السعودية تمضي بثبات في انتقال اقتصادي بعيدا عن النفط

صندوق الثورة السيادي السعودي يؤسس شركات استثمارية في 5 دول بالشرق الأوسط وذلك في أعقاب تحرك مماثل بإنشاء شركة استثمارية تابعة له في مصر في مسار يتناغم مع خطة توسيع الشراكات والمنافذ لتنويع مصادر الدخل من خارج القطاع النفطي.

الرياض - تشهد السعودية أكبر منتج للنفط والتي تقود منظمة الدول المصدرة لبترول (أوبك) حراكا اقتصاديا لا يهدأ في سياق خطة اقتصادية طموحة يقودها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان ويأمل من خلالها تنويع مصادر الدخل من خارج القطاع النفطي، فيما تعتمد المملكة حاليا وعلى مدى العقود الماضية بشكل كبير على إيرادات الطاقة في تغذية الموازنة وتمويل المشاريع الكبرى.

وتستفيد السعودية من فوائض إيرادات النفط بعد أن صعدت الأسعار إلى مستويات قياسية منذ الغزو الروسي لأوكرانيا في 24 فبراير/شباط الماضي وتعمل حاليا على ضبط نسق الأسعار والحفاظ  ودعم استقرار السوق في مواجهة ضغوط أميركية وحملة تنمر تفجرت بعد قرار الكارتل النفطي أوبك+ خفض الإنتاج بنحو مليوني برميل في قرار اقتصادي له مبرراته الواقعية لكن فسرته واشنطن على أنه انحياز لروسيا.

وفي أحدث حلقات دفع التنمية وتوسيع المنافذ الاقتصادية، أعلن صندوق الاستثمارات العامة السعودي اليوم الأربعاء تأسيس خمس شركات استثمارية إقليمية في الأردن والبحرين والسودان والعراق وسلطنة عمان، وذلك في أعقاب تحرك مماثل بإنشاء شركة استثمارية تابعة له في مصر.

وقال الصندوق إن الشركات الست ستستهدف استثمارات تصل إلى 24 مليار دولار في قطاعات تشمل البنية التحتية والعقارات والتعدين والرعاية الصحية والأغذية والزراعة والتصنيع والتكنولوجيا.

واستحوذت الشركة السعودية المصرية للاستثمار وهي شركة تابعة لصندوق الاستثمارات العامة تأسست في وقت سابق من العام الحالي، على حصص أقلية بقيمة 1.3 مليار دولار في أغسطس/آب في أربع شركات مصرية مدرجة بالبورصة.

وتعهدت السعودية ودول خليجية أخرى باستثمارات بمليارات الدولارات في مصر التي تفاقمت مشاكلها الاقتصادية بعد حرب أوكرانيا.

وقال صندوق الاستثمارات العامة إن تأسيس الشركات الخمس الجديدة "سيعمل على تنمية وتعزيز الشراكات الاستثمارية لصندوق الاستثمارات العامة وشركات محفظته والقطاع الخاص السعودي للعديد من الفرص الاستثمارية في المنطقة، الأمر الذي سيُسهم في تحقيق عوائد جذابة على المدى الطويل وتطوير أوجه تعاون الشراكات الاقتصادية الإستراتيجية مع القطاع الخاص في كل من الدول الآنف ذكرها".

وجاء هذا الإعلان في اليوم الثاني من مؤتمر مبادرة مستقبل الاستثمار في الرياض. وقال صندوق الاستثمارات العامة الذي يدير أصولا بنحو 620 مليار دولار ويستهدف الوصول لأكثر من تريليون دولار بحلول عام 2025، إن هذه الخطوة تتماشى مع إستراتيجيته "في البحث عن الفرص الاستثمارية الجديدة بمنطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا والتي تدعم بناء شراكات اقتصادية إستراتيجية على المدى الطويل لتحقيق العوائد المستدامة، الأمر الذي يُسهم في تعظيم أصول الصندوق وتنويع مصادر دخل المملكة، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية 2030".

وكان الصندوق وهو الأداة التي اختارها ولي العهد الأمير محمد بن سلمان لدفع أجندة اقتصادية طموحة لتنويع الاقتصاد بعيدا عن النفط، ثاني أنشط مستثمر حكومي خلال الفترة من يناير/كانون الثاني إلى أكتوبر/تشرين الأول، إذ أبرم 39 صفقة بقيمة 17.2 مليار دولار خلال هذه الفترة، وفقا لمنصة تعقب صناديق الثروة العالمية.

وعلى مسار توسيع الشراكات وتعزيز الإيرادات، قالت شركة الاتصالات السعودية (إس.تي.سي) اليوم الأربعاء إنها خصصت 300 مليون دولار إضافية لصندوق رأس المال الاستثماري التكنولوجي السعودي إس.تي.في، بما سيضيف إلى استثمار سابق بقيمة 500 مليون دولار.

وقالت إس.تي.سي، المملوكة بنسبة 64 بالمئة لصندوق الاستثمارات العامة، وهو صندوق الثروة السيادي في المملكة، إن التمويل الجديد سيستخدم في تعزيز مهمة إس.تي.في المتمثلة في دعم وتوسيع نطاق الشركات الرقمية في المنطقة.

وقال عبدالرحمن طرابزوني مؤسس إس.تي.في ورئيسه التنفيذوالذي ظل مديرا تنفيذيا في شركة غوغل لسبعة أعوام حتى عام 2016، إن الصندوق فخور بما وصفه بأنه "تصويت الثقة" من جانب إس.تي.سي عبر زيادة استثماراتها في الصندوق، مضيفا أنه يعتقد أن المنطقة برزت كواحدة من أكثر المناطق جاذبية على مستوى العالم لرأس مال المخاطرة.

وتم إنشاء إس.تي.في عام 2018، وقدمت شركة إس.تي.سي رأس مال الصندوق بالكامل، وهو 500 مليون دولار.

وحصلت منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا على 2.6 مليار دولار من تمويل رأس المال المخاطرة العام الماضي وهو رقم قياسي، وفقا لمنصة 'ماجنيت'، المعنية بجمع البيانات عن الشركات الناشئة وأنشطة جمع الأموال في المنطقة.

وقالت إس.تي.سي إن سوق استثمارات رأس مال المخاطرة في المملكة سجل نموا 244 بالمئة ليصل إلى 584 مليون دولار في النصف الأول من عام 2022، مقارنة بالفترة نفسها من عام 2021.