الخلافات لا تقوض تحالفا متينا بين أنقرة وطهران وموسكو

المصالح أقوى من الخلافات

أنقرة - تعهد رئيسا تركيا وإيران الثلاثاء بالمضي قدما في تحالفهما إلى جانب روسيا في سوريا، وفق ما أفادت الرئاسة التركية بعد أن أيدت أنقرة الضربات الغربية ضد نظام الرئيس السوري بشار الأسد.

وقال مصدر في الرئاسة بعد اتصال هاتفي بين الرئيس رجب طيب أردوغان ونظيره الإيراني حسن روحاني إن \"الرئيسين شددا على أهمية مواصلة الجهود المشتركة التي تبذلها تركيا وإيران وروسيا لحماية وحدة أراضي سوريا والتوصل إلى حل سلمي دائم للأزمة\".

وروسيا وإيران هما حليفتان رئيسيتان للأسد وتدخلهما العسكري يعد أساسيا في بقائه في السلطة ورجح كفة الصراع لصالحه في العام 2015 حين كان النظام على وشك السقوط مع اقتراب المعارضة المسلحة من معاقله.

وعملت موسكو وطهران خلال الأشهر الماضية للتوصل إلى حل للنزاع مع أنقرة التي كانت تدعو طيلة سنوات الصراع الماضية إلى رحيل الأسد، إلا أنها خففت من لهجتها حيال النظام السوري مع تقاربها مع كل من طهران وموسكو.

ويأتي التأكيد على المضي قدما بالتحالف بعد أن قال الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون إن الضربات التي وجهت إلى سوريا السبت أحدثت شرخا بين تركيا وروسيا.

ورحب أردوغان بالضربات التي نفذتها بريطانيا والولايات المتحدة وفرنسا ووصفها بأنها \"مناسبة\" ردا على هجوم كيميائي مفترض في دوما قالت روسيا إنه \"مختلق\".

وخلال اتصاله مع روحاني، قال أردوغان إن معارضة تركيا استخدام الأسلحة الكيميائية \"أكثر من واضحة\" وحذر من \"تصعيد التوتر\".

وتركيا عضو في حلف شمال الأطلسي منذ 1952 حيث يبدي شركاؤها قلقا من تقاربها الشديد مع موسكو.

وفي وقت سابق من الشهر الحالي استضاف أنقرة قمة ثلاثية حول سوريا بمشاركة الرئيس التركي ونظيريه الإيراني والروسي.

وعقد أردوغان على هامش القمة لقاء مطولا مع حسن روحاني وكان ذلك اللقاء الثنائي بعد مباحثات ثلاثية في نوفمبر/تشرين الثاني في سوتشي على البحر الأسود. ومن المقرر عقد قمة ثالثة في طهران لم يحدد موعدها بعد.

ويتابع حلفاء تركيا عن كثب صفقة شراء أنقرة أنظمة اس-400 الصاروخية الروسية الدفاعية التي قال بعض المسؤولين إنها قد لا تتناسب مع التكنولوجيا الغربية.

انتقادات تركية حادة لتصريحات ماكرون

وكان المسؤولون الاتراك قد وجهوا انتقادات حادة الاثنين إلى الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون اثر تصريحاته حول القطيعة بين أنقرة وموسكو، وإعلانه أن الضربات الجوية على سوريا فجر السبت أدت إلى تباين بين هذين البلدين.

وتتزايد المؤشرات على عدم ارتياح غربي تجاه التقارب بين تركيا الدولة الأطلسية منذ 1952 وإيران وروسيا بشأن سوريا.

وقال وزير الخارجية التركي مولود تشاوش اوغلو خلال مؤتمر صحافي مع الأمين العام للحلف الأطلسي ينس ستولتنبرغ \"نحن نفكر بشكل مختلف لكن علاقاتنا مع روسيا ليست ضعيفة إلى درجة يمكن للرئيس الفرنسي أن يقوضها\".

