حكومة اليمن تدين قتل الحوثيين رجل دين معارض

الحوثيون يتهمون الشيخ صالح حنتوس بالتحريض عليهم ورفض دعمهم للقضية الفلسطينية.

صنعاء - تتواصل انتهاكات جماعة الحوثي في اليمن بحق المدنيين، حيث تستهدف بشكل متزايد رجال الدين الذين يخالفون توجهاتها، ما يعكس تصعيدًا خطيرًا في قمع الحريات الدينية. في أحدث هذه الانتهاكات، حيث أدانت الحكومة اليمنية مقتل الشيخ صالح حنتوس، معلم القرآن الكريم الذي تجاوز السبعين من عمره، على يد الحوثيين، الذين اتهموه بالتمرد والتحريض وإطلاق النار على قوة أمنية، في اتهامات تثير الجدل حول دوافع الاستهداف واستمرار سياسة الإقصاء والعنف تجاه المخالفين.

ويمثل استهداف معلم قرآن كبير السن اعتداءً صارخًا على الرموز الدينية التي لا تتماشى مع التوجه الفكري الحوثي، ويعكس هذا السلوك سعي الجماعة لفرض رؤيتها العقائدية بالقوة، وتكميم أي صوت ديني مستقل أو مخالف. هذا القمع لا يستهدف فقط الأفراد، بل يطاول البنية الدينية العامة، ويجعل من الخلاف العقائدي مبررًا للعنف.
ويبرز مقتل الشيخ حنتوس كجزء من محاولة منظمة لتفكيك التعليم الديني التقليدي، واستبداله بمراكز تعليم ديني تابعة للجماعة، تروّج للفكر الطائفي. تسعى الجماعة من خلال هذا إلى السيطرة على الخطاب الديني، وتوجيهه بما يخدم مشروعها الأيديولوجي.
ويبعث اغتيال شخصية دينية مسنّة ومعروفة بتعليم القرآن يبعث برسالة ترهيب واضحة للمجتمع المحلي، مفادها أن مخالفة سلطة الجماعة – ولو كانت سلمية أو ذات طابع ديني – قد تجر إلى اتهامات بالتحريض وربما القتل. هذا النمط من الترهيب يسهم في تكميم المجتمع وفرض الخضوع بالقوة.
وتبرز الاتهامات الموجهة للشيخ بالتحريض وإطلاق النار على قوة أمنية تبرز نمطًا متكررًا يتمثل في استخدام القضاء كأداة سياسية وأمنية لتبرير الانتهاكات وتصفية الخصوم. يتحول بذلك القانون من أداة لحماية العدالة إلى وسيلة لتكريس الاستبداد.
وتسهم مثل هذه الانتهاكات في توسيع الفجوة بين جماعة الحوثي والعديد من العلماء والدعاة، حتى أولئك الذين لا يعارضونها علنًا. يتردد كثيرون اليوم بين الصمت القسري أو الهجرة من مناطق سيطرة الجماعة، مما يعمّق عزلة الحوثيين عن الحاضنة الدينية التقليدية.
ويعزز مقتل رجل دين على خلفية فكرية أو مذهبية الطابع الطائفي للنزاع في اليمن، ويهدد التعددية الدينية والمذهبية التي طالما ميزت المجتمع اليمني. مثل هذه الأفعال تدفع بالنزاع إلى مربعات أكثر تعقيدًا، وتزيد من احتمالات انزلاقه إلى صراع ديني مفتوح.
ونعت وزارة الأوقاف والإرشاد التابعة للحكومة المعترف بها دوليا، في بيان مساء الأربعاء، "معلم القرآن الكريم الشيخ صالح حنتوس".
وقالت إنه "استشهد في جريمة غادرة ارتكبتها مليشيات الحوثي الإرهابية، بعد حصار استمرّ لعدة ساعات وهجوم مسلح بمختلف الأسلحة استهدف منزله ومسجده في مديرية السلفية بمحافظة ريمة (غرب)".
وأضاف أن "الشهيد، الذي ناهز السبعين عاما، كرّس حياته لتعليم كتاب الله، وتربية الأجيال، والإصلاح بين الناس، وكان رمزًا للخير والتقوى، وعلَمًا في ميدان الدعوة والتوجيه".

وتابعت الوزارة أنه "لم يسلم من بطش الميليشيات الحوثية المجرمة، حيث تعرض طيلة الفترة الماضية لشتى صنوف التضييق والابتزاز" مشددة على أن "هذه الجرائم لن تسقط بالتقادم وسيتم محاسبة كل المتورطين فيها".

في المقابل، أصدرت شرطة محافظة ريمة (خاضعة للحوثيين) بيانا مساء الأربعاء بشأن ملابسات مقتل حنتوس، الثلاثاء، "خلال مواجهة مسلّحة مع رجال الأمن في مديرية السلفية".
وادعت الشرطة أنه "كان يمارس أنشطة تحريضية تستهدف أمن واستقرار المحافظة، وعمد إلى الدعوة للفوضى والتمرد، ورفض مواقف الدولة (الجماعة) والشعب اليمني الداعمة للقضية الفلسطينية"، وفق البيان.
كما ادعت أنه "تبنّى مواقف موالية للعدوان الأمريكي الصهيوني على بلادنا، وسعى إلى إحباط الأنشطة الشعبية والرسمية المؤيّدة للمقاومة الفلسطينية".
وتابعت الشرطة أنها "سبق أن وجّهت إنذارات عدة إلى المدعو حنتوس، عبر وساطات من مشايخ ووجهاء المحافظة، ودعته للتوقف عن أنشطته التخريبية"، وفق قولها.
واستدركت "إلا أنه قابل تلك المساعي بالرفض والتعنت فتم تكليف حملة أمنية لضبطه، إلا أنه بادر بإطلاق النار فور وصول الحملة الأمنية إلى موقعه".
وأردفت أن إطلاق النار "أدى إلى استشهاد 3 من رجال الأمن وإصابة 7 آخرين".
الشرطة استطردت: واضطر ذلك رجال الأمن إلى الرد وانتهت المواجهة بمصرع المدعو صالح حنتوس، وإصابة أحد أفراد عصابته، والقبض على بقية العناصر".
ومنذ أبريل/ نيسان 2022، يشهد اليمن تهدئة لحرب بدأت قبل أكثر من 10 سنوات بين القوات الموالية للحكومة الشرعية وقوات جماعة الحوثي المسيطرة على محافظات ومدن بينها العاصمة صنعاء (شمال)، منذ 21 سبتمبر/ أيلول 2014.