إعتراف بعمق الازمة التي تعاني منها إيران

الفقر يحاصر الإيرانيين، والحكم يتحدث عن حلول من فئة "اصدار التعليمات" للقضاء على الفقر المدقع.
لا يمكن لزعماء ايران انكار الأزمة ولو حاولوا التخفيف والتقليل من شأنها
50 وعدا قطعها رئيسي على نفسه خلال انتخابات العام الماضي ولم يتحقق منها شيء

يمكن للقادة والمسؤولين الايرانيين أن يقللوا أو يخففوا من شأن الازمة الحادة التي تعاني منها إيران على مختلف الاصعدة وبشكل خاص على الصعيد الاقتصادي، لكنهم لا يتمكنون أبدا من إنكار وجود هذه الازمة أو تجاهلها والتغطية عليها ولاسيما وإن شواهدها على أرض الواقع تعبر عن نفسها بكل وضوح للعالم وليس الشعب الايراني الذي بات يكتوي بنار هذه الازمة في مختلف المجالات ولايجد من أي حل لها سوى الوعود والعهود التي يطلقها القادة الايرانيون جزافا والتي لا ولم يتحقق أي وعد منها لحد الان.

التصريح الملفت للنظر الذي أطلقه قبل أسبوعين الرئيس الايراني ابراهيم رئيسي، والذە قال فيه بأنه قد أصدر التعليمات للقضاء على "الفقر المطلق" في البلاد خلال أسبوعين. يبدو تصريحا أقرب ما يكون للخيال ولا يمكن أن ينتمي للواقع الايراني المر بصلة، ذلك إنه وبالعودة للبحوث والدراسات الصادرة عن مراكز البحوث والدراسات في إيران نفسها، أكدت على إن الازمة الاقتصادية المستفحلة في إيران والمتوارثة منذ أربعة عقود، لا يمكن أن تجد لها حلا في المستقبل المنظور حتى بعد رفع العقوبات الدولية عن إيران، بل والانكى من ذلك إن العديد من المنظرين الاقتصاديين الايرانيين قد أكدوا بأن الازمة الاقتصادية في إيران ليست بسبب من العقوبات الدولية كما يسعى المسؤولون للإيحاء بذلك وإنما هي بسبب سياسات ونهج الجمهورية الاسلامية الايرانية على مر العقود الاربعة المنصرمة.

في رسالته بمناسبة عيد النوروز لعام 1401 الهجري الشمسي الذي بدأ اليوم 21 مارس 2022، إعترف المرشد الاعلى للنظام الايراني، علي خامنئي بزيادة التضخم وصعوبة القضاء السريع عليه في إيران، وإستطرد في إعترافه واصفا "الفقر وارتفاع الأسعار والتضخم" بأنها "أصعب وأهم مرارة" واجهته البلاد العام الماضي، مضيفا: "إن إيجاد الحل السريع لهذه المشاكل ليس واقعيا". ولكن الملفت للنظر هنا، هو إن خامنئي وهو يعترف بعمق الازمة وعدم إمكانية إيجاد حل سريع لها (كما أكدت مراكز البحوث والدرسات الايرانية على مر العامين الماضيين بشكل خاص) فإنه استدرك لينتشل ابراهيم رئيسي من سراب تصريحه اللاواقعي بالقضاء على الفقر المطلق في إيران خلال اسبوعين قائلا وهو يلمح لرئيسي: " إنه غير واقعي أن يتسرع الشخص ويقول، لا، سوف نحلها (المشاكل) بسرعة".

الازمة الحادة التي يعاني منها النظام السياسي القائم في إيران والتي هي من نتائج وتداعيات النهج السياسي ـ الفكري الذي يتبعه ولاسيما مع إستشراء الفساد وإنتشاره بصورة غير عادية في كل مفاصل النظام، ولكي لاننسى فإن رئيسي ومن ضمن وعوده الـ50 التي قطعها على نفسه خلال الانتخابات الرئاسية في العام الماضي، كان هناك وعدا بالقضاء على الفساد وآخر بتحسين الاوضاع المعيشية للشعب الايراني، ولكن الذي حدث وجرى هو إنه ومنذ استلامه لمهام منصبه وتشكيل حكومته ليس لم يتمكن من الإيفاء بهذين الوعدين فقط، بل وبكل وعوده التي يبدو إنها ولحد الان قد أطلقت جزافا.