أوكرانيا ترفض دعوات غربية للانفتاح على حوار مع روسيا

مستشار الرئيس الأوكراني يعبر عن استغرابه من صدور دعوات غربية تنادي بلاده بالدخول في مفاوضات مع روسيا بينما تحقق كييف انتصارات ميدانية.
كييف ترى ميل موسكو لمحادثات سلام مجرد مناورة لالتقاط الأنفاس
واشنطن ترى أن الفرصة مناسبة لدخول كييف في مفاوضات سلام مع موسكو
مستشار زيلينسكي ينفي وجود ضغوط غربية على أوكرانيا للتفاوض مع روسيا

كييف - عبرت أوكرانيا اليوم الأحد عن استغرابها من تنامي الدعوات الغربية ومنها تلك التي صدرت عن الولايات المتحدة والتي تدعو كييف للتفاوض مع موسكو من أجل إنهاء  الحرب في الوقت الذي تحقق فيه القوات الأوكرانية مكاسب ميدانية.

واعتبرت الحكومة الأوكرانية أن القبول بالتفاوض في الوقت الراهن يعتبر إعلان استسلام لموسكو بينما أكد مسؤول أوكراني كبير أمس السبت أن موسكو لم تتواصل رسميا مع كييف بشأن احتمال عقد محادثات سلام، مضيفا أنه سيتوجّب على روسيا في أي حال سحب قواتها بالكامل قبل حصول المفاوضات.

ووصف ميخائيلو بودولياك مستشار الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي بـ"الغريبة" المساعي التي يبذلها الغرب لإقناع أوكرانيا بالتفاوض مع موسكو بعد سلسلة الانتصارات العسكرية التي حقّقتها كييف، معتبرا أنها أشبه بطلب استسلام البلاد.

وقال بودولياك في مقابلة أجرتها معه وكالة فرانس برس "عندما يكون زمام المبادرة بيدك في ساحة القتال، ينطوي على غرابة تلقي مقترحات على غرار لن تكون قادرا على تحقيق كل شيء بالوسائل العسكرية بكل الأحوال، عليك أن تفاوض".

واعتبر بودولياك خلال المقابلة التي أجريت معه في مكتبه في مقر الرئاسة في كييف، أن هذا الأمر من شأنه أن يوحي بأن البلاد "التي تستعيد أراضيها عليها أن تستسلم للبلاد التي تتعرض لهزيمة".

وتدعو الولايات المتحدة أوكرانيا بشكل متزايد إلى الانفتاح على محادثات سلام مع روسيا بينما أكد مسؤول كبير في وزارة الدفاع الأميركية (البنتاغون) أنه سيكون من الصعب على قوات كييف استعادة الأراضي التي استولت عليها موسكو في الحرب.

وأشار رئيس هيئة الأركان الأميركية الجنرال مارك ميلي الأربعاء إلى أن الدعم الأميركي لم يتضاءل، لكنه قال إن كييف كانت في وضع جيد لبدء محادثات سلام، إذ تمكن جنودها من الوقوف في وجه روسيا.

وأوضح إن الروس يعززون الآن سيطرتهم على 20 بالمئة من الأراضي الأوكرانية وأن الخطوط الأمامية من مدينة خاركيف إلى مدينة خيرسون تشهد استقرارا.

ورأى ميلي أن "احتمال تحقيق نصر عسكري أوكراني، يقوم على طرد الروس من جميع أنحاء أوكرانيا بما في ذلك من شبه جزيرة القرم واحتمال حدوث ذلك قريبا ليس كبيرا من الناحية العسكرية"، مضيفا "يمكن أن يكون هناك حل سياسي حيث ينسحب الروس سياسيا، هذا أمر ممكن".

وأكد البيت الأبيض الجمعة أن الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي هو وحده المخول بالموافقة على فتح مفاوضات سلام بين أوكرانيا وروسيا، رافضا أي فكرة عن ضغوط أميركية على كييف.

