الأردن يتحسب لتداعيات وقف امدادات الغاز الإسرائيلي بخطة طوارئ
عمان - أعلنت شركة الكهرباء الوطنية الأردنية عن تفعيل خطة الطوارئ المعتمدة مسبقا، والتي شملت وقفا مؤقتا لإمدادات الغاز عن المصانع المتصلة بشبكة الغاز الرئيسية، وذلك في ظل التصعيد الإقليمي الراهن وما ترتب عليه من تراجع في إمدادات الغاز الطبيعي. بعد وقف ضخ الغاز الاسرائيلي إلى كل من مصر والأردن، وسط مخاوف من تداعيات أوسع على الأمن الطاقي في المنطقة.
وقالت الشركة في بيان الاثنين إن هذا الإجراء يأتي كخطوة احترازية ضمن تنفيذ أولويات توزيع الغاز المحددة في خطة الطوارئ. مضيفة أن هذا الإجراء مؤقت، وسيعاد تقييمه مع تحسن الأوضاع الإقليمية واستقرار تدفقات الغاز، وفق وكالة الأنباء الأردنية "بترا".
وقال المدير العام لشركة الكهرباء الوطنية سفيان البطاينة، في تصريحات صحافية أن مخزونات الوقود في الأردن لصالح محطات الكهرباء كافية لمدة لا تقل عن 20 يومًا.
وشدد على أن شركة الكهرباء الوطنية جاهزة لمواجهة أي مستجدات أو ظروف، سواء على المدى القصير أو الطويل.
وأشار البطاينة إلى وجود بدائل مستدامة فُعِّلَت منذ توقف إمدادات الغاز "مؤقتًا"، وفقًا لوزارة الطاقة الإسرائيلية، وفي حال حدوث أي ظرف طارئ، يمكن رفع المخزون من سلاسل التزويد المختلفة.
وكان الأردن قد شهد احتجاجات في بداية الحرب الإسرائيلية على غزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023 رافضة لاتفاق الغاز مع تل أبيب ومطالبات بإلغاءها غير أن السلطة الأردنية تؤكد أن مصالح الأردن تستوجب استمرارها.
وأعلن وزير الطاقة الإسرائيلي إيلي كوهين، الجمعة الماضية إغلاق أكبر حقل غاز طبيعي لديها في البحر المتوسط مؤقتًا.
ويأتي إغلاق حقل "ليفياثان" البحري عقب مخاوف أمنية بعد الهجوم الإسرائيلي على إيران وتعهد طهران بالرد، وهو ما دفع السلطات الإسرائيلية إلى اتخاذ إجراءات احترازية تشمل البنية التحتية الحيوية، وعلى رأسها منشآت الغاز البحرية. كما أوقفت شركة انرجيان إنتاجها من الغاز بناءً على أوامر من الوزارة، في ظل التصعيد السريع للتوترات الجيوسياسية.
ويُدار حقل "ليفياثان" في شرق البحر المتوسط من قبل شركة "شيفرون" أحد أبرز مصادر الغاز في المنطقة، وتبلغ طاقته الإنتاجية نحو 1.2 مليار قدم مكعبة يوميًا، ويزود الغاز المستهلكين المحليين وأيضًا الدول المجاورة مثل الأردن ومصر.
في المقابل، يلبي حقل "كاريش" التابع لشركة "انرجيان" الطلب المحلي في إسرائيل فقط. ولم يتضح بعد ما إذا كان حقل "تمار"، الذي تديره أيضًا شيفرون، قد تم تعليقه هو الآخر.
وذكرت صحيفة واشنطن بوست إن وزارة البترول المصرية فعلت خطة طوارئ لضمان استمرارية إمدادات الغاز والحفاظ على تشغيل شبكة الكهرباء، بعد القرار الإسرائيلي.
وكانت مصر قد بدأت في استيراد الغاز من حقلي "ليفياثان" و"تمار" عبر خطوط أنابيب تمر في المياه الإقليمية بالبحر المتوسط منذ عام 2020، بموجب اتفاقية تمتد لـ15 عامًا، بعدما تحولت القاهرة من مصدر إلى مستورد للطاقة بفعل التحديات في الإنتاج المحلي.
وتبلغ الطاقة الإنتاجية لحقل "تمار"، الذي تديره أيضًا شركة "شيفرون"، نحو 1.1 مليار قدم مكعبة يوميًا، ما يجعل الحقلين معًا مصدرًا حيويًا لتلبية جزء كبير من احتياجات مصر من الغاز، خاصة في أشهر الصيف التي يشهد فيها الطلب ارتفاعًا ملحوظًا.
