الألمان يفضلونه «حبا اليكترونيا»

كولونيا، ألمانيا - من ميريام تانج
ايقاع الحياة السريع يفرض أنماطا جديدة من الحب

لقد فعلها توم هانكس وميج راين في العمل الكوميدي الذي قدمته السينما الامريكية باسم "وصلك بريد".
ولكن الغزل وعبارات الاطراء والهيام بالجنس الاخر عبر أثير الانترنت ليس ضمانا لعدم إصابة المرء بحالات من خيبة الامل، والبكاء على الاطلال عندما تصيب أوتار قلبه المرهف سهام الحب.
ففي المانيا تزدهر حاليا من الوكالات الخاصة بترتيب اللقاءات الغرامية عبر تلك الوسيلة المبتكرة فيما يطلق عليه سوق الحب حيث زادت أسهم مواقع القلوب الحائرة على الشبكة السحرية التي أصبحت تقدم خدمة سريعة مطلوبة يمكن أن يطلق عليها الان خدمة توصيل الحب للمنازل بسبب إيقاع الحياة السريع.
وعلى سبيل المثال، هناك وكالة متخصصة لخدمة أشخاص لا يكفون عن الولع بإقامة علاقات غرامية "دائمة أو حتى عابرة" مثل وكالة "بلايبتروي دوت دي" ووكالة "فرندشكوت" 24 التي تقدم خدماتها الشديدة الخصوصية للاشخاص الراغبين في التعرف على الآخرين وإجراء الاتصالات اللازمة.
أما وكالة ماما وبابا والابناء دوت دي، فهي تقوم بترتيب لقاءات خاصة بين الامهات والاباء غير المتزوجين.
وتقول سوزان كونيكي في معهد الدراسات الاعلامية التابع لجامعة هينريخ هيني بمدينة دوسلدورف "لقد أدركت منذ أعوام إن الكثيرين الذين يبحثون عن شريك لهم على شبكة الانترنت يعثرون بالفعل على هذا الشريك" الملائم.
وتتعرض الرسالة العلمية التي أجرتها كونيكي سلسلة الالعاب الالكترونية التي تعرف باسم "مدز" أو الزنازين متعددة اللاعبين، وهي العاب تعتمد على المغامرات وتوجد على موقع تيلنت على الانترنت وتم تصميمها على نمط العاب اللوحات التي كانت تتمتع بالشعبية في السبعينيات والثمانينات. ولكنها خلال التسعينيات شقت طريقها إلى شبكة الانترنت.
وتؤكد أنها اكتشفت إن الاتصال على شبكة الانترنت يجري وفق نمط معين. وأن اللقاء الفعلي بين الطرفين يتم عقب فترة من تبادل الرسائل الالكترونية أو جس النبض تليها مرحلة الحديث عبر الهاتف. ثم يتبادل الاشخاص الحديث في غرف الدردشة على الانترنت من خلال مقاطع من العبارات.
ولكن من الواضح أن تطور العلاقات في سلسلة العاب مودز الالكترونية لا يختلف كثيرا عما يحدث في الواقع، حيث "يكون أمامك صورة واضحة لنصفك الاخر الذي تريد أن تلهو معه أو معها".
وتقول كونيكي "إن الاستعداد للمساعدة على سبيل المثال يمكن أن يختبر من خلال هذه الالعاب". ويمكن كذلك للصور التي تعرف باسم "إيموتس" أن تكون من بين العوامل المساعدة، ويقصد بها الصور التي يمكن تزويد الرسالة بها من أجل السماح للاعبين بأن يلتقوا بالاحضان أو يوجهوا حتى الصفعات أو يربتوا على بعضهم البعض أو حتى يركلوا أو يقبلوا بعضهم البعض" بصورة واقعية.
وتتركز الحواس، عند الاتصال عبر شبكة الانترنت، على قراءة الاحرف على الشاشة. وتوضح كونيكي "أنني لا أستطيع أن أشمه أو أسمعه أو أراه أو أشكل أي رأي خاص عن ضحكته أو تعبيرات وجهه. فإن كل هذه العناصر تكون ملغية".
واكتشفت عالمة الاعلام إن السرية تدفع المشاركين إلى الكشف تلقائيا عن أمور خاصة بحياتهم الخاصة بمعدل أسرع مما يفعلون في الواقع.
وتقول كونيكي في عبارات علمية مجردة "تخيل أنك جالس وحيدا أثناء واحدة من تلك الليالي الخوالي أمام جهاز الكمبيوتر الخاص بك عندما يوفر لك إحساسك بالامن الناجم عن السرية شعورا فجائيا بأن هناك شخص ما على الطرف الاخر تستطيع أن تبوح له بمكنون صدرك، إن وهم تآخي الارواح دائما ما يستتبع هذا الشعور حيث سيصبح محدثك على الجانب الاخر، الذي لا يحمل في مخيلتك وجها أو جسدا، تجسيدا للشريك المثالي".
