إغلاق حقول نفط ليبية يهدد بإعلان حالة القوة القاهرة
طرابلس - قالت وزارة النفط الليبية في ساعة متأخرة من مساء الجمعة إن إغلاق حقول النفط الليبية قد يؤدي إلى إعلان القوة القاهرة، محذرة من الإضرار باقتصاد البلاد، وذلك بعد يوم من إغلاق الحقول احتجاجا على خطف وزير مالية سابق.
وأضافت الوزارة، في بيان لها، أن إغلاق الحقول سيضر بتسويق النفط الليبي بشدة، كما سيقوض الجهود المبذولة لاستقرار الإنتاج والتصدير.
وأعربت الوزارة عن قلقها الشديد حيال إغلاق حقلي الشرارة والفيل، محذرة من عواقب استمراره، بعدما أعلنت مجموعات قبلية في بيانات منفصلة يومي الأربعاء والخميس إغلاقها حقلَي الفيل والشرارة النفطيين، جنوبي البلاد، احتجاجا على اعتقال وزير المالية السابق بحكومة الوفاق الوطني، فرج أبومطاري، في طرابلس، وطالبت بضرورة الإفراج عنه.
ودعت "كل الأطراف ذات العلاقة بهذا الشأن إلى التعقل وتحكيم العقل، وإلى ضرورة تحييد عمليات إنتاج النفط والغاز وتصديرهما عن أي مواضيع أو قضايا خاصة، أو أي خلافات".
وشددت على "ضرورة الحرص، قبل كل شيء، على استمرار إنتاج النفط، وحسن تسويقه، وحفظه مصوناً، لكونه قوت الليبيين الذي لا ينبغي استعماله كورقة ضغط، وكذلك الأمر مع بقية المرافق العامة التي تخص كل الليبيين".
وأضافت "أخذاً من سوابق إغلاق الحقول والموانئ النفطية في ليبيا، وكما يعلم الجميع، فإنّ عواقب تلك الإغلاقات وتبعاتها كانت جد جسيمة على ليبيا، وقد يصعب حصر وبيان كل الأضرار والأخطار التي قد تسببها إقفالات اليوم للحقول النفطية، وذلك لكثرتها وتنوع أشكالها"، مؤكدة أنّ الإغلاقات السابقة سبّبت العديد من العواقب التي طاولت قدرة القطعات الاستراتيجية في الدولة.
ومن بين الأخطار التي ذكرها بيان الوزارة، خطرها على سوق النفط الليبي، حيث إنّ فقدان الثقة في ديمومة تزويد السوق العالمية بالنفط الليبي، ينتج منه أن يبقى النفط الليبي دون تسويق، أو يقلّ الطلب عليه، واحتمالية فقدان المستوردين للنفط الليبي إلى غير رجعة.
وتحدث البيان عن احتمالية العودة لإعلان القوة القاهرة وغير ذلك من إجراءات محتملة، ما يجعل الشركاء مضطرين إلى البحث عن بديل آخر غير ليبيا، فضلاً عن تأثر الدول المشاركة مع ليبيا بالإنتاج مقابل حصص.
وأضاف أنّ الإغلاقات تهدم مساعيها الجادة لطمأنة العالم إلى أن ليبيا تشهد استقراراً عريضاً في الإنتاج، واستقراراً بيناً في النواحي الأمنية المصاحبة لهذا الإنتاج، فضلاً عن عجز توفير الغاز لمحطات توليد الكهرباء، ما يعني الرجوع للأزمات الخانقة من انقطاع الكهرباء.
ولفت إلى أنّ عمليات إيقاف الإنتاج ثم إعادة فتحها من جديد، وما يتطلبه من عمليات صيانة ومعالجة المشاكل الفنية لمعدات وآليات استخراج النفط وإنتاجه وتكريره، تتطلب جهداً عريضاً ووقتاً طويلاً وتكلفة عالية تتحملها خزينة الدولة.
ودعت الوزارة إلى "ضرورة الحرص، قبل كل شىء، على استمرار إنتاج النفط، وحسن تسويقه، وحفظه مصوناً، كونه قوت الليبيين الذي لا ينبغي استعماله كورقة ضغط، وكذلك الأمر مع بقية المرافق العامة التي تخص كل الليبيين في ربوع البلاد كافة". كما دعت الوزارة جهاز حرس المنشآت النفطية إلى القيام بالمهام المسندة إليه بشأن تأمين المواقع النفطية.
وفيما لم تعلّق حكومة الوحدة الوطنية على اتهامها باعتقال بومطاري، أدلى وزير النفط بالحكومة، محمد عون، بتصريحات جديدة في الشأن أكد خلالها أن حقل الفيل أُغلِق بشكل كامل، فيما أغلق حقل الشرارة جزئياً.
وأوضح عون، في تصريحات صحافية، ليل الجمعة، أنّ الإغلاقات الجديدة سببت فقدان نحو 340 ألف برميل يومياً، مضيفاً "إذا أُغلقت النقطة الـ108 في جالو الرابطة بين حقل انتصار وميناء الزويتينة، سيسبب ذلك كارثة قد لا يمكن تداركها لاحقاً، وقد لا نستطيع استخدام الخط لنقل النفط من جديد".
