تحفظ سعودي على فكرة انتخاب أعضاء مجلس الشورى

آراء اعضاء مجلس الشورى غير ملزمة للحكومة السعودية

الرياض - اعتبر أمير سعودي الاثنين أن اللجوء إلى انتخاب أعضاء مجلس الشورى السعودي بدلا من سياسة التعيين والاختيار المعمول بها في المملكة العربية السعودية "أمر سابق لاوانه ولا تتفق مع أصول الشريعة الاسلامية".
وقال الامير سلطان بن تركي بن عبد العزيز نجل شقيق العاهل السعودي الملك فهد بن عبد العزيز في حديث لوكالة الانباء الالمانية "أن الناس في حال تطبيق مبدأ الانتخاب الحر لاعضاء مجلس الشورى لن ينجحوا في اختيار الاعضاء الاكفاء ذوي الاختصاص وأصحاب التأهيل العالي والخبرات الطويلة"، ودلل على ذلك بما يحدث في دول - لم يسمها - حيث قال أن يصل بعض المرشحين يصلون إلى مناصبهم "من خلال شراء الاصوات بالمال".


وقال "إن إنشاء المجلس جاء ليكون قاعدة الشورى في العديد من القضايا الداخلية والخارجية، وهو تأكيد على توسيع وتوزيع دائرة عمل الدولة الكبير".

وكان العاهل السعودي الملك فهد قد رفع في 24 حزيران/يونيو الماضي عدد أعضاء مجلس الشورى (هيئة استشارية) من 90 إلى 120 عضوا لولاية من أربعة أعوام.

وارتفع عدد أعضاء هذا المجلس، الذي يقتصر دوره على تقديم المشورة ورفع توصياته للحكومة دون أي الزام، من 60 عضوا خلال ولايته الاولى عام 1993 إلى 90 عضوا خلال ولايته الثانية عام 1997.

وأضاف الامير سلطان الذي كان يتحدث في منزله في الرياض أن "بعض الدعوات الغربية التي تطلق بين الحين والاخر ويرددها البعض منا عن جهل وغباء دعوات غريبة عنا فعلا ولا تمت للواقع السعودي بصلة".

ولكنه أكد احترام الشعب السعودي للشعوب الغربية "وفوائدها لنا في نقل العلوم والتقنيات شيء أساسي، ولكننا لسنا ملزمين أن تتطابق عاداتنا، وتقاليدنا مع نظمها الاجتماعية والسلوكية، وهذا لا يضعها في مأمن من النقد إذا ما حاولت أن تطبع الآخرين بثقافتها وفلسفة حياتها، التي تتعارض جزئيا أو كليا مع ثقافات الآخرين" مشددا على أن "سجل المملكة السياسي ظل واضحا، إذ لم تذعن للضغوط، أو تقبل بأنصاف الحلول فيما يتعلق بمبادئها، وثوابتها الاسلامية".

يشار إلى أن رجل الاعمال السعودي الامير الوليد بن طلال أدلى مؤخرا بتصريحات لصحيفة "نيويورك تايمز" دعا فيها إلى تطبيق مبدأ الانتخابات في السعودية والى تحول ديمقراطي في النظام الملكي في بلاده منتقدا الاداء السياسي للاسرة الحاكمة السعودية.

وانتقد الامير سلطان تصريحات الامير الوليد بن طلال بهذا الشأن ووصفها بأنها "لا تمت للواقع السعودي بصلة ولا تمثل حقيقة الموقف السعودي".

وأعرب الامير سلطان عن اعتقاده "أن تصريحات الامير الوليد بن طلال تصب في مصلحة الغرب والجهات المعادية للسياسة السعودية" مشيرا إلى "التفاف الشعب السعودي بكل فئاته حول قيادته ونظام حكمه".

كما انتقد الاعلام الغربي وبخاصة الاميركي "الذي يملك حرية الاعتداء على الآخرين، والتسفيه بهم، وهذا شأنه مع أخلاقيات ومسئوليات النشر، لكننا نعلم أنه يرفض، وبشكل سافر أن يتقدم مفكر عربي وإسلامي في كشف التحالف المشترك بين واشنطن وإسرائيل، وهذا بذاته حكم على حرية مسيسة، لاعلام مسيس".

وكان العاهل السعودي قد أعرب عن امتعاضه في عدد من اجتماعات مجلس الوزراء مؤخرا من "الحملة التي تشنها دول أو دولة على السعودية"، مؤكدا "أن هذه الحملات ستدحر وان المملكة لا يهمها كل من تكلم وانتقد".

