الإدارة الذاتية تنفي وجود ضغوط أجلت الانتخابات إلى أجل غير مسمى
ادلب (سوريا) - نفت "الإدارة الذاتية" في شمال شرقي سوريا تأجيل انتخابات البلدية، التي كان من المقرر إطلاقها في 11 من يونيو/حزيران الحالي، على خلفية ضغوط تعرضت لها، معتبرة أن قرار التأجيل جاء بسبب "مطلب شعبي"، لكن هذا النفي يتناقض مع تسريبات ذكرت أن التأجيل سيكون إلى أجل غير مسمى نظرا للتوافق الأميركي التركي ضد الانتخابات وافتقاد الإدارة للدعم اللازم لإجرائها.
واعتبرت الرئيسة المشتركة لدائرة العلاقات الخارجية في الإدارة الذاتية لإقليم شمال وشرق سوريا إلهام احمد، في حوار مع المرصد السوري لحقوق الإنسان، أن هذه الانتخابات هي عبارة عن "عملية ترميم للمؤسسات الخدمية التي تعمل على إعادة تأهيل ما دمرته الدولة التركية أمام الصمت الدولي".
ولفتت أن بأن أية تفاهمات مع تركيا على حساب الشعب السوري تعتبر” خيانة”. وأضافت أن العملية الانتخابية كانت مطلبًا شعبيًا ظهر كأحد مخرجات "مؤتمر أبناء الجزيرة والفرات" الذي عقد عام 2019 بعد لقاءات تشاورية مع أبناء المنطقة، لكن الشروع بالانتخابات تأجل لأسباب أمنية.
وأعلنت الإدارة الذاتية عن إجراء انتخابات بلدية كان من المقرر عقدها في 11 يونيو/حزيران الجاري في مناطق الشهباء وعفرين ومنبج بريف محافظة حلب، ومقاطعتي الفرات والطبقة التابعتين لمحافظة الرقة، إضافة إلى مدن وبلدات ريف دير الزور الشرقي ومناطق الجزيرة السورية في محافظة الحسكة، لكن هذا الإعلان أثار موجة تصريحات من كافة الفاعلين السياسيين والعسكريين في الميدان السوري، كان من أبرزها تصريح الخارجية الأميركية بأن "أي انتخابات تجري في سوريا يجب أن تكون حرة ونزيهة وشفافة وشاملة، كما دعا قرار مجلس الأمن رقم 2254، ولا نعتقد أن الظروف المناسبة لمثل هذه الانتخابات متوفرة في شمال شرق سوريا في الوقت الحاضر".
ولاحقا قررت الإدارة الذاتية تأجيل الانتخابات إلى أغسطس/آب القادم، وذلك "استجابة للمطالب الواردة من قبل الأحزاب والتحالفات السياسية المشاركة في الانتخابات، والتي طالبت المفوضية العليا للانتخابات بتأجيل الانتخابات لموعد آخر، وذلك لضيق الوقت المخصص للفترة الدعائية ولتأمين المدة الكافية من أجل مخاطبة المنظمات الدولية لمراقبة سير العملية الانتخابية"، بحسب بيانها الصادر يوم 6 يونيو/حزيران الجاري.
وعلقت مؤسسة الإذاعة والتلفزيون التركية "تي.آر.تي" إن منظمة بي.كي.كي التي كانت تخطط لإجراء انتخابات محلية في سوريا، اضطرت إلى تأجيل الانتخابات بعد أن حذرت تركيا من أنها لن تسمح بإقامة دولة إرهابية في المنطقة.".
ووفق أحمد، فوجئت "الإدارة الذاتية" بالردود السلبية التي ظهرت من العديد من الأطراف الدولية حيال هذه الخطوة والتي نص عليها القرار الأممي "2254" المتعلق بسوريا. وأضافت إن ما يتم طرحه من مبادرات للحل في سوريا، هو عبارة عن “رغبات لأصحاب العرض” وكسبًا للوقت، بمعنى هناك ابتعاد واضح عما يحتاجه السوريون.
وتابعت حتى اللحظة هناك غياب تام للحل الذي يخدم السوريين، مشيرة إلى أن “الإدارة الذاتية” تريد “حلًا وطنيًا سوريًا” يحافظ على وحدة سوريا “اللامركزية” وقوة شعبها دون أي تدخلات أخرى.
وحول طرح قنوات اتصال مع النظام والمعارضة قالت إلهام أحمد إن هناك طرحًا لدى النظام وآخر لدى المعارضة، لكن الطرحين عبارة عن “مشاريع تصفية على حساب الشعب السوري”. وقالت أن "المعارضة الوطنية" مستبعدة من هكذا أطروحات ولا يتم العمل معها، مشيرة إلى أن فتح قنوات الحوار والتواصل مع الأطراف السورية هي من صلب برامج "الإدارة"، إذ ترى أن لا مجال للحل دون الوصول إلى توافقات بين السوريين، لكن استقلالية القرار في رسم مصير سوريا شرط أساسي للوصول إلى التفاهمات أيضًا.
وكان دعا زعيم حزب الحركة القومية التركي، دولت بهشلي، لعملية عسكرية مشتركة تجمع تركيا والنظام السوري للقضاء على حزب العمال الكردستاني في مناطق شمال شرقي سوريا، وفق ما نقلته صحيفة جمهورييت التركية، وانتقد انتخابات البلديات، معتبرًا أنها مرحلة جديدة قادمة لـ"تقسيم تركيا".
واعتبر أن الولايات المتحدة ترى في الحوار مع "الإرهابيين" أمرًا ذا أهمية استراتيجية في المكان.
من جانبه، قال الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، إن تركيا تتابع عن كثب الأعمال العدوانية التي يقوم بها "التنظيم الإرهابي" ضد سلامة الأراضي التركية والسورية بحجة الانتخابات (في إشارة إلى قوات سوريا الديمقراطية).
وأوضح مصدر مطلع من "الإدارة الذاتية" أن "الحملة الدعائية الواسعة والتكلفة الكبيرة لإجراء الانتخابات وربط تحسين الخدمات بانتخاب رؤساء بلديات جدد وضع الإدارة الذاتية في موقف محرج فلجأت إلى تبرير تأجيل الانتخابات بأسباب لوجستية وفنية بناء على طلب بعض القوى والتحالفات المشاركة في الانتخابات".
كذلك "كشف تأجيل الانتخابات التأثير الواسع لتركيا على مناطق شمال شرقي سوريا وهشاشة الدعم الأميركي لقوات سوريا الديمقراطية" بحسب المصدر. وأشار إلى أن "الانتخابات لن تجري في الشهر الثامن كما جاء في قرار التأجيل وإنما عمليا تم تأجيلها لأجل غير مسمى، كونه لا يتوقع أي تغيير في الموقف الأميركي أو الموقف التركي الرافض لإجراء الانتخابات وهذا ما أخبرته واشنطن لمسؤولي قسد بشكل واضح".