أمير الكويت يحل البرلمان في خطوة جاءت أسرع من المتوقع

الأمير مشعل الأحمد ينتهج سياسة صارمة بعدم التهاون فيما يصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية من مخالفات أو إخلالات أو تعطيل لمصالح البلاد.

أصدر أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح اليوم الخميس مرسوما أميريا بحل مجلس الأمة في خطوة جاءت أسرع مما كان متوقعا، بينما كانت مصادر قد أشارت بالفعل إلى بوادر أزمة بين السلطتين التشريعية والتنفيذية على خلفية مقاطعة الحكومة لجلسة برلمانية في اللحظات الأخيرة وارجاء الجلسة إلى الخامس والسادس من شهر مارس المقبل.

وأفادت وكالة الأنباء الكويتية بصدور مرسوم أميري بحل مجلس الأمة بسبب ما بدر من المجلس من تجاوز للثوابت الدستورية في إبراز الاحترام الواجب للمقام السامي، وتعمد استخدام العبارات الماسة غير المنضبطة، وذلك بعد أول أزمة سياسية في الكويت خلال العهد الجديد، بعد أن تغيبت الحكومة الأربعاء عن حضور جلسة برلمانية احتجاجاً على "إساءة ضمنية صدرت من أحد النواب في أثناء مناقشة الردّ على الخطاب الأميري".

وبعد مطالبة رئيس المجلس أحمد السعدون، بشطب مداخلة النائب عبد الكريم الكندري من مضبطة المجلس، صوت أغلبية النواب (44 صوتاً) بعدم شطب مداخلة الكندري. وفسّر المطالبون بالشطب المداخلة بأنها تتضمن مسّاً بالذات الأميرية، وهو ما يخالف الدستور.

واعتراضاً على إجراء المجلس، قاطعت الحكومة جلسة البرلمان الأربعاء، ما ألقى بظلاله على علاقة السلطتين؛ حتى جلسة الخميس التي لم تنعقد لغياب الحكومة. وبعد غياب الحكومة، قال وزير الدولة لشؤون الشباب وزير الدولة لشؤون الاتصالات داود معرفي، إنّ "المادة 54 من الدستور، (تنص على أن) الأمير رئيس الدولة وذاته مصونة لا تُمس".

ويشير حل البرلمان إلى مضي الأمير الشيخ مشعل الأحمد في سياسته الصارمة بعدم التهاون في ما يصدر عن السلطتين التشريعية والتنفيذية من مخالفات أو إخلالات أو تعطيل لمصالح البلاد، ففي أول خطاب له بعد أدائه اليمين الدستورية أمام مجلس الأمة في 20 ديسمبر/كانون الثاني الماضي، شنّ هجوماً شديداً على الحكومة ومجلس الأمة، متهماً إياهما بالتواطؤ في الإضرار بمصالح البلاد.

وقال الشيخ مشعل الأحمد، الذي تَسلّم الحُكم خَلفاً لأخيه الأمير الراحل، الشيخ نواف الأحمد الصباح، في خطابه أمام البرلمان "إن الحكومة والمجلس توافقا على الإضرار بمصالح الكويت، وما حصل في تعيينات المناصب القيادية دليل على عدم الإنصاف"، ثم أشار إلى "ما حصل من تغيير للهوية الكويتية، وملف العفو وتداعياته، والتسابق لإقرار قانون رد الاعتبار، كأنها صفقة تبادل مصالح بينهما".

وكان السعدون قد صرح إن الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح، رئيس مجلس الوزراء، "أبلغني في اتصال هاتفي بأن الحكومة لن تحضر الجلسة، وكذلك أبلغني نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدولة لشؤون مجلس الوزراء شريدة المعوشرجي، بعدم حضور الحكومة الجلسة على أن تُعقد يومَي الخامس والسادس من شهر مارس المقبل".
وكان من المقرر أن يتصدر تقرير اللجنة التشريعية بشأن تعديل قانون المفوضية العامة للانتخابات جدول أعمال جلسة، الأربعاء، وهو الآخر يشهد اختلافاً بين الحكومة واللجنة التشريعية، بعد موافقة الحكومة على مشروع قانون بتعديل بعض أحكام قانون المفوضية، وسط تمسك اللجنة التشريعية في تقريرها بآلية التعيين للقضاة في المفوضية، مقابل تمسك الحكومة بآلية الندب.

كما اعتبر النائب سعود العصفور أن غياب الحكومة عن جلسة مناقشة برنامج عملها ورفضها الاحتكام إلى آلية التصويت التي شاركت بها من دون احتجاج رسمي... "عبث وتعطيل لا يمكن قبوله". وأضاف خلال مؤتمر صحافي عقده في مجلس الأمة "مثلما ذكرنا في سياق الرد على الخطاب الأميري... البلد معطَّل فعلياً ولا نملك رفاهية الانتظار ولا سعة الوقت في ظل حاجة ملحّة إلى العمل وبشكل فوري ومتسارع لإصلاح الأوضاع والمنافسة في إقليم يتسابق على الفرص".

وفي 4 يناير /كانون الثاني الحالي، صدر أمرٌ أميري بتعيين الشيخ الدكتور محمد صباح السالم الصباح رئيساً لمجلس الوزراء، في حين صدر في 17 من الشهر نفسه، المرسوم الأميري بتشكيل الوزارة الجديدة التي تضم 13 وزيراً وأدّوا اليمين الدستورية أمام سمو الأمير في اليوم نفسه.

وكان أمير الكويت الشيخ مشعل الأحمد الصباح، قد اختار في لقائه مع الحكومة الجديدة بعد أدائها اليمين الدستورية، في 17 يناير/كانون الثاني الماضي برئاسة الشيخ محمد صباح السالم، أن يصف المرحلة الجديدة التي تُباشر فيها الحكومة الجديدة مهامّها، بأنها مرحلة جديدة عنوانها "الإصلاح والتطوير"، ركائزها "العمل والإشراف والرقابة والمحاسبة"، وإطارها "الواجبات والحقوق الوطنية".