وأكد الامير سلطان أن المواطن السعودي "عاش تغير الظروف حين انتقل من خيمة الصحراء، وبيوت الطين في الواحات والمدن الصغيرة، إلى آفاق المعرفة، والتنمية الاقتصادية، والتحول من النمط التقليدي إلى إدارة المعمار الشامل للمدينة، والجامعة، ومراكز العلوم المتطورة وبدون إخلال بالقيم، وهذه ثمرة عمل كبير وازن بين مختلف الظروف، حتى يبقى الايقاع ثابتا في رسم الخطط وتنفيذها وفقاً لتساوي المسئوليات بين الدولة والمواطن في تشييد البناء الكبير بعيدا عن وسائل الدعاية والاعلام التي تلجأ إليها بعض الدول الديمقراطية".

وقال أن المملكة "استطاعت أن تكون الممثل الحقيقي لعالمها العربي والاسلامي، بسياستها المفتوحة على كل الافاق، ولكن بقيود مصالح الامة العربية، والعالم الاسلامي، وهذا التميز قادها أن تكون مركز الثقل، ليس بمخزون ثرواتها ومقدسات المسلمين في مكة المكرمة، والمدينة المنورة، وإنما بموروثها التاريخي الذي جعل شعبها مؤمنا بأن كيانها الكبير، هو قطب الالتقاء".

وردا على سؤال عما تردد عن وجود نقاش داخل الاسرة المالكة في السعودية بشأن توسيع المشاركة السياسية الشعبية في المملكة خاصة مع تزايد احتمالات تهديدات أمن المنطقة، قال الامير سلطان "إن الذين يتجهون لتهديد المنطقة ولهم أطماع فيها وبثروات شعوبها واستقرارها، هؤلاء يجدون مدخلهم في الطعن بالحكومات ويعتقدون أن نسفها يحقق رغبات شعبية. ولكن التفاف شعوب المنطقة حول حكوماتها يسقط أوراق الاعداء".


وقال الامير سلطان "الحكومات في الخليج لم تأت من الصفوف الخلفية وفي انقلاب عسكري تحت جنح الظلام .. لقد ولدت وترعرعت مع الناس منذ أكثر من قرنين من الزمن، مصالحها هي مصالحهم، تقاسمت معهم مرارة الشدائد ونوازل القدر، وجابهوا جميعاً أطماع الطامعين وإشاعات المرجفين والحرب على رغيف الخبز والعلاقة التي بنيت على ثوابت واضحة هي التي هيأت ظروف الاستقرار".

واستطرد قائلا أن "التواجد الاجنبي لا تبرره ذرائع الحكومات إنما ضرورات مصالح الناس وهذه الحقائق مع الاسف هناك من يتجاوزها حتى من (بعض) أبناء الخليج الذين لا يرون التاريخ ببصائره".

وأكد الامير سلطان أن مشاركة الشعب السعودي في رسم سياسة بلاده أمر "واقع ويمارسه السعوديون على اختلاف طبقاتهم من خلال لقاءاتهم اليومية المباشرة مع القيادات في بلادهم أو من خلال مناقشات مجلس الشورى" التي وصفها بأنها "تفوق في جديتها وصراحتها اعرق الديمقراطيات في الغرب".

وتعليقا على صدور الميزانية السعودية دعا الامير سلطان رجال الاعمال السعوديين إلى استعادة أموالهم من خارج البلاد وتوطين استثماراتهم في الداخل مشيرا إلى أن الاسواق المالية العالمية "تعرضت إلى هزات رئيسية أعادت ترتيب أولويات وتصورات الاستثمار العالمي ومناطقه الآمنة والمغرية، وفي مقدمها أسواق الولايات المتحدة الاميركية التي مازالت تتعرض للانتكاسات".

وقال أن تلك الاحداث دفعت بالحكومة الاميركية إلى التدخل لشراء الاسهم والسندات أو التدخل في إدارة السوق "بل وصلت إلى حد أنها منعت في وقت سابق وبشكل غير مباشر البيع المكثف قصير المدى. وكانت هذه مفارقة، أن تتدخل الحكومة في حرية البيع والشراء خصوصا في اقتصاد حر ومفتوح".

وتقدر بعض المصادر حجم الاموال السعودية في الخارج بنحو 600 مليار دولار.