إيران تحشد لانتخابات تشريعية أُقصي منها التيار الاصلاحي

التيار الأصولي يصر على اعتماد انتخابات مغلقة واللجوء إلى إقصاء المرشحين من التيار المناهض للحكومة وسط دعوات مقاطعة واسعة.

طهران - تحشد السلطات الإيرانية إمكاناتها الإعلامية للدعاية ودفع المواطنين إلى التوجه إلى صناديق الاقتراع الجمعة القادم، حتى أنها سمحت بتنظيم احتفالات انتخابية تخلل بعضها الموسيقى والرقص، بينما تتوقع الأوساط الإيرانية أن تشكل المشاركة الشعبية عقبة مهمة في الاستحقاق الانتخابي بسبب عزوف العديد من الشخصيات البارزة عن الترشح، أو استبعاد آخرين.

ويسيطر التيار الأصولي على الحكم في إيران ويصر على اعتماد انتخابات مغلقة واللجوء إلى إقصاء المرشحين من التيار المناهض للحكومة، وهو ما يزيد التوقعات بأن تشهد عزوفا انتخابيا كبيرا وتحدث نائب سابق ينتمي إلى التيار الإصلاحي أن الانتخابات ستشهد فتورا غير مسبوق، مشيرا إلى نتائج استطلاع تظهر أن نسبة 6 إلى 9 بالمئة من المؤهلين للتصويت في طهران سيدلون بأصواتهم فقط ومن ناحية أخرى دعا 275 ناشطا سياسيا بارزا في الداخل إلى مقاطعة الانتخابات.

كما انتقد النائب السابق والسكرتير الحالي لـ"الرابطة الإسلامية للأساتذة الجامعيين"، عدم نشر استطلاعات الرأي خلافا للانتخابات السابقة، مضيفا "تم إجراء آخر استطلاع من قبل ISPA في نوفمبر الماضي ولم يتم نشره.. وهذا دليل على أن الأمور ليست جيدة".

وقال "وفقا لاستطلاع، "ستبلغ نسبة المشاركة في مراكز المحافظات والمدن الكبرى 20 بالمئة ومجمل التصويت في جميع أنحاء البلاد من 24 بالمئة إلى 27بالمئة".

وأضاف أن بعض الاستطلاعات التي لم يتم نشرها تشير إلى أن نسبة المشاركة في طهران ستبلغ 15 بالمئة وفي مجمل إيران 30بالمئة".

وأشار صادقي إلى استطلاع آخر يعود لتاريخ تسجيل المرشحين في أغسطس/آب الماضي، توقع أن تبلغ نسبة المشاركة في طهران بين 6 و9بالمئة، وفي مراكز المحافظات والمدن الكبرى حوالي 20بالمئة.

وتصاعدت دعوات مقاطعة الانتخابات، بعدما رفض مجلس صيانة الدستور طلبات المرشحين البارزين من أحزاب التيار الإصلاحي.

وأعلنت "جبهة الإصلاحات" مقاطعة الانتخابات وأصدر نحو 275 ناشطاً سياسياً واجتماعياً إيرانياً بياناً شرحوا فيه أسباب مقاطعة الانتخابات، واتهموا فيه السلطات بـ "هندسة الانتخابات" بشكل "ممنهج" مؤكدين عدم استعدادهم للمشاركة في التصويت.

ويشير البيان الموقع من قبل شخصيات مثل مرتضى الويري وعبد العلي بازركان وعلي رضا رجائي وعلي باباتشاهي وعلي رضا علوي تبار وأبو الفضل قادياني وهاشم صباغيان وإحسان شريعتي إلى "الاستبعاد الواسع لمرشحي الدورة السابقة للبرلمان" وإلى "مأزق الإصلاحات"، مؤكدين أن "ضعف المؤسسة الانتخابية" في إيران يبين "وضعا مؤسفا"، مقارنة بالانتخابات السابق حسبما أورد موقع "زيتون" المقرب من الإصلاحيين.

وأشار الناشطون إلى أن الدعوة الإصلاحية في البلاد وصلت إلى طريق مسدودة، متحدثين عن "جراحة للقضاء التام على المنتقدين"، وانتقدوا نهج الحكام في اقتصار أجهزة الدولة على التيار المحافظ المتشدد، خصوصاً بعد الانتخابات الرئاسية التي فاز بها الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي قبل ثلاث سنوات.

وانتقد البيان التيارات التي لا تزال تفسر المشاركة في الانتخابات بنظرة "مصالحية"، قائلا إن "سياسة المشاركة في المشهد الانتخابي الفاشلة في أي ظرف وبأي ثمن.. لن تأتي بنتائج وإنجازات مثمرة وستؤدي في الواقع إلى استمرار الاستبداد والانغلاق..".

وقال الناشطون إن الرفض الواسع لأهلية المرشحين، عبر الحجب، واستخدام آلية الإشراف الاستصوابي، يمنع مشاركة القوى والتيارات المختلفة أكثر من أي وقت مضى. ولهذا السبب فإن دوافع المشاركة العامة في المسرحية الانتخابية تراجعت بشدة، حتى إن معظم أطراف التيار الإصلاحي أصيب بالإحباط وانسحب».

وبالرغم من الانتقادات والمقاطعات، فقد اعتبر مدير مؤسسة صحيفة "كيهان" ومندوب المرشد الأعلى فيها حسين شريعمتداري، مقاطعة الانتخابات بمثابة "التحالف مع أعداء الثورة والمناهضين لها".

وعزت "كيهان" في افتتاحيتها الاثنين، المقاطعة إلى تخوف الاصلاحيين من الهزيمة في الانتخابات وكتبت تقول "إنهم رأوا أن المشاركة ستكون منخفضة، لذا لم يترشحوا ولم يقدموا قائمة ويعود ذلك إلى الخوف من الهزيمة ولا يوجد أي تبرير آخر".

وتعدّ هذه الانتخابات الأولى منذ اندلاع الحركة الاحتجاجية التي هزّت البلاد في نهاية عام 2022، في أعقاب وفاة الشابة مهسا أميني بعد أيام على توقيفها من قبل شرطة الأخلاق، بسبب عدم التزامها بقواعد اللباس الصارمة.

وفي هذا الإطار، يتوقّع خبراء أن يكون معدّل الامتناع عن التصويت مرتفعاً أو حتى يصل إلى أعلى مستوى له منذ قيام الجمهورية الإسلامية في عام 1979.