التفويض الشعبي يضع السيسي في صدارة السباق الرئاسي

محللون يرجحون أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة طابعا أقرب إلى الاستفتاء مثلما حدث في النسختين السابقتين.

القاهرة - يسعى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي لولاية رئاسية ثالثة بعد أن منحه المصريون 'تفويضا' في العام 2013 للقضاء على الإرهاب وفي حال فوزه المرجح هذه المرة أيضا سيمتد حكمه حتى العام 2030، فيما يواجه عديد التحديات تتصدرها الأزمة الاقتصادية الخانقة.

وقال السيسي البالغ 68 عاما الاثنين أمام حشد من مؤيديه في العاصمة الإدارية الجديدة الواقعة شرق القاهرة "كما لبيت نداء الشعب من قبل إنني باذن الله ألبّي نداءهم مرة أخرى وعقدت العزم على ترشيح نفسي لكم لاستكمال الحلم بمدة رئاسية جديدة".

وأظهرت مشاهد بثّتها محطات تلفزة موالية للحكومة آلاف الأشخاص يحتفلون بالإعلان على منصات أقيمت مسبقا في مختلف أنحاء البلاد.

وفي غرب القاهرة قالت المعلمة سحر عبدالخالق التي رافقت حافلة تنقل طلابا إلى تجمع حاشد لدعم ترشّح السيسي "انهارت البلدان في كل مكان حولنا ولم تتعاف أبدًا.. أما نحن فنتقدّم إلى الأمام بسبب رئيسنا وجيشنا".

ويرجّح محللون أن تشهد الانتخابات الرئاسية المقبلة طابعا أقرب إلى الاستفتاء مثلما حدث في النسختين السابقتين من الانتخابات.

وتشهد مصر التي يبلغ عدد سكانها 105 ملايين يعيش ثلثهم تحت خطّ الفقر واحدة من أسوأ الأزمات الاقتصادية في تاريخها بعدما سجل معدل التضخم مستوى قياسيا عند نحو 40 في المئة مدفوعا بتراجع قيمة العملة المحلية ونقص العملة الأجنبية في بلد يستورد معظم حاجاته الغذائية.

لُقِّب السيسي في سنوات حكمه الأولى بالـ"المنقذ" بسبب إطاحته بالإخوان الذين تفردوا بالسلطة وفرضوا قوانين متشددة وفاز في الانتخابات الرئاسية لولايتين بنسبة تخطت 95 في المئة وألصق بعض المؤيدين صوره على منتجات غذائية ومخبوزات.

وأدت حملة "100 مليون صحة" التي أطلقها على مدار الأعوام الماضية إلى تعزيز شعبيته وسط الطبقات المحدودة الدخل، إذ ساهمت في علاج ملايين المرضى.

ولد السيسي في العام 1954 في حي الجمالية بقلب القاهرة الفاطمية وهو أب لأربعة أبناء، بينهم محمود الذي يشغل منصبا رفيعا بجهاز المخابرات العامة.

ومنذ وصوله إلى السلطة يصف السيسي الذي تخرّج من الكلية الحربية عام 1977 نفسه بأنه "أب لكل المصريين" ويقوم بتوجيه النصائح والإرشادات للمصريين في معظم المناسبات والمحافل العامة ويطالبهم بمزيد من التضحيات لتجاوز الأزمة الاقتصادية.

ويعتبر السيسي الذي كان مديرا للمخابرات الحربية في العام 2011 مع انطلاق الربيع العربي، وكان عضوا في المجلس العسكري الذي تسلّم السلطة من الرئيس المصري الراحل الأسبق حسني مبارك، أن الثورة خطأ وأن الثورات في المنطقة لم يكن مردودها إيجابيا.

وقال في مؤتمر عام السبت "إذا كان البناء والتنمية والتقدم ثمنه الجوع والحرمان، إياكم يا مصريين أن تقولوا نأكل أفضل". وضرب مثلا بدولة لم يسمها، كان واضحا أنها الصين، "أصبحت قوة عظمى بعد أن مات 25 مليون من شعبها جوعا".

وعلى مستوى الاقتصاد، ينتقد الخبراء المشروعات العملاقة التي تبناها السيسي وعلى رأسها العاصمة الإدارية الجديدة التي كلّفت 58 مليار دولار تقريبا، فضلا عن القطارات الفائقة السرعة والجسور والطرق التي يعتقدون أن لا عائد لها بينما تستنزف موازنة الدولة وتؤدي إلى مضاعفة الديون.

وكان لهذه المشاريع صداها على مؤيدي وأنصار السيسي في شتى المجالات ووضعت معظم القنوات التلفزيونية المصرية شعار "الجمهورية الجديدة" على يسار شاشاتها، احتفالا ودعما لما تشهده البلاد من تغيير وفق رؤية الرئيس.

وكثيرا ما يؤكد السيسي للمصريين مدى خبرته في الحكم على الأشياء سواء في مجال الاقتصاد أو غيره من المجالات حتى أنه لا يجد خطأ في أن يعلن أنه المشرف والمراقب على صناديق الثروة السيادية في البلاد وليس الجهاز المركزى للمحاسبات.

واعتمد السيسي لسنوات طويلة على التمويل الممنوح من صندوق النقد الدولي عبر القروض أو عبر ودائع الحلفاء الخليجيين وهو ما يصفه الباحث في المعهد الإيطالي للشؤون الدولية روبرت سبرنغبورغ بأنه نموذج اقتصادي فقدت معظم البلدان في العالم ثقتهم فيه.

وتوجد مؤشرات كثيرة على أن المستثمرين الخليجيين باتوا يطلبون عوائد استثماراتهم ويرفضون تقديم مساعدات مالية غير مشروطة.

وترى المحللة المستقلة حفصة حلاوة أن بلدان الخليج "لم تعد تعتقد أن هناك إرادة سياسية داخل هذه القيادة المصرية لتغيير أي شيء"، مشيرة إلى أن هذه الدول تعاني "الآن إحباطا حقيقيا إن لم يكن غضبا".