الحزن يخيم على عرض أول فيلم سوداني في كان

محمد كردفاني مخرج 'وداعا جوليا' يؤكد أنه يشعر بالسعادة والذنب في آن، قائلا 'بينما أمشي على السجادة الحمراء يفر الناس من الرصاص'.

كان (فرنسا) - تمثل تجربة المشاركة في مهرجان كان السينمائي حدثا رائعا ومؤلما في الوقت نفسه لمحمد كردفاني، فهو مخرج أول فيلم سوداني يشارك في المهرجان، لكن المشاركة تأتي وسط صراع تشهده بلاده تسبب في نزوح ما يقرب من 1.1 مليون شخص عن ديارهم، فالتجربة تشبه في طعمها مشروب "الحلو مر" السوداني الشهير.

وقال كردفاني إنه "لشرف عظيم لي وأشعر بسعادة غامرة، لأن الفيلم وصل إلى كان، فهذا يمثل مكافأة كبيرة لكل الطاقم والممثلين، وأنا واحد منهم"، متابعا "لكن في الوقت نفسه، أشعر بالذنب وبالحزن… فأنا أمشي على السجادة الحمراء بينما يفر الناس من الرصاص والقصف".

ويسلط فيلمه "وداعا جوليا" الذي عرض لأول مرة، السبت، الضوء على تأثير انفصال جنوب السودان عن السودان عام 2011 على حياة الأفراد من خلال التركيز على امرأتين هما منى وجوليا. وتلعب دوريهما الممثلة والمغنية المسرحية إيمان يوسف والعارضة سيران رياك.

وتحاول منى المغنية المعتزلة، وهي من السودان، التطهر من شعورها بالذنب بعد التستر على جريمة قتل من خلال اصطحاب جوليا أرملة الضحية، وهو من جنوب السودان، وابنها إلى منزلها. وفي ظل عجزها عن الاعتراف، قررت أن تترك الماضي وراءها.

'وداعا جوليا'

ويعتبر محمد كردفاني وهو مؤلف الفيلم ومخرجه أن "وداعا جوليا" دعوة للتصالح، كما أنه يلقي الضوء على القوى المحركة الاجتماعية التي أدت إلى انفصال جنوب السودان.

ويقول "أنا لست سياسيا، لكن فيلمي وداعا جوليا يتناول ويلات الحرب التي اعتبرها أم البلاءات وقد اجتاحت الحرب كل تفاصيل حياتنا…. يسعى الفيلم إلى سبر أغوار هذه الكارثة التي تضرب الشعوب وتُخلّف وراءها أحزانا ودمارا تحتاج تلك الشعوب إلى دهور طويلة لتجاوز آثارها وتداعياتها".

وتم اختيار الفيلم الذي تلقى دعما من "مهرجان البحر الأحمر" و"مؤسسة آفاق"، في مسابقة "نظرة ما" ضمن فعاليات النسخة الـ76 من مهرجان كان السينمائي الدولي التي انطلقت في السادس عشر من مايو/أيار وتستمر إلى غاية 27 من الشهر نفسه، ليصبح أول فيلم سوداني في تاريخ المهرجان.

وكشف كردفاني من خلال صفحته على فيسبوك أن "اللحظة التي بدأت فيها موجة التصفيق بعد انتهاء عرض الفيلم بمهرجان كان لحظة مهمة جدا في حياتي.. لحظة استرجعت من خلالها مشوار طويل من العمل، وكذلك عقبات كثيرة تجاوزتها، وتضحيات كثيرة أقدمت عليها".

ويشارك في بطولة الفيلم إلى جانب إيمان يوسف وسيران رياك الممثل المخضرم نزار جمعة وقير دوينى الذي اختارته المفوضية السامية للأمم المتحدة لشؤون اللاجئين سفيرا للنوايا الحسنة عن منطقة شرق أفريقيا والقرن الأفريقي.

ووفقا لمنظمة الصحة العالمية، تسببت المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع شبه العسكرية في مقتل نحو 705 أشخاص وإصابة ما لا يقل عن 5287.

وأعرب كردفاني عن أمله في أن يجد السودان طريقه للسلام والمصالحة في المستقبل، قائلا "آمل أن نتمكن من تشكيل هوية وطنية جديدة تفخر بالقيم التي تجمع الناس مثل الحرية، مثل العدالة، مثل التعايش".