اتفاق قائد السبسي والطبوبي يُحرج الشاهد

السبسي يناصر موقف اتحاد الشغل

تونس- الى حدود يناير 2018 لم تكن العلاقة بين رئيس الحكومة التونسي يوسف الشاهد والاتحاد العام التونسي للشغل صدامية كعادتها مثلما حصل مع رؤساء مختلف الحكومات المتعاقبة طيلة سبع سنوات تلت ثورة يناير 2011.

وكان أمين عام أكبر منظمة عمالية في البلاد أحد أهم المساندين للشاهد ولفريقه الحكومي.

وفي الوقت الذي نسف فيه حزبي الحكم نداء تونس والنهضة الحزام السياسي المساند لما يعرف بحكومة الوحدة الوطنية، ظلّ اتحاد الشغل مناصرا قويا لبقاء رئيس الحكومة في منصبه دعما للاستقرار السياسي في البلاد وفق تصريحات كل قياداته.

ولم ينطلق تمرّد المنظمة العمالية على الشاهد وعلى فريقه إلا عندما كشفت نوايا الحكومة التفويت في بعض المؤسسات العمومية التي تعتبرها خاسرة ومكلفة لخزينة الدولة.

ومنذ الوهلة التي تحدّث فيها الشاهد عن الوضع الصب الذي تمر به المؤسسات العمومية في البلاد جوبه بانتقادات حادة من قبل الأمين للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي الذي سارع في الرد في أكثر من مناسبة بقوله \" المؤسسات العمومية خط أحمر ومسألة لا يمكن الخوض فيها بتاتا\".

وساهم جدل المؤسسات العمومية في تأجيج التوتر بين الشاهد والطبوبي وتعميق الهوة بينهما إلى درجة أن مواقف اتحاد الشغل تغيّرت في وقت وجيز من المطالبة في البداية بوجوب إجراء تعديل وزاري عميق إلى ضرورة البحث عن رُبّان جديد يكون قادرا على تلبية التطلعات الاقتصادية للتونسيين.

وأجبر دفع اتحاد الشغل المتواصل لتنحية الشاهد رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي على التدخّل والاجتماع بكل الموقعين على وثيقة أولويات الحكومة \" اتفاق قرطاج\" و تم الاتفاق على تشكيل لجنة تعد خارطة طريق جديدة للحكومة ومن ثمة البحث عن شخصية تكون قادرةى على قيادة المرحلة.

وفي ملف المؤسسات العمومية، فان اللاّفت للانتباه مؤخرا هو تقلّب مواقف الحكومة ،فبعد أن أقر الشاهد لدى حضوره في أواخر شهر مارس/ اذار تحت قبة البرلمان بأن وضع المالية العمومية للبلاد لا يسمح للمؤسسات العمومية بالاعتماد على دعم الدولة أو التمتع بضمانات القروض وأن التفويت في بعضها يُعد من أهم الحلول.

أطل الثلاثاء الوزير لدى رئيس الحكومة المكلف بمتابعة الإصلاحات الكبرى توفيق الراجحي لينفي قاطعا تفكير الحكومة في بيع أيّ من المؤسسات العمومية.

وقال الراجحي \" ليس على طاولة الحكومة أي برنامج للتفويت في المؤسسات العمومية، مشدّدا -بنفس خطاب الطبوبي- على أن المرفق العمومي خط أحمر.

وأوضح أنّ للحكومة توجّهات واضحة لدراسة وضعية المؤسسات العمومية حالة بحالة بالاشتراك مع الشريك الاجتماعي اتحاد الشغل ، قائلا \"الجدل المفتوح حول التفويت في القطاع العمومي...معركة مفتعلة\".

السبسي يدخل على الخط

مع تواتر دعوات أهم الموقعين على وثيقة اتفاق قرطاج وفي مقدمتهم منظمة أرباب العمل واتحاد الشغل إلى وجوب تغيير رئيس الحكومة اصطدم يوسف الشاهد بموقف رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الرافض بدوره لمسألة التفويت في أي من المؤسسات العمومية.

وفي اليوم الذي أصدح فيه الشاهد تحت قبة البرلمان عن تصورات ورؤى حكومته في ما يخص وضع المرفق العام، استقبل رئيس الجمهورية الباجي قائد السبسي الأمين العام للمنظمة الشغيلة نور الدين الطبوبي في قصر قرطاج.

ولئن لم تكشف مؤسسة الرئاسة فحوى وتفاصيل اللقاء بين الطرفين، فان إتحاد الشغل سارع في خطوة تستهدف رئيس الحكومة بالإعلان عن موقف السبسي الرافض لمسألة بيع المؤسسات العمومية.

وقال نور الدين الطبوبي \" إن عدم التفويت في المؤسسات العمومية كان من أهم المحاور التي تم التطرق اليها مع رئيس الدولة \"

وأضاف \" الرئيس أكّد على أهمية دور المؤسسات العمومية في النهوض باقتصاد البلاد واعتبر أن المسؤولية مشتركة للتوصل إلى حلول منطقية لتفادي الانزلاق وراء دعوات بيع بعضها\".

ويُرجع الكثير من الملاحظين والمتابعين للشأن التونسي بأن اتفاق السبسي والطبوبي في مسألة خلافية تهم وضع المؤسسات العمومية أحرج الشاهد وحكومته وأجبرهما على تعديل موقفهما حيال مستقبل المرفق العام ليصبح مقتصرا على الدعوة إلى الاصلاح الهيكلي لا التفويت في شركات خاسرة.

ويتزامن موقف رئيس الجمهورية المساند لرؤى المنظمة العمالية أيضا مع فقدان يوسف الشاهد لورقة ضغط هامة يمثلها أحد مناصريه في مسألة التفويت في المؤسسات وهي منظمة الأعراف التي دفعت في وقت سابق إلى وجوب مراجعة وضع المؤسسات العامة لأنها أصبحت تمثل عبأ كبيرا على ميزانية الدولة.

وفقدان الشاهد لمساندة منظمة أرباب العمل في هذا الملف الخلافي لا يتعلق بتغيّر مواقفها ومبادئها بخصوص الملف بل برغبتها مثل اتحاد الشغل في تغيير رئيس الحكومة بعد أن أصدحت بمواقفها بكل وضوح خلال اجتماع الموقعين على وثيقة قرطاج ودعت الى ضرورة تشكيل حكومة كفاءات غير متحزّبة.

وتهدف دعوة منظمة أرباب العمل وفق الكثير من المراقبين الى وجوب التخلص من يوسف الشاهد باعتبار أن الرجل متحزّب إلى الآن وينتمي إلى الحزب الحاكم نداء تونس.

يذكر أن العلاقة بين يوسف الشاهد ومنظمة أرباب العمل عرفت توترا منذ أواخر العام 2017 بسبب الاجراءت الحكومية التي تضمنها قانون الموازنة للعام الجديد والذي ترى فيه المنظمة اجحاف كبير بحق رجال الاعمال والمؤسسات الاقتصادية الخاصة.