استنطـاق لمعاناة الإنسان المعاصر في 'وجوه متورطة'

الكاتب البحريني أحمد المؤذن يتنقل من خلال قصص مجموعته الثلاثة عشر ما بين حدث وآخر قابضا على اللحظة الهاربة ومستخدما لغة سردية لا تقف حساسية عند التقاط أدق وأصغر التفاصيل وحسب، بل تتخطى توقعات القارئ فتُضيء عتمة اللحظة مثل وميض الكاميرا الخاطف.

في مجموعته "وجوه متورطة"، يحاول الكاتب البحريني أحمد المؤذن، استنطـاق معاناة الإنسان في بيئتـه المدنية المعاصرة، عبر لغة سردية لا تقف حساسية عند التقاط أدق وأصغر التفاصيل وحسب، بل تتخطى توقعات القارئ، فتُضيء عتمة اللحظة مثل وميض الكاميرا الخاطف. 

ويتنقل المؤذن من خلال قصص مجموعته الثلاثة عشر، ما بين حدث وآخر، قابضا على اللحظة الهاربة.. فتارة يسرد أحـلام سائق شاحنة يتورط مع عصابة تهريب، وتارة أخـرى يمضي لحياة امرأة تفقـد زوجها وتجد ذاتها في أتـون صراع مستميت على الإرث من قبل أولادها وبناتها، وهكذا تستمـر صراعات الحياة المرصودة بتكثيف عـالٍ، ليجد القارىء نفسه كاتب يمتلك القدرة على إقناعنا نحن معشر القراء بعمق شخوص قصصه ومـدى قربها منا، وكأنهم يعيشون بيننا أو يجاوروننا في الشارع الذي نقطن فيه، أو الحي المجاور لنا. 

ومن قصة لأخرى يتنقل بنا الكاتب منطلقا في تنويع حضور اللعبة السردية، حيث نجد أنفسنا في قصة (الأشباح التي...) أمام مونولوج صعب تتجلى فيه حسابات الماضي، وما أن نقرأ أولى سطور قصة "السحابة انجلت" حتى نجد أنفسنا صراع النفس الداخلي المتصاعد، وصاحب المكتبة العجوز الذي يتحسر على حال مكتبتـه التي هجرها القراء، وينظـر بعين السخط على جاره صاحب مطعم المشويات الساخـر من جـدوى الثقافة في اعتبارها هامشيـة لكون الناس تولي الأكـل وإشباع بطـونها على اكتساب المعرفة. 

وقد نجح الكاتب من خلال قصص مجموعته في المواءمة بين صراعات النفس البشرية ومأزق الحياة بمختلف حسابات الأنا وما الذي تربحـه في تحولات الزمن. 

ولعل المتابع لمسيرة وإصدارات الكاتب أحمد المؤذن الأدبية، لا يستغرب ذلك على كاتب يصف نفسـه بـ "أن القصة القصيرة هي عـشقـه الأول والأقرب إلى قلبــه ولها الحضور الأكبر في مجمل نشاطـه بعالم الكتابـة". 

مجموعة "وجوه متورطة" التي صدرا أخيراُ في طبعة ثانية عن دار ديوان العرب للنشر والتوزيع بمصر، كانت قد صدرت طبعتها الأولي عن أحد دور النشر البحرينية. 

وفي الطبعة الثانية التي جاء غلافها بريشة الفنانة التشكيلية البحرينية كادي المطر، وأخرجها المغربي عـز الدين امحينـدات، إهداء من الكاتب لشقيقته مكيّة على دعمها المتواصل لمسيرته الأدبية. 

يُذكر أن أحمد المؤذن هو قاص وروائي وشاعر وباحث بحريني، فاز بالعديد من الجوائز في القصة القصيرة داخل وخارج البحرين، وأقيمت له العديد من الأمسيات القصصية، حيث مثل البحرين في بعض الأعراس الثقافية العربية. 

تحوّلت بعض قصص "المؤذن" لأفلام قصيرة، واختيرت بعض نصوصه كنصوص تربوية بالمناهج الدراسية، وقد صدر له: "أنثى لا تحب المطر" – قصص – و"من غابات الأسمنت" – قصص – و"رجل للبيع" – قصص – و"وقت للخراب القادم" – رواية – و"وجوه متورطة" – قصص قصيرة –  و"الركض في شهوة النّار" – قصص قصيرة – و"شهيــة السرد الخلـيـجي" - دراسات – و"فزاعة بوجه الريح.. كالكاشي" - رواية – و"ســر البانوش المهجـور" - رواية - واعترافات البيدق الأخير" - رواية – و"أنت الحزن الأول" – ديوان شعر – و"الركض في شهوة النّار" – مجموعة قصصية – و"العادات والتقاليد الشعبية بين الرمـز والدلالـة" - كتاب بحثي مشترك / أحمد المؤذن وأمينة الفردان.