الأرحام الصناعية قاب قوسين من الحقيقة في فيديو يمني استشرافي

الدكتور هاشم الغيلي يحيي النقاش حول قضية محاكاة الظروف الدقيقة الموجودة داخل رحم الأم بمحتوى احترافي يقدم مصنعا للرضع يعمل بالطاقة المتجددة قادرا على احتضان 30 ألف طفل.

برلين – أحيي صانع المحتوى اليمني الدكتور هاشم الغيلي الجدل والنقاش حول قضية الأرحام الاصطناعية باطلاق فيديو عن مصنع أجنة تخيلي، في الوقت الذي تتقدم فيه الابحاث في المجال وتشارف على تقديم حلول تقنية واقعية رغم المحاذير الأخلاقية.

ويقدم الفيديو محاكاة لمشروع رحم اصطناعي كبير تحت مسمى "إكتولايف"، قادر على احتضان 30 ألف طفل، من خلال 75 معملا مجهزا، يستطيع كل واحد استيعاب ما يصل إلى 400 رحم صناعي، ويوفر الظروف الدقيقة الموجودة داخل رحم الأم الطبيعي.

والرحم الاصطناعية هي عبارة عن كيس بلاستيكي حيوي يحتوي على السائل الأمنيوسي الذي يحيط بالجنين في رحم أمه، ويزود فيه الجنين بالأوكسيجين والمكونات الغذائية التي يحتاج إليها في درجة حرارة الجسم. بشكل عام تؤمن له في الرحم الاصطناعية الظروف نفسها الموجودة في رحم أمه، ما يسمح له بالنمو حتى المستوى المطلوب ليتخطى مرحلة الخطر.

وبحسب الفيديو التوضيحي، سيتيح الرحم الصناعي، الفرصة للأزواج العقيمين لإنجاب أطفال من جيناتهم، كما سيمثل حلا مثاليا للنساء اللواتي أزيلت أرحامهن جراحيا، بسبب السرطان أو مضاعفات أخرى، ومن شأنه أيضا أن ينقذ حياة حوالي 300 ألف امرأة تموت سنويا من مضاعفات الحمل.

وفيديو مصنع الأجنة، ليس إلا نموذجا واحدا لأعمال الشاب اليمني الذي حول شغفه وحبه للعلوم إلى فيديوهات على منصات التواصل الاجتماعي، تبسّط الظواهر العلمية المعقدة، وتفتح أعين متابعيه على أفكار ثورية وغير مسبوقة في مجال العلوم.

وينشر هاشم الغيلي، سلسلة فيديوهات تقدم معلومات وحقائق علمية، وتستعرض أحدث التطورات في مجالات التكنولوجيا والفيزياء والبيولوجيا وعلم الأحياء، مجال تخصصه، مرفوقة بتصاميم ورسومات توضيحية وإنميشن، وبالاعتماد على أحدث الإصدارات العلمية والبحثية.

ويتابع صفحة صانع المحتوى اليمني، Science" Nature"، أزيد من 33 مليون متابع على فيسبوك، وحازت فيديوهاته على أكثر من 17 مليار مشاهدة، 88 مليونا منها على منصة يوتيوب، كما تلهم  إنتاجاته "المستقبل هو الآن"، و "في العلم نثق" الآلاف من الأشخاص.

وتعود بدايات هاشم البالغ 32 عاما، مع صناعة المحتوى العلمي إلى عام 2009، السنة التي أنهى فيها المرحلة الثانوية ببلاده، وقرر الهجرة إلى باكستان بعد حصوله على منحة بكالوريوس، قبل أن يعود إلى بلاده ويحصل على منحة جديدة لإتمام دراساته العليا بألمانيا في مجال التكنولوجيا الحيوية الجزيئية، في جامعة جاكوبس ببريمن.

وبعد تحصله على الماجستير وثماني أشهر من ولوجه سلك للدكتوراه، قرر الشاب اليمني عدم اكمال الدكتوراه والتركيز في مجال السوشال ميديا، لصعوبة الجمع بين الدراسة وبين صناعة المحتوى العلمي، مشيرا إلى أن "كل مجال بمثابة وظيفة كاملة".

وتعد فكرة الارحام الصناعية التي قدمها الشاب اليمني، قديمة، وظهرال تقنية  في مختلف مراحل تطورها، وكأنها الوسيلة التي يمكن أن تسهم في إنقاذ حياة الأطفال الرضع الذين يعتبرون عرضة للوفاة بسبب الولادة المبكرة.

