السعودية تقدر موازنة 2024 مع إمكانية تحول العجز إلى فائض نهاية 2023

قطاعات الدفاع والتعليم والصحة لعبت دوراً في تحوّل الفائض المتوقع إلى عجز، ومن المتوقع أن تسجل الإيرادات ارتفاعاً طفيفاً عمّا هو متوقّع في الميزانية، بفعل القطاعات غير النفطية التي تمثل دافعاً رئيسياً لنمو اقتصاد البلاد.

الرياض - أعلنت وزارة المالية السعودية، عن بيان تمهيدي لأبرز الأرقام التقديرية لموازنة العام المقبل، بإجمالي 334 مليار دولار أميركي، مع الاستمرار في عمليات الإصلاح المالي والاقتصادي.

وذكرت الوزارة في بيان، أنها تتوقع بلوغ العجز في موازنتها للعام المقبل عند 79 مليار ريال (21 مليار دولار)، مع تقدير نفقات بقيمة 1251 مليار ريال (334 مليار دولار)، مقابل إيرادات بنحو 1172 مليار ريال (313 مليار دولار).
وقال وزير المالية السعودي محمد الجدعان، إن الحكومة مستمرة في عملية الإصلاحات الهيكلية على الجانبين المالي والاقتصادي بهدف تنمية وتنويع اقتصادها "ورفع معدلات النمو الاقتصادي المستدام مع الحفاظ على الاستدامة المالية".

وأكد الوزير أن اقتصاد السعودية يتمتع "بوضع مالي متين واحتياطيات حكومية قوية ومستويات دين عام مستدامة تمكن من احتواء أي أزمات مستقبلا".

كما توقعت بلوغ العجز في ميزانيتها للعام الحالي 2023، نحو 82 مليار ريال (22 مليار دولار) نتيجة نفقات بـ 1262 مليار ريال (337 مليار دولار)، وإيرادات 1180 مليار ريال (315 مليار دولار).

وكانت السعودية أعلنت موازنة 2023، في ديسمبر/كانون أول الماضي، بإنفاق 297 مليار دولار، مقابل إيرادات بـ 301 مليار دولار، متوقعة فائضاً قيمته أربعة مليارات دولار.

وزارة المالية تتوقع بلوغ العجز في موازنتها للعام المقبل 21 مليار دولار، مع تقدير نفقات بقيمة 334 مليار دولار مقابل إيرادات بنحو 313 مليار دولار
 

والسعودية أكبر مصدر نفط في العالم وأكبر منتج في منظمة الدول المصدرة للنفط "أوبك"، ويعتمد اقتصادها بشكل كبير على النفط.

وتنظر اقتصادات دول الخليج العربي بأهمية كبيرة لأبرز أرقام موازنة السعودية، أكبر اقتصاد عربي وخليجي.

وأشار الجدعان إلى أن التقديرات الأولية للعام 2024 تشير إلى نمو الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي بنسبة 4.4 بالمئة. وتوقع "انتعاشا في اقتصاد المملكة مما سيؤدي إلى تطورات ايجابية في الإيرادات على المدى المتوسط".

ونما الناتج المحلي السعودي 8.7 بالمئة في 2022 كأكبر نمو خلال 11 عاما.

وأضاف الجدعان أن الحكومة ستواصل الاقتراض "وفقا لخطة الاقتراض السنوية المعتمدة لتمويل العجز المتوقع في الميزانية ولسداد أصل الدين المستحق في 2024.

بالإضافة إلى البحث عن الفرص المتاحة حسب أوضاع السوق لتنفيذ عمليات تمويلية إضافية لسداد مستحقات أصل الدين للأعوام القادمة، وتمويل بعـض المشاريع الاستراتيجية، والاستفادة من فـرص الأسواق لتنفيذ عمليات التمويل الحكومي البديل التي من شأنها تعزيز النمو الاقتصادي مثل تمويل المشاريع الرأسمالية والبنية التحتية، لتنويع قنوات التمويل للحفاظ على كفاءة الأسواق وتعزيز عمقها.
ومن المتوقع ارتفاع حجم محفظة الدين العام نتيجة للتوسع في الإنفاق لتسريع وتيرة تنفيذ بعض البرامج والمشاريع ذات العائد الاقتصادي والاجتماعي المُمكنة لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.

ومن المتوقع تسجيل معدل تضخم 2.6 بالمئة العام الجاري و2.1 بالمئة العام المقبل.

