الرئيس التونسي يتهم المعارضة بمحاولة تأليب الرأي العام على الدولة

النهضة تسوق لمظلوميتها في المظاهرات وتقحم قضية قادتها المعتقلين في أي حدث سياسي رغم اتهامهم بقضايا تمس أمن الدولة.

تونس - قال الرئيس التونسي قيس سعيّد إن "لوبيات فساد في عدد من المدن دفعت أموالاً بهدف مشاركة المواطنين في احتجاجات غايتها حقيرة ومفضوحة"، حيث سبق أن دعت حركة النهضة، في أكثر من مناسبة أنصارها وكل القوى الحية إلى التظاهر تحت ذرائع مختلفة، لاسيما مع رفض السلطات التجمعات التي يدعو إليها الإسلاميين بخصوص السجناء المتهمين بـ "التآمر على أمن الدولة" كما سبق أن استغلت النهضة المظاهرات المناوئة للحرب على غزة في رفع شعارات داعمة لقيادييها.

وأشار سعيد خلال اجتماع مع وزير الداخلية كمال الفقي ومدير عام الأمن الوطني مراد سعيدان والمدير العام آمر الحرس الوطني حسين الغربي. إلى توزيع الأموال خلال هذه الأيام من قبل من وصفها بـ"لوبيات الفساد في عدد من مدن الجمهورية، للمشاركة في احتجاجات مدفوعة الأجر غايتها حقيرة ومفضوحة ويعلمها، والحمد لله تعالى، الشعب التونسي".
وحسب بيان نشرته صفحة الرئاسة التونسية عبر فيسبوك انتقد الرئيس التونسي ما وصفه بـ "تزييف الحقائق ونشر المغالطات".

وتسعى حركة النهضة لحشد الدعم بكل الوسائل والطرق والعودة إلى المشهد السياسي ولفت الانتباه، عبر استغلال الشارع وتعاطف التونسيين اللامحدود مع القضية الفلسطينية، رغم أن أوراقها باتت مكشوفة بسبب مواقف سابقة لها أثبتت أن الهدف ركوب موجة الغضب الشعبي لما يجري في غزة تماما مثلما حدث إبان ثورة 2011.

وأشار سعيد إلى إن "السيارات تم تسويغها والمسالك تم تحديدها والشعارات التي سيتم رفعها تم وضعها، ومع ذلك يُقدّم هؤلاء أنفسهم في ثوب الضحية ويُلبسون على عادتهم في ذلك الحق بالباطل في تزييف الحقائق ونشر المغالطات وبثّ الفتن والإشاعات".
وفسر متابعون حديث الرئيس بأنه إشارة إلى حركة النهضة التي باتت تسوق لمظلوميتها في المظاهرات والاحتجاجات وتقحم قضية قادتها المعتقلين في أي حدث سياسي بالرغم من أنهم متهمون بقضايا تمس أمن الدولة وتجري محاكمتهم وفق القانون بقرائن وأدلة.

وظهرت مؤخرا المتاجرة المفضوحة بالقضية الفلسطينية في ربطها بسجناء حركة النهضة في الشعارات المرفوعة خلال كل تظاهراتها التي نظمتها تحت يافطة نصرة فلسطين، وتكرر رفع لوحات تحمل صور معتقليها وعليها "الحرية من سجون تونس إلى فلسطين للمعتقل فلان"، مع إضافة اسم من أسماء قادتها في كل مرة، ورفع شعار "الحرية للجميع من تونس إلى فلسطين".

لكن هذه الشعارات الرنانة لم تعد تلفت انتباه التونسيين الذين يعتبرونها استغلال للقضية الفلسطينية لتمرير رسائل النهضة وشعاراتها المتعلقة بسجنائها، وعلى رأسهم رئيس الحركة السابق راشد الغنوشي الملاحق في قضايا يتعلق بعضها بالإرهاب في قطب مكافحة الإرهاب.

وبحث الرئيس سعيد مع وزير الداخلية الوضع الأمني العام في البلاد، لاسيما مع اقتراب شهر رمضان ولجوء لوبيات الفساد إلى زيادة الاحتكار ورفع الأسعار واستغلال الشهر لمضاعفة الأرباح، حيث تجهد السلطات لتعزيز الجهود لمكافحة الاحتكار. كما شدد رئيس الدولة على ضرورة تضافر جهود كافة أجهزة الدولة لتطبيق القانون وتفكيك الشبكات التي تسعى لتحقيق أرباح غير مشروعة وتأجيج الأوضاع الاجتماعية.

كما أكد رئيس الجمهورية على عدم التسامح مع من يلجأ إلى الخارج استعداداً للانتخابات، وتنفيذ الأحكام المتعلقة بالاعتداءات على أمن الدولة الخارجي، وذلك بعد تشكيك المعارضة في إمكانية إجرائها في موعدها المحدد.

وقاطعت قوى المعارضة، ولاسيما "جبهة الخلاص" التي تقودها حركة النهضة انتخابات المجالس المحلية، بعدما قاطعت كافة المحطات الانتخابية التي جاءت بها خارطة الطريق التي أقرّها الرئيس سعيد منذ 25 يوليو 2021، كما ترفض الاعتراف بالدستور الجديد للبلاد الذي تم اعتماده إثر استفتاء صيف 2022، بينما انخرطت فيها أحزاب أخرى، ومنها حركة "الشعب" وحركة "تونس إلى الأمام" و"التيار الشعبي".

وحسم رئيس هيئة الانتخابات في تونس فاروق بوعسكر مساء الثلاثاء، الجدل بالتأكيد على أن الانتخابات الرئاسية ستُجرى في موعدها بين سبتمبر وأكتوبر المقبلين.

وقال بوعسكر، خلال مؤتمر صحافي "بمجرد انتهاء الهيئة من تركيز المجالس المحلية، الذي لن يتعدى أبريل/نيسان المقبل، سيصدر قرار الروزنامة (الجدول الزمني) المتعلق بموعد إجراء الانتخابات الرئاسية بصفة دقيقة". وأضاف أن "الهيئة ستصدر القرار الترتيبي المتعلق بضبط شروط الترشح للانتخابات الرئاسية بهدف جعله يتلاءم مع دستور البلاد لسنة 2022".

واعتبر أن "الإطار القانوني لهذه الانتخابات واضح وموعدها أيضا واضح، ومَن يريد الترشح لهذه الانتخابات فعليه الانطلاق في الاستعداد لذلك".

وتشهد تونس منذ 25 يوليو 2021، أزمة سياسية، حين بدأ سعيّد باعتماد إجراءات استثنائية، شملت حل مجلسي القضاء والنواب، وإصدار مراسيم رئاسية، وإقرار دستور جديد عبر استفتاء، وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.

ويقول متابعون إن قرار المقاطعة لا يرتبط بالموقف من المسار بقدر ما هو قناعة بعدم إمكانية إحراز نجاح مع تآكل القواعد الشعبية لتلك الأحزاب.