حقل الشرارة أحد أكبر مناطق الإنتاج في ليبيا بطاقة 300 ألف برميل يومياً، وهو هدف متكرر لوقائع عدة أسبابها سياسية ولمطالب متظاهرين محليين.
ويقع الحقل في حوض مرزق جنوب شرقي ليبيا. وتديره شركة النفط الحكومية "المؤسسة الوطنية للنفط" عبر شركة "أكاكوس" مع شركة "ريبسول" الإسبانية و"توتال" الفرنسية و"أو أم في" النمساوية و"إكوينور" النرويجية.
وتدير حقل الشرارة، الذي تبلغ طاقته الإنتاجية 70 ألف برميل يومياً، شركة مليتة للنفط والغاز، وهي مشروع مشترك بين المؤسسة الوطنية للنفط الليبية وشركة "إيني" الإيطالية.
وتعتمد ليبيا على إيرادات النفط في دخلها الأساسي بنسبة تزيد على 95 بالمئة، يذهب أكثرها إلى رواتب الموظفين ودعم المحروقات والسلع والخدمات الأساسية.
وفي السياق، بدا كأول تبعات إغلاق الحقلين النفطيين، إعلان الشركة العامة للكهرباء (حكومية) في بيان الجمعة، أنها "تخلي مسؤوليتها من تأثير ذلك على محطات الجنوب خصوصا والشبكة العامة عموما وما سيؤدي إليه من إطفاءات (انقطاع في التيار الكهربائي)".
واعتقل جهاز الأمن الداخلي التابع لحكومة الوحدة الوطنية الخميس الوزير السابق بومطاري في مطار معيتيقة بالعاصمة طرابلس، فيما أوقف 5 أعضاء من المجلس الأعلى للدولة ومنعهم من السفر.
وردا على ذلك، أعلنت مكونات محلية من قبيلة زوية التي ينتمي لها بومطاري إغلاق حقول نفطية في البلاد، بينما وجّه رئيس مجلس الدولة خالد المشري اتهامًا لرئيس حكومة الوحدة الوطنية عبدالحميد الدبيبة "بإعطاء أمر لتوقيف أعضاء المجلس لمنع وصول البلاد إلى الانتخابات المرتقبة".
وقال السنوسي الحليق زعيم قبيلة الزوي لرويترز إن إغلاق حقل الفيل يهدف للضغط على السلطات في طرابلس للإفراج عن بومطاري الذي اختطف بعد وصوله إلى مطار معيتيقة يوم الثلاثاء.
وقالت القبيلة في بيان مكتوب إن بومطاري مرشح لمنصب محافظ البنك المركزي، مضيفة أن ذلك يجعله عرضة للخطر و"الاختطاف".
وحمّل رئيس مجلس النواب عقيلة صالح، الخميس، حكومة الوحدة الوطنية مسؤولية سلامة بومطاري، مطالبا في بيان النائب العام "باتخاذ إجراءات عاجلة تجاه ما حدث ومحاسبة من يقف وراء هذا العمل".
أما البعثة الأممية لدى ليبيا فأعربت في بيان لها الخميس، عن "انزعاجها الشديد من استمرار عمليات الخطف والاعتقال التعسفي والاختفاء القسري للمواطنين والشخصيات العامة من مختلف الجهات الأمنية في ليبيا"، محذرة من "تداعيات خطيرة على توحيد المؤسسات الوطنية".
كما أعربت عن قلقها إزاء "تقارير تفيد بإغلاق بعض حقول النفط ردا على اختطاف بومطاري"، لافتة إلى أن "هذا من شأنه أن يؤثر على مصدر الدخل الرئيسي للشعب الليبي".
وجاء اختطاف بومطاري بعد يومين من اعتماد "الأعلى للدولة" خارطة طريق تنص على إجراء الانتخابات بعد 240 يوما من إقرار القوانين الانتخابية، وفق عضو المجلس ماما سليمان بلال.
وقال عبدالسلام الصفراني، عضو المجلس الأعلى للدولة في ليبيا، إن ما قامت به قوات الأمن التابعة لحكومة الوحدة الوطنية بمنع خمسة أعضاء من المجلس من السفر، يمثل بداية مرحلة استبداد وتفرد جديد في الحكم في ليبيا، وستؤدي إلى اندلاع مشاكل أمنية وتوتر عسكري.
واعتبر الصفراني أن السبب الوحيد وراء هذه الإجراءات هو التوافق بين مجلسي النواب والأعلى للدولة على إجراء انتخابات تفضي إلى رحيل حكومة الدبيبة.
وأصدر أهالي وأعيان ومكونات المجتمع المدني في مدينة الزاوية، بيانا اتهموا فيه رئيس الحكومة في طرابلس وأذرعه الأمنية بممارسة ضغوط على بعض أعضاء مجلس الدولة ورئيس المجلس ورئيس البرلمان والأعضاء، معتبرين ذلك اعتداء على السيادة والقانون.
وأمهلوا في بيانهم حكومة الدبيبة حتى 25 يوليو للخروج من السلطة، داعين أهالي وأعيان مصراتة لكبح جماح "آل دبيبة"، كما أكدوا اعتراضهم على اختطاف فرج بوماطري.