وتوقع خبراء أن تؤدي الانقطاعات المتواصلة في تصدير الغاز الإسرائيلي إلى اضطراب في الإمدادات الإقليمية، لا سيما في مصر التي تواجه أصلًا صعوبات في تغطية الطلب المحلي، مما قد يدفعها إلى التوجه نحو شراء شحنات من الغاز الطبيعي المسال من السوق العالمية، في وقت يشهد فيه هذا السوق شحًّا متزايدًا.
وحذر خبراء من أن استمرار الإغلاق قد يعرقل خطط مصر لتصدير الغاز المسال ويضع ضغوطًا إضافية على احتياطاتها الاستراتيجية، في ظل ارتفاع درجات الحرارة وتزايد الأحمال الكهربائية.
في سياق متصل، أعلنت شركة "إنرجيان" اليونانية أنها علقت إنتاج الغاز من حقل "كاريش" الواقع قبالة السواحل الإسرائيلية، وذلك بناء على توجيه رسمي من وزارة الطاقة الإسرائيلية، التي عزت القرار إلى "التصعيد الجيوسياسي الأخير في المنطقة".
وأوضحت الشركة في بيان أصدرته الجمعة أنها أوقفت كافة عمليات الإنتاج والأنشطة على متن وحدة الإنتاج والتخزين والتفريغ العائمة مشيرة إلى أنها أبلغت جميع العملاء والجهات المعنية بهذا التعليق، ووضعت سلامة موظفيها على رأس أولوياتها.
وأشارت إلى أنها تجري محادثات مستمرة مع الحكومة الإسرائيلية بهدف استئناف العمليات بأمان في أقرب فرصة ممكنة، رغم عدم وجود جدول زمني محدد حتى اللحظة.
وقد زادت "إنرجيان" إنتاجها من هذا الحقل منذ أواخر عام 2022، ليصل إلى طاقة إنتاجية سنوية تقارب 8 مليارات متر مكعب (أي نحو 775 مليون قدم مكعبة يوميًا).
وفي القاهرة، أكدت مصادر في قطاع الطاقة أن السلطات المصرية تتابع عن كثب تطورات الموقف في اسرائيل، مشيرة إلى أنه لم يُبلغ الجانب المصري حتى الآن بأي خفض رسمي في كميات الغاز المصدرة، غير أن الاحتياطات الجارية تعكس مستوى القلق من توقف الإمدادات بشكل كامل.
وأوضحت المصادر أن مخزونات الوقود الحالية في محطات توليد الكهرباء المصرية غير كافية لمواجهة انقطاع طويل الأمد في ضخ الغاز الإسرائيلي، مما دفع وزارة الكهرباء إلى اتخاذ إجراءات عاجلة.
ويعتمد الأردن حاليًا على تلبية جزء كبير من احتياجات محطات الكهرباء من الواردات من مصر عبر خطوط الأنابيب، بالإضافة إلى زيادة قدرات الربط الكهربائي بين البلدين.
وتضخ مصر حاليًا نحو 100 مليون قدم مكعبة يوميًا إلى المملكة، لتشغيل محطات الكهرباء، بعد انقطاع الإمدادات الواردة من إسرائيل.
كما تضاعفت صادرات الكهرباء المصرية إلى عمان إلى 400 ميغاواط يوميًا خلال الأسبوع الجاري، مقابل ما يتراوح بين 100 و200 ميغاواط قبل اندلاع الصراع بين إسرائيل وإيران.
ويأتي ذلك في إطار التنسيق المستمر بين البلدين لتأمين الاحتياجات من الكهرباء والغاز؛ إذ وقّعت القاهرة وعمان في ديسمبر/كانون الأول 2024 اتفاقية للاستفادة من البنية التحتية المصرية من وحدات التخزين والتغويز العائمة، لتأمين احتياجات المملكة من الغاز خلال العامين المقبلين، عقب حصول مصر على خدمات سفينة التغويز التي كانت موجودة في ميناء العقبة.
كما تستعد مصر لطرح مناقصة جديدة لاختيار استشاري عالمي يتولى مهام رفع كفاءة خط الربط الكهربائي مع الأردن ليصل إلى 2000 ميغاواط، لزيادة القدرة 3 مرات على مرحلتين، مقارنةً بالسعة الحالية البالغة 550 ميغاواط، والتي تُتَبادل عبر كابل بحري بجهد 400 كيلوفولت نُفِّذ عام 1999.