بدء التصعيد في الغوطة الشرقية، أدخلت الأمم المتحدة واللجنة الدولية للصليب الأحمر والهلال الأحمر السوري قافلتي مساعدات، واحدة منهما على دفعتين، إلى مدينة دوما المعزولة في شمال الغوطة.

وتتكرر مأساة النزوح أيضا في شمال سوريا، حيث سيطرت القوات التركية وفصائل سورية موالية لها الأحد على مدينة عفرين، ما دفع بعشرات الآلاف للفرار منها إلى مناطق محاذية غالبيتها تحت سيطرة القوات الحكومية.

وقال الزعتري في ما يتعلق بعفرين "لم نعد نستطع أن نصل إليها لأن عفرين الآن منطقة محتلة"، مشيرا إلى أن مناطق النزوح مثل بلدات نبل والزهراء وتل رفعت "باتت تحت ضغط مضاعف".

وقدر عدد النازحين من عفرين الى تلك المناطق بـ"أكثر من مئة ألف شخص"، مشيرا إلى أن "احتواءهم في أماكن أخرى الآن غير متاح".

ووصف الزعتري أزمة النزوح من الغوطة الشرقية وعفرين بـ"الفوضى الشاملة".

وقال "ما يُقدم هو كثير لكن في ظل فوضى شاملة لا يمكن السيطرة عليها"، داعيا إلى "تنسيق أقوى" بين المؤسسات الدولية والحكومة السورية "في شكل يضمن مساعدة الناس بطريقة أكثر فاعلية من تلك الراهنة".

وفشلت حتى الآن كل الجهود الدولية في التوصل إلى حل ينهي النزاع الذي دخل عامه الثامن، مع حصيلة قتلى تخطت 350 ألف شخص وتشريد أكثر من نصف السكان داخل البلاد وخارجها.

وأضاف الزعتري "لم أشاهد مثل هذه القسوة. آمل بأن يصل السوريون إلى اتفاق على شكل الحياة التي يريدون".

المزيد من القتلى

في تطور آخر، قال مسعفون الأربعاء إن ضربة جوية على منطقة تسيطر عليها المعارضة في شمال غرب سوريا أسفرت عن سقوط 20 قتيلا بينهم 16 طفلا فروا من ضربة سابقة على مدرسة.

وقالت خدمة الدفاع المدني السوري وهو هيئة إغاثة تعمل في مناطق المعارضة إن الضربة الجوية وقعت على قرية كفر بطيخ في القطاع الشرقي من محافظة إدلب الأربعاء.

وأورد المرصد السوري لحقوق الإنسان الأرقام ذاتها وقال إن 15 من القتلى من أسرة واحدة.

وإدلب هي أكبر المناطق التي مازالت تسيطر عليها المعارضة وأكثرها سكانا.

وقال المرصد إن ضربة جوية على عربين في الغوطة الشرقية يوم الاثنين أسفرت عن مقتل 15 طفلا وامرأتين كانوا يتخذون من قبو مدرسة مأوى لهم.

وتصف الحكومة السورية وروسيا الجماعات المعارضة المسلحة في سوريا بأنها إرهابية. كما تتهمان خدمة الدفاع المدني الممولة من الغرب والتي يطلق عليها كذلك اسم الخوذ البيضاء بالعمل مع الجماعات الإرهابية وتلفيق أدلة على سقوط ضحايا مدنيين وهو ما ينفيه الدفاع المدني. وارتفعت كذلك حصيلة قتلى القذيفة الصاروخية التي أطلقتها الفصائل المعارضة على سوق شعبية في ضواحي دمشق مساء الثلاثاء إلى 44 مدنيا، وفق ما أوردت وكالة الأنباء السورية الرسمية (سانا) الأربعاء.

وقُتل مساء الثلاثاء 35 شخصا في القذيفة التي سقطت على سوق في حي كشكول على أطراف ضاحية جرمانا في شرق دمشق.

ونقلت سانا عن مصدر في قيادة شرطة ريف دمشق الأربعاء قوله إن "تسعة مدنيين فارقوا الحياة متأثرين بجراحهم الخطرة"، مضيفا أن "عددا من الجرحى لا يزال في أقسام العناية المركزة في عدد من مشافي دمشق".

وتعد هذه الحصيلة الأعلى في دمشق وضواحيها جراء قذائف تطلقها الفصائل المعارضة منذ بدء النزاع في العام 2011.

وضاق المستشفى الذي نقل إليه الضحايا بعائلات مفجوعة على فقدان أفراد منها فيما غطت بقع الدماء ممراته.

وداخل المشفى قاعة تضم عشرين سريرا على الأقل وضعت عليها جثث القتلى التي لم تتسع لها البرادات وعليها أغطية بنية اللون فيما كان طبيب شرعي يتولى الكشف عليها.

وسقطت القذيفة في وقت كان الشارع المعروف بمحاله التجارية المتنوعة وأسعار سلعه البخسة، مكتظا بروداه عشية عيد الأم الذي تحتفل فيه سوريا ودول المنطقة مطلع فصل الربيع.

وتقع منطقة كشكول جنوب بلدة عين ترما في الغوطة الشرقية التي تدور في محيطها حاليا معارك تهدف قوات النظام من خلالها لطرد فصيل فيلق الرحمن منها.

وتكثفت مؤخرا وتيرة اطلاق القذائف على دمشق وضواحيها بالتزامن مع الحملة العسكرية التي بدأها الجيش السوري في الغوطة الشرقية معقل الفصائل المعارضة قرب دمشق.