إيران تحشد لإشعال جبهة العراق في المواجهة مع واشنطن

عضو في مجلسي الخبراء وصيانة الدستور في إيران يدعو الميليشيات الشيعية العراقية لمواصلة العمليات العسكرية ضد المصالح والقوات الأميركية في العراقي، في دعوة تأتي مع جمود في المحادثات النووية وعقوبات غربية متواترة على طهران.  
الخزعلي: هناك حرب اقتصادية على العراق
موالون لإيران يتهمون واشنطن بالوقوف وراء ارتفاع سعر صرف الدولار
طهران تتهم واشنطن بالسعي لحظر اقتصادي على 'محور المقاومة'

البصرة (العراق) - تحشد إيران مع تعثر مفاوضات فيينا النووية غير المباشرة بين طهران وواشنطن ومع تصاعد التوتر مع الغرب على خلفية عقوبات متواترة على الجمهورية الإسلامية ردا على حملة القمع التي تستهدف احتجاجات انطلقت في سبتمبر/أيلول من العام الماضي، لإشعال جبهة المواجهة مع الولايات المتحدة في الساحة العراقية.   

وفي دعوة تشير إلى ضوء اخضر إيراني، دعا عباس الكعبي عضو مجلس الخبراء ومجلس صيانة الدستور في إيران، الميليشيات الشيعية الموالية لطهران إلى مواصلة العمليات العسكرية ضد القوات والمصالح الأميركية.

وجاءت دعوة الكعبي  خلال مهرجان تأبيني احتضنته مدينة البصرة (جنوب العراق) بمناسبة إحياء الذكرى الثالثة لمقتل قائد فيلق القدس الجنرال قاسم سليماني ونائب رئيس هيئة الحشد الشعبي العراقي أبومهدي المهندس (في 3 يناير/كانون الثاني 2020) في غارة أميركية استهدفت موكبهما على طريق مطار بغداد الدولي.

وحرّض الكعبي على تكثيف العمليات العسكرية لإخراج ما تبقى من القوات الأميركية في العراق. ولتأجيج مشاعر العداء وتحفيز الميليشيات الشيعية الموالية لإيران على التحرك، اتهم عضو مجلس الخبراء الإيراني ضمنا الولايات المتحدة بأنها وراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي "بهدف استكمال  الحظر الاقتصادي على بلدان محور المقاومة" وهي الاتهامات ذاتها التي رددها قادة أحزاب وميليشيات شيعية تابعة لإيران.

 وقال في كلمته خلال المهرجان التأبيني وفق ما نقلت عنه وسائل اعلام محلية بينها وكالة شفق نيوز الكردية " إن "العمليات المستمرة منذ لحظة الاغتيال وإلى يومنا هذا ستتواصل بلا شك وبلا ريب بحزم وقوة من قبل فصائل محور المقاومة في بلدان محور المقاومة لإجبار المحتل الأميركي على الخروج من عراق المقدسات وجميع المنطقة".

وتابع "الاحتلال الأميركي والمسّ بسيادة حكومات المنطقة لا ينحصر بالاحتلال العسكري، بل إن العدو الأميركي الحاقد يسعى لاحتلال فكري وثقافي وإعلامي وسلطوي واقتصادي واجتماعي وأمني وعلمي وفني".

واستحضر المسؤول الإيراني في كلمته أزمة ارتفاع الدولار مقابل الدينار العراقي، قائلا إن واشنطن تعمل في الفترة الأخيرة على "فرض سلطة مصرفية واحتلال مصرفي للتسلط على مصارف محور المقاومة واستكمال الحظر الاقتصادي ونستطيع أن نسميه احتلالا مركبا وحربا ناعمة".

واتهم فالح الخزعلي عضو مجلس النواب العراقي عن تحالف 'الفتح' (الذي يتزعمه هادي العامري وهو من أبرز الشخصيات الموالية لإيران)، أميركا ورئيسها السابق دونالد ترامب وجهات أخرى محلية بـ"تغذية الفتنة الطائفية والسياسية في العراق".

