روسيا في معارك على أكثر من جبهة لتحصين نفوذها وحماية الأسد

هل تشهد سوريا مواجه عسكرية بين الغرب وموسكو؟

موسكو - تتحرك روسيا على أكثر من جبهة في خضم حشد بعض الدول الغربية لتوجيه ضربة عسكرية لسوريا تضع موسكو في ورطة كونها الداعم الرئيسي لنظام الرئيس السوري بشار الأسد وكون أي عمل عسكري يعد اختبارا لمدى قدرة الكرملين على مواجهة ضغوط خصومه الغربيين وعلى رأسهم الولايات المتحدة في أكثر من ملف.

وفي الوقت ذاته تحاول القيادية الروسية اظهار رباطة جأش وصمود فيما تواجه روسيا حملة غربية على خلفية اتهامها بتسميم العميل الروسي السابق سيرغي سكريبال وابنته يوليا في انكلترا في الرابع من مارس/اذار ما فجر أسوأ أزمة دبلوماسية بين الغرب والشرق وأعاد إلى الواجهة أجواء الحرب الباردة بين المعسكرين.

وتكشف مجمل التطورات سواء في ما يتعلق بالأزمة السورية أو في ما يخص عملية تسميم الجاسوس الروسي السابق على الأراضي البريطانية أن المشهد السياسي العالمي ينفتح على المزيد من التوترات بين روسيا والغرب.

ومن المرجح أيضا أن يزداد الوضع سوء في قادم الأيام في حال نفذت واشنطن تهديداتها بضرب سوريا.

وأعربت السفارة الروسية في بريطانيا الجمعة عن قلق موسكو من قرار وزراء الحكومة البريطانية الخميس اتخاذ إجراء في سوريا قائلة إن التقارير عن خطط شن هجوم عسكري هي بمثابة تحرك \"متهور\" من جانب لندن.

وقالت السفارة في بيان إن المسؤولين الروس الذين زاروا مدينة دوما السورية وهي الموقع الذي تقول الولايات المتحدة وحلفاؤها إنه شهد هجوما بأسلحة كيماوية، لم يعثروا على أثار لأي مواد كيماوية.

وبريطانيا ليست الدولة الوحيدة التي تدفع نحو اجراء حاسم لردع استخدام دمشق لأسلحة كيماوية، حيث سبق لفرنسا أن تحدثت بلهجة أكثر صرامة في مواجهة تجاوز الأسد لخطوط حمراء رسمتها باريس بأن أعلنت مرارا أن القوات الفرنسية ستتحرك إذا استخدم الأسد أسلحة كيماوية.

لكن في خضم تواتر الأحداث، بدت المواقف الفرنسية مهتزة ومربكة بين تلويح الرئيس الفرنسي امناويل ماكرون بالتحرك عسكريا لردع استخدام الأسلحة المحظورة وبين اعادة تكرار ربط أي تحرك عسكري باستخدام دمشق أسلحة كيماوية.

كذلك تبدو بريطانيا مندفعة أكثر من اللازم بالحشد لتدخل عسكري في سوريا في الوقت الذي تواجه فيه حكومة تيريزا ماي معضلة بريكست الذي يبدو أنه لم يعد على رأس أولويات ماي.

وينظر شق من البريطانيين والأوروبيين وحتى الروس إلى التصعيد البريطاني في ما يتعلق بقضية سكريبال وفي ما يتعلق بالأزمة السورية، بوصفه هروبا للأمام ومحاولة للإفلات من ضغوط بريكست.

وإلى جانب فرنسا وبريطانيا، يبدو الموقف الألماني أقل حدّة حيث اعلنت المستشارة الألمانية أنغيلا ميركل أن بلادها لن تنضم إلى أي عمل عسكري محتمل ضد سوريا.

واختارت برلين خطابا دبلوماسيا أكثر توازنا من خطابي فرنسا وبريطانيا بأن أكدت على ضرورة مواصلة الضغط على النظام السوري وعلى حليفته روسيا لوقف استخدام دمشق للأسلحة الكيماوية.

وقال شتيفن زايبرت المتحدث باسم الحكومة الألمانية الجمعة إن برلين ستفعل ما بوسعها لمواصلة الضغط السياسي على روسيا فيما يتعلق بهجوم كيماوي مشتبه به في سوريا.

وأضاف أنه توجد \"أدلة قوية\" تشير إلى استخدام أسلحة كيماوية في انتهاك للقانون الدولي. وقال إن ألمانيا على اتصال وثيق مع الولايات المتحدة وحلفاء آخرين بشأن كيفية الرد.

من جانبها قالت ماريا أديبار المتحدثة باسم الخارجية الألمانية إن برلين تتفق مع حلفائها على أن استخدام الأسلحة الكيماوية يجب ألا يمر دون عقاب.

وأضافت أنه من الواضح أن الأسلحة الكيماوية في سوريا لم تدمر كلها في عملية بدأت في 2013.

إلا أن برلين لم تتحدث عن خيار عسكري في التعاطي مع انتهاك الأسد للقانون الدولي بهجوم مفترض بغازات سامة على دوما.

وأيد هذا التعاطي وزير الخارجية الألماني هايكو ماس الذي قال الجمعة إنه يجب على الدول الغربية زيادة الضغط على روسيا لحل الأزمة في سوريا.

وروسيا هي أقوى حليف للرئيس السوري بشار الأسد وساعدته قوتها الجوية الهائلة على انتزاع السيطرة على مناطق واسعة من الأراضي من المعارضين المسلحين منذ عام 2015.

وخيمت توقعات بإقدام الغرب على عمل عسكري في سوريا قد يفجر مواجهة مباشرة مع روسيا في المنطقة، لكن دون مؤشرات على أن الهجوم المحتمل وشيك.

ومن المقرر أن يصل خبراء دوليون في الأسلحة الكيميائية إلى سوريا للتحقيق في هجوم بالغاز يعتقد أن قوات الحكومة شنته على مدينة دوما وأدى لمقتل العشرات.

وحذر الرئيس الأميركي دونالد ترامب قبل يومين من أن الصواريخ \"قادمة\" ردا على هذا الهجوم.

وحذرت روسيا الغرب من مهاجمة الأسد، الذي تدعمه إيران أيضا، وتقول إنه لا يوجد دليل على وقوع هجوم كيماوي في دوما وهي مدينة قريبة من دمشق كانت في يد المعارضة حتى سيطرت عليها الحكومة هذا الشهر.