وأضاف \"لدينا علاقات قوية مع روسيا\" إلا أنه استدرك \"لكن علاقاتنا مع روسيا ليست بديلا عن العلاقات مع الحلف الاطلسي أو مع حلفائنا\".

وأشاد ستولتنبرغ بمكانة تركيا في حلف الأطلسي الذي انضمت إليه بدعم أميركي قوي لترسيخ مكانة تركيا في الغرب إبان الحرب الباردة، مشددا على أهميتها في الحلف.

وقال \"تركيا تفعل الكثير من أجل حلفنا رغم مواجهة تحديات أمنية خطيرة. تركيا مهمة لحلف الاطلسي والحلف مهم بالنسبة لتركيا\".

وأضاف \"هذه هي قوة الأطلسي: 29 حليفا يقفون معا ويحمون بعضهم البعض\".

وفي مقابلة مع تلفزيون فرنسي قال ماكرون \"بهذه الضربات وهذا التدخل، تمكنا من التفريق بين الروس والأتراك. الأتراك أدانوا الضربات الكيميائية ودعموا العملية التي نفذناها\".

ورحب الرئيس التركي رجب طيب أردوغان بالضربات الغربية في سوريا معتبرا أنها رد \"ملائم\" على \"الهجمات غير الإنسانية\" التي يشنها النظام السوري.

وشكل هذا التأييد التركي اختلافا علنيا نادرا حول الملف السوري بين أنقرة وموسكو.

لكن تشاوش أوغلو صرح بأن ماكرون أخطأ في تقديره وقال إن أنقرة \"تتوقع تصريحات تليق برئيس\" وأن على ماكرون أن يعبر عن أفكاره بطريقة \"أكثر جدية\".

وكان نائب رئيس الوزراء التركي بكر بوزداغ قد رد أيضا الاثنين على تصريحات ماكرون قائلا \"إن سياسة تركيا تجاه سوريا لا تقضي بأن نقف مع دولة ما أو ضدها\".

وكان الاليزيه أعلن السبت أن ماكرون يأمل بـ\"تكثيف المشاورات\" مع تركيا في الأيام المقبلة بهدف إيجاد \"حل سياسي شامل في سوريا\".

ويأتي هذا التوتر كحلقة جديدة في سلسلة التوترات بين أنقرة وباريس بعد أن عرض الرئيس الفرنسي التوسط بين تركيا والمسلحين الأكراد المحظورين.

وقال أردوغان الاثنين إنه أبلغ ماكرون هاتفيا بأن على فرنسا أن تتحمل مسؤوليتها عن مجازر استعمارها للجزائر وكذلك فشلها في الابادة التي حصلت في رواندا قبل أن يلقي المحاضرات على تركيا بشأن سوريا.

وأضاف في كلمة له في اسطنبول \"أنتم (الفرنسيون) قتلتم الناس هناك. هل ستتحملون مسؤولية ذلك؟\".

وأكد المتحدث باسم الكرملين ديمتري بيسكوف أن الضربات في سوريا \"لم تحدث انقساما\" بين موسكو وأنقرة.

وقال الاثنين \"ليس سرا أن مواقف أنقرة وموسكو تتباين حول عدد من القضايا، لكن ذلك لا يمنعنا من تبادل المشاورات حول هذه التباينات\".

وأكد أن هذه الاختلافات \"لن يكون لها تأثير على امكانات التعاون حول عدد من القضايا\".

وخلال زيارة إلى أنقرة في وقت سابق من الشهر الحالي أطلق بوتين بناء أول مفاعل نووي تركي لإنتاج الطاقة تبنيه روسيا.

وتدهورت العلاقات في الأشهر الأخيرة بين انقرة وحلفائها في الحلف الاطلسي وخصوصا واشنطن بسبب دعم التحالف الدولي الذي تقوده واشنطن في سوريا للمقاتلين الأكراد الذين تعتبرهم تركيا \"ارهابيين\".