اتحاد ثوار ليبيا.. التغريد خارج السرب

مناخ الانفراج بين تركيا ومصر ينعكس إيجابيا على الفقراء الليبيين. هذه فرصة يجب ان لا تضيع لتحقيق الوحدة والسلام.

اكثر من عقد والبلد يشهد انقساما سياسيا حادا ادى الى تدهور الاوضاع الامنية والاحتراب الداخلي مدعوما بأجندات خارجية. تتواجد على الساحة اجهزة استخباراتية تعمل على اطالة الازمة. المتدخلون في الشأن الليبي زودوا اطراف الصراع بمختلف انواع الاسلحة، واخرون رسموا خطوطا حمراء بدماء الشباب العاطل عن العمل لحماية مصالحهم وامنهم القومي. ليبيأ واقعيا اصبحت دولتين على غرار قبرص، الجزء الشرقي لمصر اما الغربي فيتبع تركيا ويعتبرونه ايالة عثمانية.

يبدو ان القوى الدولية تسعى الى انهاء الازمة الليبية التي طال امدها والتفرغ لمهام اخرى خاصة في ظل الحرب في اوكرانيا وتعاظم النفوذ الصيني في المنطقة. تشهد البلاد نوعا من الانفراجات بسبب توصل الدول الإقليمية، ونعني بذلك تركيا ومصر، الى تفاهمات بينهما خدمة لمصالحهما المشتركة، وبالتالي اوعزتا الى ممثليهم بالداخل بضرورة السير في ركب التسوية.

المسار العسكري والامني يشهد تطورا بناء من اجل توحيد المؤسستين العسكرية والامنية، والتي بالتأكيد ستكون نواة للم الشمل والعمل على تهيئة الظروف لإجراء انتخابات برلمانية ورئاسية قبل موفى العام الحالي، والتي تأخرت لعامين كاملين وكان احد اسبابها هو تيار الاسلام السياسي المتشدد (اتحاد ثوار ليبيا) الذي يعرف محليا بتيار المفتي الذي ما انفك يدعو الى سفك الدماء واحداث فتنة بين المناطق.

التيار عقد السبت 11 فبراير 2023 مؤتمرا له بمدينة الزنتان، اعرب من خلاله انه ضد التوافقات التي تحدث وانه الوصي الشرعي على الثورة ومن ثم تقع عليه مسؤولية حمايتها.

بالأمس خرج علينا التيار بانه يعترض على التعديل الــ13 الذي اصدره البرلمان واجازه مجلس الدولة. ربما هناك بعض النقاط العالقة ومنها ترشح مزدوجي الجنسية والعسكريين، وقد تم تشكيل لجنة (6+6) مناصفة بين مجلسي النواب والدولة لحلحلة الامور وانهاء المراحل الانتقالية، التي نراها انتقامية من الشعب، حيث عانى ولا يزال شتى اصناف الذل والقهر وشظف العيش. كما ان من توالوا على السلطة اهدروا الاموال العامة، وقدموا وعود زائفة للشعب وبالأخص فئة الشباب الذي يتوق الى بناء نفسه وتامين مستقبله عبر القروض من الدولة والتي تنكر لها رئيس الحكومة الدبيبة بجرة قلم.

الاجتماعات الامنية والعسكرية والكتائب غير المؤدلجة للفرقاء، والتي عقدت بكل من طرابلس وبنغازي، وروح الانسجام والمحبة التي رافقت الاجتماعات، والرغبة الملحة في طي صفحة الماضي، والوصول بالبلاد الى بر الامان، لم ترق لهذا التيار الراديكالي المتشدد الذي يستمد بقاءه من الخلاف بين مكونات المجتمع، وبالتالي نراه يسعى وبكل جهده ان يعرقل المسيرة.

نجزم ان تيار المفتي يغرد خارج السرب، وانه لن يستطيع فعل شيء في ظل التوافق الاقليمي والدولي، وتيقن الاطراف الداخلية انه كفى عبثا بمقدرات الدولة والضحك على الشعب المغلوب على امره وان الاماني التي كانت تراوده، تبخرت بفعل اعمال من يتشدقون بانهم ثوار ليبيا، الذين ينهلون من معين تورا بورا، الفكر الارهابي الذي يكفر كل من لا يتوافق معه. وعلى اعضاء هذا التيار المتشدد الذين يرغبون في استمرار الازمة ان يرحلوا الى اماكن اخرى يجدون فيها مبتغاهم.

نتمنى ان يتوصل الفرقاء الى تفاهمات، تفضي الى انتاج حلول تؤدي الى استتباب الامن والاستقرار وابعاد شبح الحرب والتهجير.