أمجد توفيق .. نهر بين قرنين

حمدي مخلف الحديثي يستعرض في كتابه مآثر الكاتب القدير والروائي العراقي الملم بأدوات لغته ومضامينه السردية.
الناقد أوفى الرجل حقه من الإهتمام، ومنحه المنازل التي تستحق
الكتاب النقدي التحليلي رشيق العبارة ومبهر في أساليب العرض

أتحفنا الناقد الأدبي والتشكيلي حمدي مخلف الحديثي بإطلالة نقدية لمسيرة أحد شواخص قمم الرواية العراقية وكتاب قصتها المبدعين الروائي هو القاص والكاتب أمجد توفيق، ضمن كتاب صدر حديثا بعنوان: "نهر بين قرنين"، يستعرض فيه الناقد مآثر الكاتب القدير والروائي الملم بأدوات لغته ومضامينه السردية أمجد توفيق القصصية والروائية ومسيرة امتدت بين قرنين من الزمان من إبداعات الأدباء والروائيين العراقيين الذين حسبوا على جيل الستينيات والسبعينيات، وهو الجيل الأكثر عطاء والأكثر خصوبة والأكثر ثمارا إبداعية، نالت حظوتها في الوسط الثقافي العراقي والعربي، غاص الناقد في أعماق مكنوناتها بأسلوب نقدي محترف، مستذكرا باعتزاز تجربة أينعت ثمارها الإبداعية بإسلوب متقن وبلاغة متناهية في المضامين والتوجهات وطريقة السرد والرؤية المتخيلة للواقع، حتى عد الناقد الحصيف تلك المرحلة من أكثر مراحل العراق سطوعا في شمس الإبداع والتمازج بين الواقع والخيال برؤية روائية، ستبقى سفرا أدبيا ثرا، يضيء سماع الثقافة والأدب العراقي بأروع ما تفتقت به عبقرية الروائي والقاص والكاتب أمجد توفيق من صور ومعان بلاغية، حتى استحقت أن تدخل أبواب الإطلاع على سيرها العطرة من أوسع أبوابها.
كان الناقد والتشكيلي حمدي مخلف الحديثي حريصا كل الحرص على إظهار قيم الوفاء لتلك المرحلة ومبدعيها، والغوص في مكنونات مبدعيها ونتاجها الفكري والفلسفي والنقدي، وبخاصة أنه كان يرتبط بذكريات جميلة مع الروائي والقاص أمجد توفيق منذ سنوات طوال، وعاصر الكثير من تجاربه الابداعية، حتى أوفى الرجل بوعده، فكانت حصيلته هذا الكتاب النقدي التحليلي الرشيق العبارة والمبهر في أساليب العرض، متسلحا بثقافة نقدية وأدبية وتجربة أدبية مكنته من أن يخوض بحور النقد، ويبدع فيها أيما إبداع.
وقد استعرض الناقد والتشكيلي المحترف حمدي الحديثي مجموعات قصصية للروائي أمجد توفيق القصص، مشيرا إلى "أن القاص بنى إضاءاته في هذه المجموعة على طبيعة شمال العراق، بتشوق وعمق إنساني ورؤيا نقدية للواقع المصحوب بالتخيل الممشوق الرؤى الدلالية، ونجد القاص حلل بتكثيف وجمالية سردية الأحداث، حتى إن أبطال القصص، متعددي المستويات الاجتماعية، وهم ممن يعيشون في أماكن طبيعية متعددة، وأزمنة مختلفة، لافتا إلى أن قصص هذه المجموعة لا تحاصر الشخوص بأفكار عادية جامدة مقيدة للشخصية، بل أنها تعطيها حرية البقاء الحياتي والحركة. وبصورة عامة، تعد أجواء قصص الجبل الابيض، مكملة لأجواء المجموعة الأولى "الثلج.. الثلج". 

نقد أدبي
إضافة نوعية 

وما إن تمعن في الكتاب السردي التحليلي للناقد والتشكيلي المبدع حمدي الحديثي عن أمجد توفيق، وبخاصة روايتيه الأخيرتين "الظلال الطويلة" و"الساخر العظيم"، اللتين تعدان من أفضل أعماله الإبداعية سطوعا وتألقا، وقد أسهمت في تأشير مرحلتين مهمتين من تاريخ العراق، حيث استعرضت رواية "الظلال الطويلة" فترة الإحتلال الأميركي للعراق عام 2003 وما تلاه من سلوكيات مريضة وأخرى قاومت الإحتلال بكل ما أوتي من قوة، والأخرى "الساخر العظيم" التي استعرضت فصولها التي تجاوزت صفحاتها الـ 662 صفحة، مرحلة احتلال نينوى من قبل عصابات داعش عام 2014 وما تحملته نينوى من مآسي الإحتلال والتهجير والحرمان وكل أساليب الاستهداف والقهر غير المشروعة، لتاريخ شعب له جذور ضاربة في أعماق التاريخ بأسلوب سردي واقعي وتخيلي، نال إعجاب وثناء وتقدير الكتاب وكل المعنيين بالثقافة والإبداع، وقد أبلى أبناء نينوى في الدفاع عن مدينتهم، وأسهموا بفاعلية مع قوات الجيش والقوات الأمنية في مرحلة تحريرها من براثن هذا التنظيم الإجرامي، حتى ترى أن الناقد قد أوفى الرجل حقه من الإهتمام، وهو الذي منحه المنازل التي تستحق، على شاكلة كل من أدلى بدلوه من كبار مبدعي الثقافة ورجالاتها الأشاوس عند تقييم تجربة الرجل الإبداعية وسبر أغوارها. 
وقال الناقد ضمن تقييمه لرواية الساخر العظيم: "لقد جاءت (الساخر العظيم) إختراقا لبنية الرواية العراقية، وتدميرا للروايات التي كتبت ما بعد 9/4/2003 خصوصا تلك الروايات الباهتة في مرورها بالإرهاب والمقاومة".
والكتاب النقدي "نهر بين قرنين" بلغت عدد صفحاته 205 صفحات، وهو من تصميم القاص المبدع نهار حسب الله، ويعد إضافة نوعية للرواية والقصة العراقية التي تلألأت نجومها بين سماء الإبداع العراقي، حتى أينعت كل تلك الثمار الطيبة التي سيقطفها كل الحالمين بوهج الثقافة العراقية وسطوع أنجمها في سماء الإبداع.