وقال المتحدث باسم مجلس الأمن القومي جون كيربي للصحافيين "قلنا أيضا أن الأمر متروك للرئيس زيلينسكي ليقول ما إذا كان مستعدا للمفاوضات ومتى وما الشكل الذي ستتخذه تلك المفاوضات"، مضيفا "لا أحد في الولايات المتحدة يشجعه أو يصر عليه أو يدفعه إلى طاولة المفاوضات".

لكن في وقت سابق من هذا الشهر قال زيلينسكي إنه لم يعد يطالب برحيل فلاديمير بوتين لبدء المفاوضات وهو تغيير في المسار جاء بعد ضغوط من البيت الأبيض.

ومؤخرا أفادت تقارير إعلامية أميركية بأن بعضا من المسؤولين الكبار بدؤوا يشجعون أوكرانيا على الانخراط في محادثات، لا يزال زيلينسكي يرفضها ما لم يسبقها انسحاب القوات الروسية من الأراضي الأوكرانية كافة.

وأشار بودولياك إلى أن موسكو "لم تقدّم أي مقترحات مباشرة" لكييف بشأن محادثات سلام، وفضّلت نقلها عبر وسطاء وقد طرحت إمكان وقف إطلاق النار.

وترى كييف في أي محدثات كهذه مناورات للكرملين تتيح للقوات الروسية على الأرض التقاط أنفاسها والتحضير لهجوم جديد.

وقال مستشار الرئيس الأوكراني "روسيا لا تريد المفاوضات. روسيا تقود حملة إعلامية تحت مسمى مفاوضات"، محذرا من أن أي مسار من هذا القبيل سينطوي على "مماطلة لكسب الوقت. في الأثناء ستجري تدريبات للقوات التي عبّأتها وستستحصل على مزيد من الأسلحة وستعزز مواقعها".

وعلى الرغم من الهزائم العسكرية الكبرى في الأسابيع الأخيرة لا سيما استعادة أوكرانيا مدينة خيرسون الإستراتيجية الواقعة في جنوب البلاد، لا يزال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يعتقد أنه "قادر على تدمير أوكرانيا، هذا هو هوسه"، بحسب بودولياك الذي شدّد على أن التفاوض مع سيّد الكرملين "غير منطقي".

لكن بودولياك نفى أن يكون الغرب يحاول الضغط على أوكرانيا للانخراط في مفاوضات. وقال "شركاؤنا لا يزالون يعتقدون أنه من الممكن العودة إلى حقبة ما قبل الحرب حين كانت روسيا شريكا محل ثقة".

وبعد انسحابات واسعة النطاق للقوات الروسية من منطقة كييف في مارس/اذار ومن ثم من منطقة خاركيف في شمال شرق البلاد في سبتمبر/ايلول، شكّل تحرير خيرسون هذا الشهر تحوّلا "أساسيا" في النزاع، وفق بودولياك.

وشدد على أن أوكرانيا المدفوعة بسلسلة انتصاراتها العسكرية الأخيرة، لا يمكنها تعليق هجومها المضاد على الرغم من حلول الشتاء القارس وتساقط الثلوج بما يفاقم الصعوبات الميدانية، مضيفا "حاليا، أي تعليق ولو قصير للهجوم المضاد يفاقم الخسائر التي تكبّدتها أوكرانيا".

وتعمد موسكو منذ أسابيع إلى قصف واسع النطاق للبنى التحتية للطاقة في أوكرانيا، ما يغرق ملايين المنازل في العتمة.

وقال بودولياك إن منطقتي زابوريجيا في جنوب أوكرانيا ولوغانسك في شرقها هما حاليا "وجهتان رئيسيتان" للجيش، رافضا التكهّن بشأن إمكان استعادة شبه جزيرة القرم التي ضمّتها موسكو في العام 2014.

وتطالب السلطات الأوكرانية الغرب بتزويدها بمزيد من الأسلحة وقد اعتبر أن هذا الأمر "بالغ الأهمية" في الشتاء.

وخلال زيارته الأولى لكييف منذ توليه المنصب، أعلن رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك السبت أن بلاده ستزود أوكرانيا بحزمة جديدة من الدفاعات الجوية بما في ذلك 125 مضادا للطائرات.