الاف الفلسطينيين يشيعون جهاد جبريل، ويتوعدون بالثأر

دمشق وبيروت - من جوزف براك ونسيب عازار
جبريل ومشعل توعدا اسرائيل بالانتقام

شيع الآلاف من الفلسطينيين الاربعاء جهاد احمد جبريل مسؤول العمليات العسكرية في الجبهة الشعبية-القيادة العامة الى مثواه الاخير في دمشق وسط جو من الغضب والتوعد بالرد على ما قام به "الموساد الاسرائيلي مع عملائه في بيروت".
وشيع نجل الامين العام للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة احمد جبريل في موكب رسمي وشعبي من مستشفى دمشق الحكومي الى مخيم اليرموك (10 كلم جنوب دمشق) ومثل سوريا في الجنازة رئيس مجلس الشعب عبد القادر قدورة.
ورفع المشيعون اعلاما سوداء ويافطات تدعو الى "الانتقام" ورددوا هتافات تقول "هي هي استشهادية" و"الانتقام، الانتقام" كما قاموا باحراق العلمين الاميركي والاسرائيلي.
وقال طلال ناجي الامين العام المساعد للجبهة الشعبية-القيادة العامة في كلمة "بكل فخر نقولها ان جهاد هو الذي قام بارسال الاسلحة الى اهلنا في فلسطين، وانت من اقنعنا نحن رفاقك في المكتب السياسي وقلت لنا ان كل الشعب الفلسطيني في الارض المحتلة هو مقاوم وعلينا ان نرسل لهم السلاح".
واضاف "ووصل السلاح الى غزة واستعمل للدفاع عن الشعب الفلسطيني وفي الانتفاضة وانت من قمت باطلاق النار على القوات الاسرائيلية في الجنوب اللبناني وانت من فتحت جبهة جديدة في الجنوب اللبناني وبمشاركة اخوتك في حزب الله المجاهد".
وكانت اسرائيل اعلنت في ايار/مايو 2001 اعتراض شحنة من 40 طنا من الأسلحة موجهة الى قطاع غزة قائلة ان المرسل هو "على ما يبدو" الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة.
وفي 6 نيسان/ابريل الماضي في اوج الهجوم الاسرائيلي على الضفة الغربية اطلق سبعة مقاتلين من الجبهة صواريخ من جنوب لبنان على شمال اسرائيل قبل ان تعتقلهم السلطات اللبنانية الخاضعة لضغوط اميركية للحفاظ على الهدوء في هذه المنطقة.
ومن جهته قال خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لحركة حماس ان "جهاد قد فاز بالشهادة وهو الى جوار ربه. سيذكرك رفاقك وان دمك لن يضيع هدرا، وسيحمله رفاقك واخوانك وعشت معهم طريق الجهاد والمقاومة".
وتوجه مشعل بالحديث الى "العدو الصهيوني" قائلا "اعلم يا (ارييل) شارون و (رئيس هيئة الاركان شاوول) موفاز و(وزير الخارجية شيمون) بيريز و(وزير الدفاع بنيامين) بن اليعازر وكل الطغمة الصهيونية، اعلموا ان دم جهاد ليس امانة في عنق اخوانه في الشعبية-القيادة العامة فحسب لكنه امانة في اعناق جميع فصائل المقاومة الفلسطينية".
واضاف "انتظروا الرد ايها الصهاينة الجبناء.. ليس من رفاق جهاد ولكن من حماس وفتح والجهاد الاسلامي والشعبية والديموقراطية، وجرائمكم لن تزيدنا الا اصرارا على الجهاد والمقاومة".
وتابع "للادارة الاميركية التي قالت في الامس ان الشرق الاوسط بؤرة ارهاب ... نقول لهم ان كل هذه الدول ضحية الارهاب الاسرائيلي والاميركي وضحية سلاحهم في قتل اطفالنا في جنين ونابلس".
وقال متوجها الى الادارة الاميركية "قد تخيفين زعماء وبعض القادة والحكومات ولكنك لن تخيفي طفلا فلسطينيا يقول لا اله الا الله" مشيرا الى ان "الطريق الى الامن والاستقرار في المنطقة" لا يتحقق الا بعد انسحاب اسرائيل.
وهاجم مشعل بشدة السلطة الفلسطينية قائلا "خاطبناها مرارا للانضمام الينا الى خندق المقاومة ولكنها اليوم تدين العمليات الاستشهادية".
واضاف مخاطبا المسؤولين في السلطة "اقول لهؤلاء الطغمة في السلطة: عجزتم عن حماية شعبكم ارحلوا عن ارضنا ولا مقام لكم فيها (...) ان الشعب لا يقبل الا من يقاوم المحتل لارضه".
وتوجه مشعل الى الفصائل الفلسطينية قائلا "انتم لستم وحدكم في الميدان ولستم مهزومين ولا في مأزق اقول لكم لا تتخلوا عن المقاومة والعمليات الاستشهادية وان دولا تقف الى جانبنا في هذه الارض المقدسة سوريا (بشار الاسد) التي تحتضن المجاهدين والقادة والمقاتلين كما تحتضنهم شهداء".
وشارك في التشييع ممثل عن العقيد معمر القذافي هو ابو بكر يونس جابر اضافة الى العديد من قادة المنظمات الفلسطينية المعارضة وممثلين عن احزاب لبنانية عدة.
