إعفاء قائد عمليات بغداد بعد مجزرة السنك
بغداد - أعفت الحكومة العراقية اليوم الأحد قائد عمليات بغداد، الفريق الركن قيس المحمداوي، وذلك بعد يومين "مجزرة السنك" التي راح ضحيتها 24 شخصا في العاصمة على أيدي مسلحين مجهولين، في وقت تواصلت فيه المظاهرات في العاصمة وجنوب البلاد.
وقالت وكالة الأنباء العراقية الرسمية، نقلاً عن مصدر عراقي مسؤول، إنه تم تكليف اللواء عبدالحسين التميمي قائدا لعمليات بغداد بدلا عن المحمداوي.
وأضافت الوكالة إن التكليف الجديد يأتي بسبب وضع المحمداوي الصحي.
وتسلم المحمداوي مهام قائد عمليات بغداد في أكتوبر الماضي بعد إعفاء الفريق الركن جليل الربيعي من منصبه على خلفية أحداث عنف مماثلة راح ضحيتها العشرات من العراقيين خلال المظاهرات، وأصدرت على إثرها لجنة تحقيق شكلتها الحكومة آنذاك أمرا بإعفاء عدد من القيادات العسكرية لتهدئة الشارع.
والجمعة، شن مسلحون مجهولون هجوماً على المتظاهرين في بغداد وسيطروا لفترة وجيزة على مبنى يحتلوه منذ أسابيع قرب جسر السنك، ما أسفر عن مقتل 24 شخصاً على الأقل بينهم أربعة من القوات الأمنية، وإصابة أكثر من 120 بجروح، بحسب ما أكدت مصادر طبية.وأشار شهود إلى أن المسلحين دخلوا المبنى وأطلقوا النار منه باتجاه جسر السنك حيث تتمركز القوات الأمنية.
الفريق الركن قيس المحمداوي تسلم مهام قائد عمليات بغداد في أكتوبر الماضي بعد احداث عنف دموية مماثلة
وأطلق المتظاهرون على الهجوم اسم "مجزرة السنك" نسبة إلى الجسر القريب من ساحة التحرير المركزية.
واتهم متظاهرون قوات الأمن بـ"التواطؤ" مع المهاجمين وافساح المجال أمامهم بالدخول والتجول بحرية في المكان، دون اعتقال أي منهم حتى الآن. لكن السلطات الأمنية نفت هذه الاتهامات، وقالت إنها فتحت تحقيقا في الحادث للوصول إلى الجناة.
واليوم الأحد، توافد المحتجون إلى ساحات الاعتصام في العاصمة بغداد وجنوب البلاد رغم أحداث العنف التي أسفرت عن سقوط أكثر من 450 قتيلاً منذ الأول من تشرين الأول/أكتوبر الماضي، مصممين على تحقيق مطالب تتجاوز استقالة الحكومة.
وواصل المتظاهرون في بغداد الاحتشاد في ساحة التحرير الرمزية، المعقل الرئيسي للتظاهرات، فيما انتشر آخرون عند جسري السنك والأحرار القريبين.
وفرضت قوات الأمن إجراءات مشددة وأغلقت ثلاثة جسور رئيسية عند مواقع التظاهر، لمنع وصول المتظاهرين إلى المنطقة الخضراء حيث مقار الحكومة ومجلس النواب والسفارات الأجنبية.
ويطالب العراقيون منذ أكثر من شهرين بتغيير الطبقة السياسية التي تحتكر السلطة منذ 16 عاماً، ويتهمونها بالفساد والمحسوبية والتبعية لإيران.
وقالت المتظاهرة عائشة (23 عاماً) من ساحة التحرير "يحاولون إخافتنا بكل الطرق، لكننا باقون في ساحة التحرير والأعداد تتزايد نهاراً وليلاً".
في غضون ذلك، استمرت الاحتجاجات في مدن جنوبية عدة. فأغلقت غالبية الدوائر الحكومية والمدارس في الناصرية والحلة والديوانية والكوت والنجف، وكلها ذات غالبية شيعية.

وشددت القوات الأمنية في تلك المدن إجراءاتها لتجنب وقوع "مجزرة" على غرار تلك التي وقعت في بغداد الجمعة.
وقال المتظاهر علي رحيم، وهو طالب جامعي، في وسط ساحة الاحتجاجات في الناصرية جنوباً "سنبقى نتظاهر حتى إسقاط النظام" السياسي.
وأصبحت "مجزرة السنك" كما أطلق عليها المتظاهرون الآن نقطة تحول في مسار حركة الاحتجاج العفوية التي قتل فيها 452 شخصاً وأصيب أكثر من عشرين ألفًا بجروح، حسب مصادر طبية وأمنية.
وقال ناشطون ومحتجون عراقيون إن القمع الذي يتعرض له المتظاهرون لن يزيدهم إلا إصرارا على مواصلة الاعتصامات في ساحات التظاهر، حيث لم تعد الإعفاءات التي تطال فقط بعض المسؤولين الذين لا ينفذون سوى قرارات عليا من جهات نافذة في الدولة، ترضي الشارع المثقل بحصيلة دموية تعد سابقة في تاريخ العراق الحديث.
وتسود مخاوف من أن يكون حادث جسر السنك مقدمة لموجة جديدة من أعمال العنف في الاحتجاجات المناوئة للحكومة والأحزاب الحاكمة، التي تبدو عاجزة عن السيطرة على الوضع في البلاد في ظل اصرار الميليشيات الموالية لإيران على ترهيب المحتجين وعرقلة أي تسوية سياسية تلبي مطالبهم.
والغالبية العظمى من الضحايا من المحتجين الذين سقطوا في مواجهات مع قوات الأمن ومسلحين من فصائل "الحشد الشعبي" لهم صلات مع إيران، حسب المتظاهرين وتقارير حقوقية دولية. لكن "الحشد الشعبي" ينفي أي دور له في قتل المحتجين.
ورغم استقالة حكومة عادل عبدالمهدي وهي مطلب رئيسي للمحتجين، إلا أن المظاهرات لا تزال متواصلة وتطالب برحيل النخبة السياسية المتهمة بـ"الفساد وهدر أموال الدولة"، والتي تحكم البلاد منذ إسقاط نظام صدام حسين عام 2003.