عناق بين كيم ومون وتعهد بترسيخ السلام في ختام قمة تاريخية

طي صفحة الماضي يحتاج خطوات جريئة

بانمونجوم - تعانق زعيما كوريا الشمالية وكوريا الجنوبية الجمعة بعد التعهد بالعمل من أجل \"نزع السلاح النووي بالكامل من شبه الجزيرة الكورية\" في يوم حافل بالابتسامات والمصافحات خلال أول قمة بين الكوريتين منذ أكثر من عشرة أعوام.

وأعلن البلدان أنهما سيتعاونان مع الولايات المتحدة والصين هذا العام لإعلان نهاية رسمية للحرب الكورية التي دارت رحاها في خمسينات القرن الماضي والسعي لإبرام اتفاق لتحقيق سلام \"دائم\" و\"راسخ\" في شبه الجزيرة الكورية.

وشمل الإعلان تعهدات بالحد من التسلح بشكل تدريجي ووقف الأعمال العدائية وتحويل الحدود المحصنة بين البلدين إلى منطقة سلام والسعي لإجراء محادثات متعددة الأطراف مع دول أخرى مثل الولايات المتحدة.

واكد الزعيمان \"الهدف المشترك المتمثل بالتوصل الى شبه جزيرة خالية من السلاح النووي من خلال نزع الاسلحة\".

كما اتفقا على السعي للتوصل هذا العام إلى نهاية دائمة للحرب الكورية بعد 65 عاما على انتهاء الأعمال العدائية بهدنة وليس بمعاهدة سلام.

وقال الزعيمان إن مون سيزور بيونغيانغ \"في الخريف\" وأكدا التزامهما إجراء \"اجتماعات منتظمة ومحادثات هاتفية مباشرة\"، لكن كيم لم يذكر نزع أسلحة بلاده النووية.

ولفت خبراء إلى أنه فيما تعد القمة خطوة أولى جيدة، إلا أن وعودا مشابهة أعلنت في السابق ولا يزال يتعين بذل الكثير من الجهود لحل مسألة الترسانة الذرية للشمال.

وفي الأسابيع القليلة المقبلة يعقد كيم قمة مرتقبة مع الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي طالب بيونغيانغ بالتخلي عن أسلحتها النووية، ستشكل مؤشرا على تحقيق تقدم.

ورحب ترامب بقمة الكوريتين ووصفها بالتاريخية لكنه حذر من أن \"الأمور لن تتضح إلا بمرور الوقت\".

وقال في تغريدة \"الحرب الكورية إلى خواتمها! إن الولايات المتحدة يجب أن تشعر مع كامل شعبها العظيم بفخر كبير لما يحصل حاليا في كوريا\".

واختتم إعلان بانمونجوم يوما استثنائيا لم يكن التفكير به ممكنا قبل أشهر، بعد أن قامت كوريا الشمالية بتجربة نووية سادسة واطلاق صواريخ، ما أدى إلى فرض عقوبات دولية جديدة عليها.

وكان كيم وترامب قد تبادلا الاهانات الشخصية والتهديد بالحرب ما فاقم التوتر قبل أن يستغل مون استضافة بلاده الالعاب الاولمبية الشتوية للسعي إلى حوار، بتقارب دبلوماسي أسفر عن قمة الجمعة.

وقال كيم لاحقا ان قرية الهدنة بانمونجوم \"رمز لتقسيم يفطر القلب\" لكنها إذا أصبحت \"رمزا للسلام، فإن الدم الواحد واللغة الواحدة والتاريخ المشترك والثقافة الواحدة في الشمال والجنوب ستعود مجددا واحدة\".

وتعهد بأن تلتزم الكوريتان العمل على \"عدم تكرار التاريخ المؤسف الذي تبددت فيه اتفاقات سابقة بين الكوريتين بعد اعلانها\".

وفي الاعلان قال الزعيمان إنهما سيسعيان الى الالتقاء هذا العام مع الولايات المتحدة وربما الصين وكلاهما من الأطراف الموقعة على وقف اطلاق النار عام 1953\"بهدف اعلان نهاية للحرب، وتحويل الهدنة إلى معاهدة سلام وإقامة سلام دائم وراسخ\".

