التراجع الكارثي لخصوبة الرجال يكشف أسراره

الدراسة الأشمل من نوعها ترجع انخفاض تركيز الحيوانات المنوية لدى الرجال البالغين بالنصف في نصف القرن الأخير الى التعرض للمبيدات الحشرية.

واشنطن – وضعت الدراسة الأشمل من نوعها يدها على السبب الرئيسي للانخفاض المرعب في خصوبة الرجال خلال نصف القرن الماضي.

ووثّقت الدراسة التي قام بها فريق بحث من إيطاليا والولايات المتحدة وجود علاقة بين التعرض للمبيدات الحشرية، وانخفاض تركيز الحيوانات المنوية لدى الرجال البالغين.

وأوصت المراجعة المنهجية الأكثر شمولا للموضوع حتى الآن، بضرورة تقليل التعرض لنوعي المبيدات الحشرية الخاضعة للدراسة، للحفاظ على خصوبة الذكور.

تُحدَّد جودة السائل المنوي للرجال عبر تقييم عوامل، مثل تركيز الحيوانات المنوية وإجمالي عددها وحركتها وشكلها.

ومن المرجّح أن يستغرق الرجل أكثر من عام لإنجاب طفل إذا كان تركيز الحيوانات المنوية لديه أقل من 15 مليوناً في الملليلتر. بالإضافة إلى ذلك، فإنّ نسبة احتمال الحمل ستنخفض إذا كان تركيز الحيوانات المنوية أقل من 40 مليوناً لكل ملليلتر، وفقاً لقيم حدّدتها منظمة الصحة العالمية.

واستعرض الفريق ما يقرب من 5 عقود من الأدلة فيما يتعلق بالآثار الصحية للتعرض لفئتين من المبيدات الحشرية المستخدمة على نطاق واسع وهي، الفوسفات العضوي وكربامات الميثيل.

فهم تأثير المبيدات على تركيز الحيوانات المنوية لدى البشر أمر بالغ الأهمية

وتقول المعدة الأولى لورين إليس، عالمة صحة السكان في جامعة نورث إيسترن: "إن فهم كيفية تأثير المبيدات الحشرية على تركيز الحيوانات المنوية لدى البشر أمر بالغ الأهمية نظرا لوجودها في كل مكان في البيئة والمخاطر الإنجابية الموثقة".

وأضافت عبر موقع الجامعة: "لقد وصلت الأدلة المتاحة إلى نقطة يتعين علينا فيها اتخاذ إجراءات تنظيمية لتقليل التعرض للمبيدات الحشرية".

وبحث الفريق في بيانات من 1774 رجلا بالغا في أربع قارات (آسيا وأمريكا الشمالية وأمريكا الجنوبية وأوروبا) عبر 21 مجموعة دراسة تعرضت للفوسفات العضوي وكربامات ميثيل N.

وتتمثل الطريقة الرئيسية للسمية لهذه المبيدات الحشرية شائعة الاستخدام، في تثبيط الإنزيمات المشاركة في الانهيار الطبيعي للناقلات العصبية مثل الأسيتيل كولين.

ولاحظ الباحثون أن دراسات أخرى أظهرت أن جودة السائل المنوي آخذة في الانخفاض مع مرور الوقت.

ووجدت مراجعة أجريت في عام 2022 أن متوسط عدد الحيوانات المنوية بين المشاركين، الذين لا يعانون من العقم، انخفض بنسبة 51% بين عامي 1973 و2018، من 101.2 مليون إلى 49 مليون لكل ملليلتر من السائل المنوي. ولا يزال هذا ضمن النطاق "الطبيعي" بالنسبة لمنظمة الصحة العالمية.

وهناك علاقة بين انخفاض تركيز الحيوانات المنوية وعوامل أخرى تتعلق بصحة الذكور أيضا، مثل زيادة خطر الإصابة ببعض أنواع السرطان. ومع ذلك، فإن العثور على شيئين مرتبطين لا يثبت أن أحدهما مسؤول عن الآخر أو نتيجة له، وما زلنا لا نعرف الآلية الكامنة وراء التأثيرات.

وهناك عوامل مهمة أخرى يمكن أن تؤثر على الخصوبة مع مرور الوقت، حيث تم ربط تلوث الهواء بانخفاض إنتاج الحيوانات المنوية لدى كل من البشر والحيوانات في العديد من الدراسات السابقة.

وتشير الأبحاث الحديثة التي أجريت على الفئران إلى أن التلوث يؤدي إلى فقدان إنتاج الحيوانات المنوية من خلال العمليات الالتهابية في أدمغتها.

وعندما يتعلق الأمر بالفوسفات العضوي، يوصي الفريق بإجراء مزيد من الأبحاث حول glyphosate على وجه الخصوص، حيث تمت دراسة آثاره السمية العصبية، ولكن يبدو أن البيانات المتعلقة بتأثيره على إنتاج الحيوانات المنوية غير متوفرة. وهناك أيضا دراسات محدودة حول كربامات الميثيل N، ولكن لا تزال النتائج تظهر أن هناك رابطا واضحا.

ثمة إجراءات يمكن للمستهلك اتخاذها، إذ يعتقد الخبراء أن اختيار الأطعمة العضوية هو وسيلة مؤكدة للحدّ من التعرض للمبيدات الحشرية. وقالت ألكسيس تيمكين، عالمة السموم في مجموعة العمل البيئي، وهي منظمة غير ربحية للبحث والدعوة تركز على صحة المستهلك والمواد الكيميائية السامة والملوثات، إنه رغم أن الأطعمة العضوية ليست مغذية بشكل أكبر، إلا أن الأغلبية لا تحتوي سوى على القليل فقط من بقايا المبيدات الحشرية.