وتوقع زياد داوود محلل الأسواق الناشئة في "بلومبرغ إيكونوميكس"، أن تحقق الميزانية السعودية فائضاً بنهاية العام الجاري، متحولة من العجز الحاصل في النصف الأول من العام، والذي جاء مدفوعاً بتراجع أسعار النفط، وبرامج الدعم الاجتماعي.

وقال في مقابلة مع تلفزيون "بلومبرغ"، إن الميزانية السعودية سجلت عجزاً بنحو ملياري دولار خلال النصف الأول من العام، وفي حال تعميم الأداء على باقي السنة، فإن العجز المتوقع سيصل إلى 4 مليارات دولار، ولكن هذا على افتراض ثبات جميع المتغيرات، وهو ما لن يحدث خلال النصف الثاني من العام.

وأشار داوود إلى التخفيض الطوعي لإنتاج النفط من جانب المملكة، وبالتالي إيرادات أقل لـ"أرامكو" والتي تبلغ حصة الحكومة السعودية بها نحو 90 بالمئة، لكن ارتفاع سعر النفط بالتبعية قد يغير من قيمة الإيرادات.

وكانت مالية السعودية سجلت خلال النصف الأول من العام الحالي عجزاً بقيمة 8.2 مليار ريال، مقابل فائض قدره 135.4 مليار ريال في الفترة المماثلة من 2022. وأشارت وزارة المالية إلى أن هذا العجز سيتم تمويله عن طريق الدين الخارجي.

وعلى مدار الربع الثاني من 2023؛ قفزت إيرادات السعودية غير النفطية 13بالمئة، على أساس سنوي، لتصل إلى 135 مليار ريال، مما خفف من حدّة العجز. في حين انخفضت إيرادات النفط للفترة عينها بنسبة 28 بالمئة إلى حوالي 180 مليار ريال.

وجاء عجز الميزانية السعودية بالنصف الأول على خلفية استمرار تباطؤ نمو الاقتصاد، وتقهقر الأنشطة النفطية، خصوصاً بعد دخول الخفض الطوعي لإنتاج النفط الذي أقرته المملكة حيز التطبيق في مايو، في وقتٍ اتسمت فيه أسواق النفط العالمية بضعف نسبي للأسعار.

وأشارت "بلومبرغ" في تقرير نُشر الشهر الماضي إلى أنه على الرغم من أن المملكة سجلت عجزاً في النصف الأول من العام والترجيحات باستمراره في النصف الثاني؛ فإن توزيعات الأرباح المتوقعة من قبل "أرامكو" السعودية الإضافية، المُعلَن عنها في 7 أغسطس/آب، ربما تعوّض العجز المتوقع، إذ من المقرر أن تسدّد الشركة أولى المدفوعات المرتبطة بالأداء بنحو 9.9 مليار دولار في الربع الثالث إلى المساهمين، بما في ذلك الحكومة التي تمتلك 90 بالمئة من أسهم الشركة، ومن المرجح أن تؤدي توزيعات أرباح الربع الأخير من العام إلى تحويل عجز الميزانية إلى فائض.

وتعقيباً على البيان التمهيدي لميزانية 2024؛ رجّح مصرف الراجحي في تقرير أن تكون الحكومة السعودية اعتمدت 82 دولاراً كسعر لبرميل النفط في تقديرات الميزانية. معتبراً أن زيادة الإنفاق، لاسيما على قطاعات الدفاع والتعليم والصحة، لعبت دوراً في تحوّل الفائض المتوقع إلى عجز. كما قدّر أن تسجل الإيرادات ارتفاعاً طفيفاً عمّا هو متوقّع في الميزانية، بفعل القطاعات غير النفطية التي تمثل دافعاً رئيسياً لنمو اقتصاد البلاد.

وكان صندوق النقد الدولي توقّع بلوغ عجز ميزانية المملكة خلال 2023 نسبة 1.2 بالمئة من الناتج المحلي الإجمالي، لكنه أكد في الوقت ذاته أن زخم نمو الأنشطة غير النفطية في السعودية سيستمر بدعم من زيادة الاستهلاك والاستثمارات، على الرغم من انخفاض إنتاج النفط وتراجع النمو الإجمالي بشكلٍ عام، متوقعاً أن يحافظ القطاع غير النفطي على معدل نمو قوي يصل إلى 4.9 بالمئة خلال 2023.