وشدد على ضرورة تطبيق قرار البرلمان العراقي بإخراج القوات الأميركية من العراق، داعيا حكومة محمد شياع السوداني إلى تحمل مسؤوليتها، مؤكدا كذلك على أنه يجب محاسبة قتلة سليماني والمهندس.

وقال "يجب دعم الحشد بما يمكن أن ندعمه على المستوى التشريعي ونحن مقبلون على إقرار الموازنة العامة وكذلك أن تدعمه الحكومة العراقية بالتسليح والتدريب والتمكين وكل القوات الأمنية".

وختم بالقول "نستذكر الإرهاب الذي كان مدعوما من الولايات المتحدة عندما يخرج ترامب الرئيس السابق لأميركا ويقول نحن الذين نقف خلف الإرهاب وهم الذين جذّروا الفتن الطائفية والسياسية في العراق وأن هناك من اتكأ على البعد السياسي الطائفي باعتماده على دول الجوار، وغذّى هذا الإرهاب".

ويأتي التحريض الإيراني على إشعال جبهة المواجهة مع واشنطن في الساحة العراقية بعد أشهر من الهدوء، بينما اتهم قادة أحزاب وميليشيات شيعية، الولايات المتحدة بالوقوف وراء ارتفاع سعر الدولار مقابل الدينار العراقي.

وكان رئيس تحالف 'الفتح' هادي العامري زعيم ميليشيات بدر قد وصف قبل أيام قليلة ارتفاع سعر صرف الدولار أمام الدينار، بأنه "مخطط للسيطرة على الاقتصاد في العراق".

وقال خلال مهرجان 'عطر السواتر' الذي نظم أيضا بمناسبة الذكرى الثالثة لمقتل سليماني والمهندس إن "فتوى الجهاد استطاعت أن توحد جميع الطاقات لقتال داعش"، مضيفا لكن "لدينا معركة أخرى لا تقل أهمية عن المرحلة السابقة وهي الحرب الناعمة ويجب أن نسهم بهذه المعركة"، متحدثا عن معركة استقلال اقتصادي وعن مكافحة المخدرات التي أكد أنها لا تقل أهمية عن محاربة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).

وتابع "المعركة اليوم يجب أن تكون معركة استقلال اقتصادي وارتفاع الدولار جزء من مخطط للسيطرة على الاقتصاد".

وردد قيس الخزعلي زعيم عصائب أهل الحق وهي أحد أكبر الميليشيات الشيعية الموالية لإيران، الكلام ذاته، معتبرا أن العراق يتعرض إلى ما وصفها بـ"حرب اقتصادية".

وقال وفق ما نقلت عنه وسائل إعلام محلية إن "النصر الذي تحقق على داعش يجب أن يكتمل بتحقيق السيادة وعدم السماح بأي قوات أجنبية في العراق"، مضيفا إنه "تكالب الأعداء على العراق في 2014 من كل بلدان العالم في العلن وفي الخفاء".

ويشير التناغم في خطابات قادة الميليشيات الشيعية العراقية وكلمة عضو مجلس الخبراء الإيراني عباس الكعبي إلى أن إيران تستعد لتحريك ميليشياتها في العراق للضغط على الولايات المتحدة في ظل تعثر مفاوضات فيينا النووية واستمرار القوى الغربية في تضييق الخناق على الاقتصاد الإيراني بحزمة من العقوبات.

والمفاوضات النووية معلقة منذ أشهر ولا يوجد في الأفق ما يشير إلى محاولة إنعاشها خاصة بعد تصريحات للرئيس الأميركي جو بايدن وردت في تسجيل فيديو، اعتبر فيها أن الاتفاق النووي بحكم الميت لكنه رفض نعيه. كما أشار إلى أن بلاده لا تركز في الوقت الحالي على إنعاش الاتفاق.

وتسببت اشتراطات إيرانية وأخرى أميركية في جمود مفاوضات فيينا، بينما تقول طهران إنها تتمسك بالحوار من أجل التوصل لصيغة توافقية تنهي أزمة الملف النووي، في حين خفتت الحماسة الأوروبية لكسر جمود المحادثات وسط تضاؤل آمال إنعاش اتفاق العام 2015.