ولكن هذه الاحلام الوردية كثيرا ما تتحطم عند اللقاء الاول. واكتشفت كونيكي أن البعض يحاول تجاهل الشعور الواضح بالغربة خلاله.
ويندفعون بالرغم من ذلك إلى علاقات على نمط عبارات "إنه فتى أحلامي ولا يمكنك خداعي". ولكن في الاسابيع التالية، لا يمكن الحفاظ على جذوة الخيال.
ولا تدري الباحثة بوجود أي نماذج إيجابية لهذه الحالات مثل الزواج أو الابناء أو تأسيس منزل معا "فهذه روايات لاشخاص التقوا بمحض الصدفة وظلوا على صلة لبعض الوقت دون الانشغال بالبحث عن شريك آخر خلال تلك الفترة".
وتتفق مع هذا الرأي هنريكا فروشلينج التي تدير وكالة بارشيب لترتيب اللقاءات الغرامية في هامبورج وتقول "إن الانترنت هو مكان مثالي للبحث عن شريك".
إن إجراء اختبار شخصية مكون من مائة سؤال يساعد وكالة بارشيب على القيام بمضاهاة الاشخاص ذوي الصفات الشخصية المتقاربة حيث يتم تغذية صورة الشخصية التي تم تكوينها عن طريق الاختبار في قائمة بيانات الوكالة ويجري مضاهاتها بخمس شخصيات أخرى من المشاركين على الاقل لاختيار شريك المستقبل المثالي.
وتكون هذه المرحلة الاولي مجانية، ولا يكون هناك أجر مستحق إلا عندما يحزم العميل أمره ويشرع في طلب ترتيب أول لقاء خاص مع من يختارها آدم أو تختاره حواء من بين أكثر من قائمة واسعة من المعروض.
ومن الممكن أن يتم ذلك عبر البريد الالكتروني في البداية حسب رغبته.
وتقول فروخلينج "ويفضل هذا الاختيار أولئك الذين يحرصون على إضفاء إطار من السرية على إشارة المضي".
وتستهدف الوكالة أولئك الذين يبلغون من العمر ثلاثين عاما أو يزيد. وتقول فروخلينج إن لديها قائمة طويلة من العملاء تضم 32 ألف شخص من أصحاب القلوب الخالية أو الحائرة.
وتضيف "إنهم أناس ليس لديهم الوقت أو الرغبة في أن يتركوا الامر برمته لتصريف لقدر".
وهذا هو المجال الذي تتميز فيه وكالة ترتيب اللقاءات الغرامية عن غرف الدردشة على شبكة الانترنت أو مواقع الحوار المفتوح ومثيلاتها.
ففي عالم يتسم بالايقاع السريع ، يبدو أن عدد العزاب قد ارتفع وأن تقبل وكالات ترتيب اللقاءات الغرامية قد ازدهر بشكل غير مسبوق نتيجة لذلك.
وتؤكد إحدى الدراسات التي أجرتها مؤخرا مؤسسة إي إم إن إي دي لابحاث السوق في مدينة بيليفيلد هذا التقييم.
وإذا ما استخدمت إجابات الاشخاص موضع الدراسة البالغ عددهم قرابة 1.500 شخص لاستنتاج رأي الشعب الالماني بأكمله، فإن هناك 32.3 مليون ألماني يمكنهم تصور أنفسهم يتوجهون إلى الانترنت لاقامة علاقة غرامية عابرة أو دائمة طبقا لتقديرات استقرائية.
وتشير وكالة إيه أو ال جيرماني المتخصصة في تقديم هذه الخدمة عبر الانترنت عقب استفتاء الرأي الذي أجرته إن هناك في الوقت الراهن 8.9 مليون شخص ممن يصارعون أمواج الحياة السريعة الايقاع يستخدمون الانترنت لتكوين علاقات من هذا النوع.
ويعجب الناس بعدم وجود قيمة للزمان أو المكان من خلال هذه الخدمة المميزة بالاضافة إلى السرية أو الخصوصية الشديدة التي توفرها عبر أثير الانترنت.
فإن غرف الدردشة على الانترنت ومراسلات البريد الالكتروني الجماعية ومواقع النقاش تعد أماكن مناسبة أو مثالية لترتيب اللقاء المنشود كما يمكن للعزاب أيضا أن يتفحصوا الاعلانات الصغيرة في مجلات معينة على الشبكة السحرية نفسها.
وتؤكد أحدث الدراسات الميدانية في سوق الحب والزواج أن أكثر من 60 ألف ألماني دخلوا عش الزوجية بأرجلهم بعد أن أصابهم سهم الحب عن طريق هذه الخدمة السريعة وعبر أثير شبكة الاتصالات الدولية نفسها.