أصص زينة تخبئ أجنة بشرية وتعري وجها آخرا للاجهاض في تونس

بعد صدمة العثور صدفة على أجنة فوق عيادة طبية، ما الذي يدعو النساء للجوء الى عمليات الاجهاض السرية في بلد يعد اول دولة عربية مسلمة تمكّن النساء من هذا الحق؟

تونس – صدم الرأي العام في تونس ليلة الاربعاء بعد العثور صدفة على اجنة بشرية داخل اصيص احد العيادات الطبية الخاصة، في حادثة تلقي الضوء على توسع رقعة عمليات الاجهاض غير القانونية في بلد يفاخر بانه استثناء في المنطقة في مجال حقوق المرأة والحقوق الانجابية على وجه خاص.

وعشية الأربعاء فتحت الأجهزة الامنية، بحثا إثر العثور على 5 أجنّة غير مكتملة النمو مدفونة داخل أصيص فوق سطح عيادة طبيّة مغلقة بمدينة بنزرت الساحلية، حسب ما أفاد به مصدر أمني في تصريح لاذاعة موزاييك الخاصة.

وأوضح ذات المصدر أنّه خلال أحداث الشغب التي شهدتها بعض شوارع مدينة بنزرت، إثر المباراة التي جمعت النادي البنزرتي بالترجي الرياضي التونسي، ألقى بعض الشبّان من إحدى الأسطح أصيصا على قوّات الأمن لتكسّر وتخرج منه أجنّة غير مكتملة النمو.

وقد رجّح المصدر الأمني أنّ الأجنة مصدرها عمليّات إجهاض تمّ القيام بها داخل العيادة المغلقة.

وطبعت الصدمة اغلب تعليقات مستخدمو وسائل التواصل الاجتماعي على الحادثة، فيما اعتبروه برهانا جديدا على وصول البلاد لمرحلة غير مسبوقة من الانحدار الاجتماعي.

وانتشرت صور ومقاطع فيديو لما يبدو انه أجنة بشرية ملقاة على الاسفلت في الطريق وسط بقايات أتربة.

وتونس أول دولة عربية مسلمة تمكّن النساء من الإجهاض منذ سنة 1973، فما الذي يدعو نساء للجوء الى عمليات الاجهاض السرية؟

ورغم ان الاجهاض يعد حقا مكتسبا على الورق تبدو الامور مختلفة كثيرا في الواقع في تباين زادته السنوات الاخيرة وما رفقها من اضطرابات اجتماعية وسياسية عمقا.

وتعلق تونسيات كثيرات ترغبن في التخلص من الاجنة بين كماشة نقص الأدوية ورفض العاملين في مجال الرعاية الصحية والتفاوتات الإقليمية.

ويكفل القانون التونسي حق الاجهاض لكن وفق شروط محددة.

 ويصف القانون الإجهاض "بأنه إسقاط حمل قبل موعد إتمام خلقه أو قبل موعد ولادته". ويجيز الفصل 214 من المجلة الجزائية "إسقاط الجنين في حالتين؛ إذا لم تتجاوز مدّة الحمل الثلاثة أشهر الأولى، أو يرخص فيه بعد الثلاثة أشهر إذا ما كان يُخشى من أن يتسبب تواصل الحمل في انهيار صحة الأم. وفي كلا الحالتين، لا بد من إسقاط الحمل في مستشفى أو مصحّة مرخص لها بواسطة طبيب مباشر لمهنته بصفة قانونية، تجنباً لأي خطر على صحة الأم".
وينصّ القانون أيضاً على أنه "في ما عدا هذين الاستثناءين، يمنع القانون الإجهاض أو محاولة إسقاط الحمل ولو برضى الحامل نفسها".

ويعاقب القانون "استعمال جميع الوسائل من أطعمة ومشروبات وأدوية أو وسائل أخرى لإسقاط الحمل، وبالسجن أو الغرامة أو بإحدى العقوبتين، الأم المعنية بالأمر ومن ساعدها أو أشار إليها بذلك". كما ينصّ على أن "تعاقب المرأة على جريمة الإجهاض تحت أيّ ظرف، سواء استخدمت وسيلة منزلية للإجهاض أو توجهت إلى مركز مجهز، بالسجن لمدّة عامين وغرامة مالية قدرها 650 دولارا.

كما يعاقب بالسجن والغرامة المالية من ساعدها على ذلك من أهل وأقارب والطبيب الذي أجرى العملية أو الصيدلي الذي باع دواء الإجهاض. ويعاقب بالسجن لمدّة 5 سنوات وغرامة مالية قدرها 3500 دولار كل من ساعد على الإجهاض. وتشدد العقوبة لتصل إلى 10 سنوات لمن ساعد على الإجهاض وله سلطة طبية بأداء الإسقاط أو إعطاء أدوية تساعد فيه".

وتضطرّ العديد من النساء الراغبات في الإجهاض، خصوصا ممن تجاوزت مدّة حملهنّ الثلاثة أشهر، إلى الذهاب إلى العيادات الخاصة المخالفة للقانون والساعية لتحقيق أرباح مالية كبيرة. وتُفضل العديد من العازبات الاحتفاظ بالجنين، على الرغم من الوصمة الاجتماعية بسبب الإنجاب خارج إطار الزواج. وبحسب الإحصائيات الرسمية، يتم سنوياً تسجيل أكثر من 1500 طفل لأمهات عازبات.

ويرى نشاطون في مجال حقوق المراة انه يتم تضييق النفاذ إلى الإجهاض بشكل متزايد ولكن دون وجود ما يحظره صراحة.

ويرى كثيرون ان الحق في الإجهاض لم يعد مكفولا بعد صعود حزب النهضة ذي المرجعية الاخوانية للحكم.

وتشكو المؤسسات العمومية إلى جانب النقص في الأدوية نقصا على مستوى الأعوان، ما يجبر كثيرات خاصة من النساء العازبات ، الى اللجوء الى العيادات الخاصة، كما ان المخاوف من انعدام السرية خاصة في المناطق الريفية فضلا عن المعاملة السيئة والوصم داخل المراكز الحكومية، يعزز هذا التوجه.

ويتراوح معدل تكلفة عملية الإجهاض عن طريق الشفط في مصحة خاصة بين مئة دولار و نحو 150 دولار، وعادة ما يقع تفضيل هذه الطريقة الجراحية بدل الإجهاض الدوائي.

لكن المبلغ قد يتضاعف عدة مرات في حال كان الاجهاض غير قانوني.