مقاتلو الغوطة ينحصرون في دوما

الدور على دوما

بيروت - وافق مقاتلون في المعارضة السورية على تسليم جيب محاصر ثان في الغوطة الشرقية الجمعة في حين واصل رفاقهم في الجيب الأول انسحابهم بعد شهر من بدء هجوم من الجيش على المنطقة.

وتترك تلك الموافقة مدينة دوما لتصبح الجيب الوحيد الخاضع لسيطرة المعارضة في الغوطة وتضع الرئيس السوري بشار الأسد على وشك تحقيق أكبر انتصار على المسلحين منذ إجبارهم على ترك حلب في ديسمبر/كانون الأول 2016.

وقسم هجوم الجيش الغوطة الشرقية، التي كانت أكبر جيب خاضع لسيطرة المعارضة قرب العاصمة دمشق، إلى جيوب أصغر محاصرة ومكن الجيش من السيطرة على أغلب المنطقة. ويقول المرصد السوري لحقوق الإنسان إن أكثر من 1600 قتلوا في تلك الحملة العسكرية.

وبدأ المسلحون في حرستا، أحد هذه الجيوب، الانسحاب في قافلة حافلات تنقلهم إلى الأراضي الخاضعة لسيطرة المعارضة بشمال غرب البلاد الخميس. ونقلت حافلات أخرى الجمعة مزيدا من المقاتلين وأسرهم.

وبث التلفزيون السوري الرسمي لقطات لرحيلهم. وظهرت امرأة محجبة من وراء ستار تحدق عبر نافذة الحافلة التي ملأتها آثار الأعيرة النارية بينما تستعد لنقلها إلى خارج المنطقة.

وقال شاهد قرب المنطقة التي تجمعت فيها الحافلات إن بعض الرجال ترجلوا للصلاة فيما سار نساء وأطفال في الجوار. وأطلق جنود من الجيش السوري طلقات ضوئية احتفالا بالنصر.

في الوقت نفسه قال مسلحو المعارضة في جيب ثان حول بلدات عربين وجوبر وزملكا وعين ترما إنهم وافقوا أيضا على الرحيل إلى شمال غرب البلاد مع عائلاتهم ومدنيين آخرين لا يريدون البقاء تحت حكم الأسد.

وقال وائل علوان المتحدث باسم فيلق الرحمن الذي كان يسيطر على هذه المنطقة إن من يريدون البقاء لن يتعرضوا للملاحقة القانونية. وأضاف أن مجموعته ستطلق أيضا سراح الأسرى من جنود الجيش السوري.

وقال التلفزيون السوري الرسمي إن نحو سبعة آلاف شخص سيغادرون من هذه المناطق، بينهم مسلحون يحملون أسلحتهم الخفيفة، بموجب الاتفاق الذي سيبدأ تنفيذه صباح السبت.

لكن القصف استمر الجمعة على مدينة دوما المحاصرة وهي المنطقة ذات الكثافة السكانية الأعلى بين المناطق الخاضعة لسيطرة المعارضة وفر الآلاف منها إلى أراض تسيطر عليها الحكومة في الأيام القليلة الماضية.

وبعد أن سلم مسلحو المعارضة الجيبين الآخرين فإنها ستكون آخر المناطق المحاصرة الواقعة تحت سيطرتهم في الغوطة الشرقية.

هجوم شرس

يعد هجوم الجيش السوري على الغوطة الشرقية واحدا من أعنف الهجمات خلال الحرب السورية التي دخلت عامها الثامن.

واستخدمت الحكومة السورية وحلفاؤها الروس أساليب أثبتت نجاحها في مناطق أخرى من سوريا منذ انضمت موسكو للحرب في 2015. وتتمثل هذه الأساليب في فرض حصار على منطقة وقصفها ثم شن هجوم بري وأخيرا عرض فتح ممر آمن لمسلحي المعارضة الذين يوافقون على الانسحاب مع أسرهم إلى الشمال الغربي.

وبعد أن ساعدت الأسد على ترجيح كفة الحرب لصالحه منذ تدخلها في 2015 تريد روسيا تصوير نفسها بشكل متزايد كوسيط للسلام. وقام ممثلون عن الجانب الروسي بدور في التفاوض على اتفاقات وقف إطلاق النار والإجلاء المحلية.

ويقول الأسد وحلفاؤه إن هجومهم على الغوطة الشرقية ضروري لإنهاء حكم الإسلاميين المتشددين لسكان المنطقة ولمنعهم من قصف المناطق الخاضعة لسيطرة الحكومة.

وقال التلفزيون السوري إن القذائف الصاروخية التي أطلقها مسلحو المعارضة قتلت العشرات خلال حملة الجيش على الغوطة الشرقية بما في ذلك هجوم أصاب سوقا يوم الثلاثاء.

وقال مصدر في الهلال الأحمر السوري إن أربعة من أفراده بالإضافة إلى مدنيين آخرين أصيبوا الجمعة في انفجار في حرستا. وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن الانفجار نجم عن تفجير مقاتلي المعارضة لترسانتهم قبل رحيلهم.

وذكر التلفزيون الرسمي أن أكثر من 60 حافلة غادرت حرستا حتى الآن منذ الخميس حاملة ما يزيد عن 3800 شخص من بينهم أكثر من ألف مقاتل.

وكان فيلق الرحمن في الجيب الخاضع لسيطرة المعارضة في الجزء الجنوبي من الغوطة الشرقية، قد أعلن نيته التفاوض الخميس حين قال علوان إنه تم الاتفاق على وقف إطلاق النار.

وقال المرصد السوري لحقوق الإنسان إن وفد المفاوضين غادر الجيب صباح الجمعة وتوقف إطلاق النار بعد استمرار تقدم القوات المؤيدة للحكومة والضربات الجوية بعد الموعد المقرر للهدنة عند منتصف الليل.

وبث التلفزيون الرسمي لقطات لمن قال إنهم 3400 شخص يغادرون دوما سيرا على الأقدام صباح الجمعة حاملين أطفالهم ومتعلقاتهم. وقطع آلاف المدنيين الرحلة ذاتها خلال الأسبوع الأخير في طريقهم إلى مراكز استقبال بمناطق تحت سيطرة الحكومة.

وتقدر الأمم المتحدة أن أكثر من 50 ألفا غادروا المناطق المحاصرة في الغوطة الشرقية خلال الأسبوعين الأخيرين تقريبا.

كما يقدر المرصد أن نحو 120 ألف مدني في المجمل إما غادروا الجيب أو بقوا في بلدتي كفر بطنا وسقبا اللتين استعادتهما القوات الحكومية خلال الأيام الثمانية الماضية.