ارتفاع الأسعار يثقل كاهل العائلات الليبية

بيانات مصرف ليبيا المركزي تؤكّد ارتفاع معدلات التضخم بنسبة 2.7 في المائة خلال شهر سبتمبر الماضي.

طرابلس – تلقي الأزمات الاقتصادية المتوالية في ليبيا بظلالها الثقيلة على الحياة اليومية للمواطن الليبي الذي بات يعاني تحت وطأة ارتفاع الأسعار غير المسبوق، فبينما تشير الأرقام الى تزايد كلفة الغذاء في البلاد، تتعالى أصوات الليبيين تنديدا بغياب الإصلاحات وتدخّل الحكومة لانهاء الأزمة.

وسلّط تقرير نشر بموقع "إيفريم أغاجي" الضوء على الوضع المعيشي المتأزم للأسرة الليبية التي باتت تواجه خيارات محدودة لتلبية احتياجاتها الأساسية من المواد الغذائية، مشيرا الى أن الضروريات تحولت الى كماليات وهو ما يهدد الأمن الغذائي في ليبيا.

وحسب موقع المرصد الليبي، أرجع التقرير تفاقم الأزمة الى عوامل عديدة أبرزها تغير ديناميكية التجارة الخارجية وانخفاض قيمة الدينار في السوق المالية مقابل ارتفاع تكاليف الاستيراد.

ويؤكّد الخبير الاقتصادي أحمد فراج أن "معدلات التضخم الحالية لا تطاق بالنسبة لليبي العادي، ما يؤثر على الأمن الغذائي في جميع أنحاء البلاد، ويسلط الضوء على أزمة اقتصادية واجتماعية صعبة"، وفق المصدر ذاته.

وحذّر التقرير من أن استمرار غياب الإصلاحات والتدخلات الحكومية قد يؤدي إلى اضطرابات اجتماعية متزايدة، في ظل تصاعد السخط الشعبي، مشيرًا إلى أن صمت الحكومة في الشرق والغرب التي لم تظهر تفاعلا واضحا لمواجهة هذه الأزمة.

ويستمر التضخم الاقتصادي في ليبيا الدولة العضو في منظمة أوبك للدول المصدرة للنفط (أوبك) وسط صراعات سياسية متشابكة، حيث أدت التداعيات الأخيرة لأزمة المصرف المركزي الليبي الى إغلاق العديد من الحقول والمنشآت النفطية ما أثر على إيرادات البلاد من النفط وتراجع الإنتاج المحلي.

وتشير بيانات رسمية الى ارتفاع في الأسعار بنسبة 30 في المائة وهو ما أثقل كاهل العائلات محدودة الدخل والطبقات الفقيرة. وأبرز التقرير الأخير لبرنامج الغذاء العالمي للعام 2024 اختلافات واضحة في حدة التضخم وارتفاع الأسعار بين المناطق، حيث جاءت المنطقة الجنوبية ضمن المناطق الأكثر تضرر بزيادة ملحوظة بلغت 4.4 في المائة، في حين سجلت المنطقة الغربية زيادة بنسبة 3.5 في المائة، وبنسبة أقل في الشرق حيث بلغت 1.7 في المائة.

وأظهرت بيانات المركزي الليبي ارتفاعاً في معدلات التضخم بنسبة 2.7 في المائة خلال شهر سبتمبر/أيلول الماضي مقارنةً بنسبة 2.5 في المائة في أغسطس/آب، ما يعكس استمرار التدهور الاقتصادي، فيما يدعو خبراء الاقتصاد الى ضرورة إلى وضع آليات لضبط الأسعار وتعزيز الرقابة على الأسواق من أجل تخفيف العبء عن المواطنين.

وجهت أطراف عديدة انتقادات حادة لرئيس حكومة الوحدة الوطنية المنتهية ولايتها عبد الحميد الدبيبة اتهمته فيها باهدار المال العام وزيادة الانفاق الحكومي في السنوات الأخيرة، مشيرين الى أن معظم المبالغ المنفقة وُجِّه لنفقات استهلاكية على حساب الإنفاق التنموي مما ولّد ضغوطا على سعر صرف الدينار الليبي.

وكان صندوق النقد الدولي قد شدد في تقارير سابقة على ضرورة إعادة ترتيب أولويات الإنفاق لتعزيز النمو والكفاءة ودعم العدالة بين الأجيال، مؤكّدا على أهمية توجه للسياسة الضريبية إلى تنويع مصادر الإيرادات بعيداً عن النفط.

ويأمل الليبيون في حل سريع للأزمة السياسية عبر انتخابات رئاسية وبرلمانية تحول دون إجرائها خلافات بشأن قوانينها والجهة التنفيذية التي ستشرف عليها.