غلادييتور يعيد الحياة لمدرج روما القديم

روما- من نيكولاس ريجيلو
غلادييتور اعاد له بريقه

لم يدم حكم الامبراطور تيتوس فسباسيانوس أوغسطس لروما أكثر من عامين، ولكن عهده القصير هذا غير من شكل المدينة إلى الابد.

فبعد أن خلف أباه فسباسيان في عام 79 الميلادي، نال القائد السابق لحرس البرايتوري شعبية غير متوقعة.

وعمد تيتوس (39 عاما) الذي تمتع بمظهر جذاب وبثقافة رفيعة إلى منح التعويضات السخية إلى ضحايا بومبي، فبنى "أركو دي تيتو" أو قوس تيتو لتخليد ذكرى استيلائه على القدس بل ووجد وقتا لبناء الحمامات العامة.

ولكن من بين كل إنجازاته، يبقى إنشاء مدرج روما القديم (الكولوسيوم) في عام 80 الميلادي هو الاهم تاريخيا. وصاحبت تأسيس المسرح احتفالات صاخبة امتدت أكثر من 100 يوم وليلة. ويقال أن أكثر من خمسة آلاف رأس من الماشية والاغنام ذبحت خلال هذه الاحتفالات.

إلا أن زهاء ألفي عام من الحروب والزلازل وعوامل التراجع العامة الاخرى حولت هذا الصرح الذي رمز في وقت ما لمجد الامبراطورية إلى مجرد أطلال.

والان باتت مهمة إعادة إعمار كولوسيوم روما تقع على كاهل المعماري جانجاكومو مارتينيز. فهو المسئول عن مشروع ميزانيته 18 مليون دولار لاعادة بناء الصرح، وهو ما يجعله أكبر مشروع من نوعه منذ عام 1836.

ويرمي المشروع إلى تحقيق أكثر من هدف، على رأسها توفير الاعتمادات المالية اللازمة للابحاث الضرورية في حالة أكبر المباني القائمة حاليا من العصور القديمة. ومن الاهداف الاخرى الهامة أيضا توفير المزيد من المساحات المفتوحة المخصصة للسائحين.

وعندما بدأت التجديدات في 1995 لم يكن متاحا أمام الجمهور سوى 15 بالمائة فقط من مساحة الكولوسيوم. ويأمل مارتينيز أنه بحلول عام 2003 المحدد لانتهاء المشروع سيكون 85 بالمائة من مساحته متاحا أمام الزوار.

ويؤكد مارتينيز أنه كلما سمح للزوار بالتجول في جزء أكبر من المسرح كلما أمكن الحفاظ عليه مستقبلا بدرجة أكبر.

ويقول "السائحون مهمون لسلامة الكولوسيوم، فهم يبقونه في حالة عمل".

ولا يسع زوار المسرح إلا أن يشعروا بالامتنان لهذه النظرية غير التقليدية التي أتى بها مارتينيز وأثارت دهشة كثيرين من زملائه.

وكانت النتيجة أن بلغ عدد زوار المسرح المدرج، الاشهر على مستوى العالم، مليونان ونصف المليون العام الماضي وحده مما رفعه إلى صدارة قائمة المواقع السياحية الايطالية.

وفي ضوء نجاح فيلم المصارع أو "غلادييتور" من إخراج رايدلي سكوت تزايد اهتمام السائحين بزيارة المسرح بحيث بلغ عدد زواره في النصف الاول من هذا العام وحده 1.6 مليون شخص وفقا لبيانات غير رسمية أطلقتها وزارة الثقافة الايطالية.

ولا يسمح للزوار في الوقت الحالي بأكثر من زيارة أرض المسرح والطابق الاول منه. لكن التجديدات بدأت بالفعل في إحداث نتائج هامة مثل إقامة طريق خشبي يجتاز الحلبة بما يتيح رؤية أفضل للزنزانات التي كانت تستخدم لاحتجاز العبيد والوحوش.

وبدأ منذ أيام معرض للمصارعة بعنوان "الدماء والحلبة" في المستوى الثاني من المسرح المدرج وفي منطقة كانت محظورة سابقا على الزوار.

يضم المعرض الذي يستمر حتى نهاية العام الحالي 150 قطعة معروضات منها دروع وأسلحة وخوذات عثر عليها في تنقيب عن الآثار في ثكنات للمصارعين في بومبي.

وأتاح التمويل المقدم من مصرف إيطالي ضخم لعلماء الآثار دراسة مناطق جديدة منها ممر خاص بناه الامبراطور كومودوس، الشرير في فيلم "غلادييتور".

ويصل الممر الذي يقع تحت سطح الارض بستة أمتار بين المنصة المخصصة للامبراطور في المسرح ونقطة خارجية غير معلومة. ويعتقد أنه كان مخرجا للامبراطور في حالات وقوع طوارئ.

ويقول مارتينيز أنه في يوم ما قد يسمح للزوار بالصعود إلى الطابق الاعلى من المدرج الذي يصل ارتفاعه إلى 42 مترا ويتيح مشهدا خلابا للمدينة باتساع 180 درجة.

ويؤكد أن "كل ذلك يعتمد على إبقائه في حالة عمل".