ووبحسب منظمة الصحة العالمية، تعتبر الولادة المبكرة أكثر أسباب الوفيات شيوعاً بين الرضع حول العالم، إذ يموت نحو 15 مليون طفل قبل الأسبوع الـ37 من الحمل، كما أن الولادة المبكرة هي السبب الرئيس الثاني، بعد الالتهاب الرئوي لوفيات الأطفال الذين هم دون السنوات الخمس. وظهرت تقنية الرحم الاصطناعية، في مختلف مراحل تطورها، وكأنها الوسيلة التي يمكن أن تسهم في إنقاذ حياة الأطفال الرضع الذين يعتبرون عرضة للوفاة بسبب الولادة المبكرة. ع

وظهرت أول براءة اختراع لتصميم الرحم الاصطناعية عام 1955 بفضل إيمانويل غرينبرغ، الذي صمم خزاناً يوضع فيه الجنين ويحتوي على السائل الذي يحيط به في رحم أمه وعلى آلة متصلة بالحبل السري، ومضخات الدم والكلى الاصطناعية وما يلزم لتسخين المياه.

وفي عام 1987، قام العالم كوابارا في طوكيو بتجربة للحفاظ على جنين الماعز في رحم اصطناعية لفترة طويلة، فكانت هذه التجربة العلمية الأولى في هذا المجال بهذه التقنية المتطورة، واستطاعت الحفاظ على جنين الماعز في عمر 17 أسبوعاً لمدة 3 أسابيع.

في مرحلة لاحقة، حصل الأميركي كوبر ويليام على براءة اختراع عام 1993 لنظام آخر ابتكره بأسلوب مختلف، إلا أن التطور الأبرز في مجال الأرحام الاصطناعية حصل في القرن الحادي والعشرين. ففي عام 2017، كشف علماء من مركز أبحاث الجنين في فيلادلفيا في الولايات المتحدة عن تقنية جديدة تعتمد على كيس حيوي يحتوي على السائل الأمنيوسي المصنع. وقد حصل الاختبار خلال أربعة أسابيع على الحملان التي لها عمر بيولوجي يعادل ذاك الذي لجنين بشري يبلغ 24 أسبوعاً من الحمل، للحفاظ على ظروف مستقرة للأجنة بين 23 و28 أسبوعاً من الحمل، فكانت الأجنة قادرة على تطوير الدماغ والرئتين والحركة والقدرة على البلع وفتح العيون. وقد سعى الباحثون على تحسين النظام وتكييفه مع الأجنة البشرية.

في أسبوع التصميم الهولندي في عام 2018، تم تقديم اقتراح بتصميم تخميني لرحم اصطناعية للأطفال الخدج، يتلقى فيها الأطفال الأوكسيجين من خلال الحبل السري في تقنية جديدة تزيد فرص بقاء الأطفال حديثي الولادة على قيد الحياة في بيئة طبيعية وحالة بيولوجية مماثلة للحمل في رحم الأم. هذا، فيما يخطط فريق الباحثين لبناء نموذج أولي جاهز للاستخدام في المستشفيات خلال خمس سنوات، يكون الأول من نوعه في العالم لمساعدة الأطفال الرضع على تجاوز الفترة الحرجة عند الولادة بين الأسابيع الـ24 و28.

في عام 2019، قام باحثون في جامعة ميشيغان بتقويم للتأكد ما إذا كان نمو الدماغ والرئتين يستمر من دون أضرار في الرحم الاصطناعية، وكان من الممكن التغلب على الإصابات الناتجة عن التنفس الاصطناعي في الرحم الاصطناعية.

كما أخذ فريق بحثي من معهد علم الحيوان في بكين بويضة قرد مخصبة إلى مرحلة تكوين العضو في رحم اصطناعي، وهي المرة الأولى التي ينمو فيها جنين خارج جسم الأم.

وفي 2022، وطور فريق بحثي مدينة سوتشو غربي شنغهاي رحما مزوّد بتقنيات الذكاء الاصطناعي قادرا على رعاية الأجنة البشرية في المختبر.

ويثير الموضوع تداعيات وجدل ديني وأخلاقي واجتماعي لم يهدأ منذ الاعلان عنها.

وفيما تجد الجمعيات النسوية فيه سبيلاً لسد الفجوة بين الرجل والمرأة وخلق المساواة بينهما عبر الحد من الأعباء الناتجة عن الحمل، التي تتحملها المرأة بفضل الرحم الاصطناعية، يرى اخرون انه قد ذلك إلى تغيير على صعيد المجتمع، حيث لا تعود المرأة أساسية في عملية الإنجاب ويمكن الاستغناء عنها بحسب الأهداف التي يمكن أن تعتمد التقنية من أجلها. حتى إنه بالنسبة إلى المثليين، يمكن أن تشكل الرحم الاصطناعية حلاً لمشكلة الإنجاب التي تبقى تحدياً بالنسبة إليهم.

كما تنتشر مخاوف اخلاقية من التقنيات المرافقة للرحم الاصطناعي، مثل المقص الجيني الذي يتيح للابوين اختبار سمات جينية بعينها في اطفالهم المستقبليين.