وقد قتل جهاد جبريل المرشح لخلافة والده على رأس الحركة الاثنين في بيروت الغربية في انفجار عبوة ناسفة زرعت في سيارته.
وعلى صعيد آخر في لبنان شارك اكثر من ثلاثة الاف لبناني الاربعاء في تشييع المهندس المسيحي المناهض لسوريا رمزي عيراني الذي عثر عليه ميتا منذ يومين في بيروت في جنازة سادتها اجواء من الغضب والبكاء.
وافادت التقارير ان جنازة عيراني (36 عاما) المسؤول الطلابي في حزب القوات اللبنانية المسيحي المحظور جرت في الحازمية في شرق بيروت.
ورفع مئات الشبان الذين احتشدوا على ارصفة الطرق وفي باحة كنيسة مار تقلا اعلاما للقوات اللبنانية وصورا لرمزي عيراني وسمير جعجع القائد السابق للقوات اللبنانية الذي يقبع في السجن منذ 1994.
واستقبلوا بالتصفيق والهتاف وصول النعش في سيارة نقل الموتى المزينة بالاكاليل والصلبان المصنوعة من الزهور من مشرحة المستشفى الاميركي في بيروت.
وفي الكنيسة، كانت ايميه، والدة رمزي وشقيقته ماري المتشحتين بالسواد والجالستين في المعقد الامامي تجففان دموعهما الغزيرة بمحارم بيضاء.
وبقيت زوجته المتشحة بالسواد واقفة متكئة على النعش الابيض خلال صلاة الجنازة.
ولم تحضر ابنته ياسمينة (7 سنوات) وابنه جاد (اربع سنوات) الجنازة.
وترأس المطران رولان ابو جودة ممثلا راس الكنيسة المارونية الكاردينال نصر الله صفير الواسع النفوذ، الصلاة في الكنيسة التي اكتظت بأقارب الراحل واصدقائه.
وقال احد المطارنة باسم الكاردينال صفير "نطالب السلطات بالكشف عن القتلى ومعاقبتهم حتى يحافظ الناس على ثقتهم بالدولة".
من جهته، اعرب شقيق رمزي عيراني عن تخوفه "من دفن سر اغتيالك معك في لبنان الذي فقد سيادته وروحه".
وقد عثر على الجثة المتحللة لرمزي عيراني الذي قتل برصاصتين في الرأس يوم الاثنين في صندوق سيارته في بيروت الغربية.
ففي السابع من ايار/مايو لم يعد رمزي عيراني الى منزله بعد انتهاء عمله. وهو موظف منذ عشر سنوات في مجموعة "توتال ليبان" النفطية الفرنسية المتفرعة من "توتال فينا الف" والتي يوجد مكتبها في المنطقة نفسها.
واعلنت "توتال ليبان" في بيانات نشرت في الصحف البيروتية اقفال مكاتبها الاربعاء بسبب وفاة رمزي عيراني.
واثار قتله موجة من الغضب في الاوساط السياسية والطلابية والنقابية.
ودعت الهيئات الطلابية للاحزاب المسيحية المناهضة لسوريا، والزعيم الدرزي وليد جنبلاط واليسار، في بيان مشترك الى اضراب عام الاربعاء في الجامعات والمدارس.
ومن جانبه، ابدى لقاء قرنة شهوان الذي يضم المعارضة المسيحية رد فعل عنيفا محملا السلطة وسوريا مسؤولية الجريمة.
واكد التجمع في بيان انه "يدين بشدة اغتيال المهندس رمزي عيراني في وسط العاصمة ووضح النهار. ويعتبر ان لهذه الجريمة النكراء دلالات خطيرة، فهي تكشف عجز الأجهزة الأمنية التي كانت تخضعه للمراقبة عن القيام بالمهمات الموكولة اليها واولها تأمين سلامة المواطنين".
واضاف البيان ان "المسؤولية لا تقع على عاتق اللبنانين في السلطة فحسب، انما هي ايضا مسؤولية سوريا التي اولت نفسها خلافا للدستور مسؤولية توليد هذه السلطة الفاشلة في كل الميادين".
وتمارس سوريا نفوذا حاسما في لبنان الذي تنشر على اراضيه الاف الجنود ورجال الاستخبارات.
واعتبر الرئيس اللبناني اميل لحود ان حادثي اغتيال مسؤول فلسطيني موال لسوريا واخر مسيحي لبناني مناهض لسوريا يهدفان الى "زعزعة الثقة" في لبنان وذلك في تصريحات اوردتها الصحافة الاربعاء.
وقال لحود امام مجموعة من الزوار الذين استقبلهم الثلاثاء "ليس من الصدفة ان يتم في يوم واحد، وفي منطقة واحدة من بيروت، اغتيال مسؤول فلسطيني والعثور على جثة مسؤول في القوات اللبنانية بعد 13 يوماً من اختفائه في ظروف لا تزال غامضة".
واعتبر لحود "ان هذا التوقيت المشبوه" يتزامن مع اقتراب الذكرى الثانية "لتحرير القسم الأكبر من الجنوب من الاحتلال الاسرائيلي".
وووعد لحود بمواصلة التحقيقات لكشف الجناة ومعاقبتهم داعيا اللبنانيين "الى مزيد من التضامن والوحدة لاحباط المحاولات الجارية لزعزعة الثقة بلبنان وضرب الاستقرار الامني فيه".