الخلافات تعقد أزمة ترسيم الحدود شرق المتوسط

اليونان تستمر في التشكيك بشرعية الاتفاق التركي الليبي، وتتحرك دبلوماسيا لبحث ترسيم الحدود وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي ترفض تركيا الانضمام إليها.

طرابلس - تصاعد التوتر بين تركيا واليونان وليبيا بسبب الخلافات حول ترسيم الحدود البحرية وتنقيب الغاز في المناطق المتنازع عليها شرق المتوسط، وسط تبادل اتهامات وتصريحات متصاعدة من جميع الأطراف، حيث تؤكد أنقرة تمسكها باتفاق 2019 مع ليبيا، بينما تعارض أثينا هذا الاتفاق وتحشد الدعم الأوروبي لتقوية موقفها.

وأكد المتحدث باسم الخارجية التركية، أونجو كيتشلي تمسك بلاده بالاتفاق الموقع مع حكومة الوفاق الليبية عام 2019، واصفاً إياه بأنه "اتفاق قانوني وعادل"، وردّ على الانتقادات اليونانية والأوروبية بالقول إن أنقرة "لن تسمح بانتقاص حقوقها السيادية عبر قرارات أحادية".

وقال مسؤول في وزارة الدفاع التركية، إن "مذكرة التفاهم وقعت وفقاً لقواعد قانون البحار الدولي، وبما يحمي حقوق البلدين في إطار من الإنصاف، وقد أُبلغت الأمم المتحدة بها من قِبل كل من بلدنا وليبيا".

وأضاف المسؤول العسكري التركي، خلال إفادة صحافية أسبوعية لوزارة الدفاع الخميس، تعليقاً على ما جاء في بيان لقادة دول الاتحاد الأوروبي في ختام قمتهم في بروكسل في 26 يونيو/حزيران الماضي "لا نقبل وصف مذكرة التفاهم بأنها غير قانونية نتيجة للتوجهات السياسية أحادية الجانب لليونان وقبرص".

وجدد قادة الاتحاد الأوروبي موقفهم السابق من "مذكرة التفاهم" باعتبارها "غير قانونية وتنتهك الحقوق السيادية للدول الثالثة، ولا تتوافق مع قانون البحار، ولا يمكن أن تترتب عليها أي آثار قانونية على الدول الثلاث".

وقال المسؤول العسكري إن "مذكرة التفاهم"، التي وقعها الرئيس رجب طيب إردوغان ورئيس "حكومة الوفاق الوطني" الليبية السابقة فائز السراج في إسطنبول في 27 نوفمبر /تشرين الثاني 2019، "وقعت وفقاً لخط الوسط بين دول البر الرئيسي، ومبدأ عدم الانغلاق، ومبدأ الإنصاف".

ومن جانبها، تستمر اليونان في التشكيك بشرعية الاتفاق التركي الليبي، حيث أعلن وزير خارجيتها جورج جيرابتريتيس عن زيارة مقبلة إلى ليبيا لبحث ترسيم الحدود وفقاً لاتفاقية الأمم المتحدة لقانون البحار، التي ترفض تركيا الانضمام إليها.

وأكدت مصادر يونانية أن "الانتقائية في تطبيق القانون الدولي تهدد الاستقرار"، معربة عن عزم أثينا حماية مصالحها.

وفي تطور مفاجئ، أعلن مجلس النواب الليبي عن نيته التصويت على المصادقة النهائية على الاتفاقية البحرية مع تركيا، رغم معارضته السابقة لها.

وقد قدمت الحكومة الليبية المكلفة من البرلمان طلباً رسمياً للموافقة على الاتفاق، مع تشكيل لجنة فنية لدراسته.

وتصاعدت الأزمة بعد إعلان اليونان عن طرح عطاءات للتنقيب جنوب جزيرة كريت، ما دفع حكومة الوحدة الوطنية في طرابلس إلى استدعاء السفير اليوناني وتسليمه مذكرة احتجاج رسمية، معتبرة ذلك انتهاكاً لسيادتها.

وزادت التوترات مع إعلان اليونان إرسال سفن حربية إلى مياه دولية قبالة السواحل الليبية، بحجة مراقبة تدفقات الهجرة غير النظامية، خاصة من مناطق مثل طبرق التي تشهد نشاطاً متزايداً لعمليات الهجرة.

وقال مفوض الهجرة في الاتحاد الأوروبي ماجنوس برونر إن أوروبا ستتخذ نهجا "حازما" مع السلطات في ليبيا بعد تزايد أعداد المهاجرين غير الشرعيين عبر البحر المتوسط.

ويعتزم برونر السفر إلى ليبيا الأسبوع المقبل مع ممثلي حكومات اليونان وإيطاليا ومالطا، لدفع السلطات الليبية إلى اتخاذ تدابير أكثر صرامة لمنع القوارب التي تحمل المهاجرين من الإبحار إلى أوروبا.

وقال برونر الثلاثاء في مؤتمر في أثينا "في الواقع هذه قضية تزعجنا كثيرا في الوقت الحالي. ليبيا، بالطبع، على رأس جدول الأعمال، وسنسافر معا إلى ليبيا الأسبوع المقبل لأننا يجب أن نتحرك بسرعة ونكون حازمين".

وأضاف برونر، الذي ناقش الزيارة القادمة في اجتماع مع رئيس الوزراء اليوناني كيرياكوس ميتسوتاكيس، إن الوفد سيلتقي مع ممثلين عن كل من الحكومة المعترف بها من الأمم المتحدة في غرب ليبيا والسلطة المنافسة لها في شرق البلاد.

ويعود النزاع إلى أواخر 2019 مع توقيع الاتفاق البحري بين تركيا وحكومة الوفاق، الذي واجه رفضاً يونانياً وقبرصياً وأوروبياً. وتجددت الأزمة في أكتوبر 2022 بتوقيع مذكرة تفاهم جديدة تمنح تركيا حقوق التنقيب في المياه الليبية، مما يبقي شرق المتوسط ساحة للتنافس الإقليمي.

وأكدت المؤسسة الوطنية الليبية للنفط (حكومية)، الأحد الماضي أن الاتفاقيات كافة التي أبرمتها الدولة تستند للقانون الدولي وتخدم مصالح الشعب الليبي.

وأضافت المؤسسة في بيان إنها "تؤكد التزامها الراسخ بتنفيذ برامج الاستكشاف حمايةً لحقوق ليبيا السيادية ومصالحها الوطنية في استكشاف وتطوير الموارد الهيدروكربونية، بما في ذلك في شرق المتوسط".

وشددت على أن "جميع الاتفاقيات والشراكات التي أبرمتها الدولة الليبية تستند إلى مبادئ القانون الدولي وتخدم المصالح طويلة الأمد للشعب الليبي".