لكن الاتفاق على معاهدة لإنهاء الحرب رسميا سيكون معقدا فكل من سيول وبيونغيانغ تطالبان بالسيادة المطلقة على كامل شبه الجزيرة الكورية.

وكان مون رحب بإعلان الشمال وقف التجارب النووية وعمليات اطلاق الصواريخ البعيدة المدى ووصف ذلك \"بالخطوة المهمة نحو النزع التام للأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية\"، لكن لم يتضح بعد حجم التقدم في المسألة النووية، فطالما أصرت بيونغيانغ على أنها تحتاج للأسلحة النووية للدفاع عن نفسها بمواجهة اجتياح أميركي.

ولا زال الشمال يطالب بضمانات أمنية غير محددة لمناقشة ترسانته النووية، فيما تمارس واشنطن ضغوطها للتخلي عن اسلحته بشكل كامل ويمكن التحقق منه ولا رجوع عنه.

وتأكيد الالتزام بنزع الأسلحة النووية في شبه الجزيرة الكورية \"ليس جديدا\" بحسب استاذ العلوم السياسية في جامعة إم.آي.تي فيبين نارنغ، لكنه أضاف \"إعادة تأكيده أفضل من عدم إعادة تأكيده\".

وقال بول هينل من مركز كارنغي-تسينغوا في بكين إن ذلك \"خطوة أولى ضمن جهود دبلوماسية أوسع\".

وتابع \"مثل لعبة شطرنج، هذه الخطوة تفتح سلسلة من تطورات ممكنة ولكن بطرق عدة، العمل الجاد يبدأ فعلا الآن\".

وأصبح كيم جونغ أون الجمعة أول زعيم لكوريا الشمالية تطأ قدماه الجنوب منذ الحرب الكورية بين عامي 1950 و1953 بعد أن صافح مون فوق حاجز خرساني قصير يرسم الحدود بين البلدين في قرية بانمونجوم التي تعرف بقرية الهدنة.

والمصافحة الطويلة بين الزعيمين تتناقض مع ما حصل خلال قمة الكوريتين في العام 2000 بين والد الزعيم الحالي كيم جونغ ايل والرئيس الكوري الجنوبي في تلك الفترة كيم داي-جونغ. وعلى رغم قوتها، لم تستمر سوى خمس ثوان.

ومصافحة 2007 كانت أيضا أكثر دقة، ثلاث ثوان، ويد واحدة فقط، فيما استقبل كيم جونغ ايل روه مو-هيون في بيونغيانغ.

ومنذ ذلك الحين، تقدم الشمال بخطوات عملاقة في طموحاته النووية.

وفي 2017، أجرت بيونغيانغ تجربتها النووية الأهم حتى اليوم، واختبرت صواريخ بالستية عابرة للقارات واضعة أراضي القارة الأميركية في مرماها.

وهدد الشمال أحيانا بتحويل سيول وواشنطن إلى \"بحر من النيران\" وبأن يوجه نحوهما \"سيف\" ترسانته النووية.

لكن الصورة التي انطبعت في الأذهان الجمعة هي صورة زعيمين يجتازان الحدود، يدا بيد، نحو قمة يأمل كثيرون في أن تعلن عن مستقبل يتسم بالمزيد من السلام والأمان.

وتأتي القمة قبل أسابيع من لقاء مزمع بين كيم والرئيس الأميركي دونالد ترامب والذي سيكون أول اجتماع على الإطلاق بين زعيمين للبلدين في السلطة.

وأشاد ترامب الجمعة بـ\"المساعدة الكبيرة\" التي قدمها نظيره الصيني حول كوريا الشمالية التي سلكت مسار الدبلوماسية بعد تجارب نووية وصاروخية أدت إلى تصاعد التوتر.

وقال ترامب في تغريدة \"رجاء عدم نسيان المساعدة الكبيرة التي قدمها صديقي رئيس الصين شي، للولايات المتحدة وخصوصا على حدود كوريا الشمالية. لولاه لكانت العملية أطول وأكثر صعوبة\".

والصين هي الحليف الرئيسي الوحيد لكوريا الشمالية لكنها أيدت مجموعة من العقوبات الدولية على بيونغيانغ ردا على تجاربها النووية والصاروخية.