السعودية وقطر تحذّران أوروبا من أزمة الطاقة قادمة

وزير الطاقة السعودي يعتبر أن أوروبا "نجت بعناية إلهية" الشتاء الماضي، ساخرا من الترويج للوقود النظيف.
الدوحة تدعو الأوروبيين إلى التوقف عن شيطنة شركات النفط والغاز

الدوحة - حذّر وزير الدولة لشؤون الطاقة القطري سعد بن شريده الكعبي اليوم الثلاثاء من أن أوروبا ستواجه نقصًا أكبر في النفط والغاز، مشيرًا إلى أن اعتدال فصل الشتاء نسبيًا جنّب القارّة صعوبات أشدّ في الأشهر الماضية، فيما يأتي هذا التحذير قبل أيام من اجتماع "أوبك+" المقرر في 4 يوني/حزيران، وسط توقعات بمزيد من التخفيضات.

وتسعى الدولة الخليجية الثرية، وهي من بين أبرز المنتجين للغاز الطبيعي المسال في العالم، إلى إبرام عقود طويلة الأجل مع الدول الأوروبية التي امتنع معظمها عن ذلك رغم سعيها إلى إيجاد بدائل عن موارد الطاقة الروسية.

وقال الكعبي خلال منتدى قطر الاقتصادي المنعقد في الدوحة، "الأمر الوحيد الذي أنقذ البشرية وأوروبا هذا العام هو شتاء معتدل وتباطؤ الاقتصاد"، مضيفا "إذا بدأ الاقتصاد في الانتعاش في 2024 وحلّ شتاء عاديّ، أعتقد أن الآتي أعظم".

وتسبّب الغزو الروسي لأوكرانيا في أزمة طاقة، مع قطع روسيا الجزء الأكبر من إمداداتها للدول الأوروبية التي سعت جاهدةً لتنويع مصادرها وتخفيف الاعتماد على النفط والغاز الروسيين. وشهد فصل الشتاء الماضي درجات حرارة أقلّ من تلك المتوقعة.

وتابع الكعبي "إذا لم يدرك الأوروبيون ذلك ولم تكن لديهم خطة مناسبة ولم يجلسوا مع المنتجين ولم يتوقفوا عن شيطنة شركات النفط والغاز"، فسيتعيّن عليهم مواجهة "الواقع".

وتعمل قطر على مشروع توسيع حقل الشمال، أكبر حقل للغاز الطبيعي في العالم والذي يمتدّ تحت مياه الخليج حتى الأراضي الإيرانية ويضمّ حوالى 10 في المئة من احتياطات الغاز الطبيعي المعروفة في العالم، بحسب تقديرات شركة "قطر للطاقة". ويُتوقع أن يساعد المشروع الدوحة في زيادة إنتاجها من الغاز الطبيعي المسال بأكثر من 60 في المئة ليصل إلى 126 مليون طن بحلول العام 2027.

وأشار الكعبي إلى أن الطلب كبير لدرجة أن مجمل إنتاج حقل الشمال البحري بقسمَيه الشرقي والجنوبي، قد ينفد بحلول نهاية العام بموجب اتفاقيات طويلة الأمد، لافتا إلى أن "هناك احتمال أن ينفد مجمل الغاز المستخرج من حقل الشمال الشرقي وحقل الشمال الجنوبي بحلول نهاية العام، في ما يتعلق بالعقود الطويلة الأجل".

وأعلنت قطر في نوفمبر/تشرين الثاني أولى صفقاتها الكبرى لتوريد الغاز الطبيعي المسال إلى ألمانيا، لتزوَّد بموجبها أكبر قوة اقتصادية في أوروبا، بمليونَي طن سنويًا على مدى 15 عاما على الأقل، بدءًا من 2026.

"من سيشتريه؟"  

واعتبر وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان خلال المنتدى أن أوروبا "نجت بعناية إلهية" الشتاء الماضي، مؤكدًا أن أمن الطاقة العالمي مهدّد بالسياسات المعتمدة لخفض استخدام الوقود الأحفوري في إطار مكافحة التغيّر المناخي، مضيفا "أمن الطاقة يواجه عراقيل. إمكاناتنا تنفد لأن الدول لا تستثمر في النفط والغاز".

وسخر من الترويج للوقود النظيف بما في ذلك الهيدروجين الأخضر الذي يتم إنتاجه باستخدام الطاقة المتجددة، قائلا "يتحدثون عن الهيدروجين الأزرق، الأخضر، الأرجواني، الوردي، لكن في نهاية المطاف، من سيشتريه؟ كم سيكون سعره؟ لا يتحدثون عن النفط ولا عن الغاز. يتحدثون عمّا يُسمّى بأنظف وقود وأكثر وقود أخضر للمستقبل. لكن ليس هناك من يشتريه".

ومنذ سنوات، تروّج الدول الخليجية لتقنيات إزالة الكربون كحلّ للاحترار المناخي. لكنّها في المقابل تشدّد على أهميّة الاستثمار أكثر في الغاز والنفط لتلبية الطلب العالمي.

وينتقد خبراء المناخ هذه التقنيات، معتبرين أنها قد تشتّت الانتباه عن الهدف الأساسي المتمثل بخفض الانبعاثات التي يتسبب بها الوقود الأحفوري.

وارتفعت أسعار النفط اليوم الثلاثاء بفضل توقعات تقلص الإمدادات، وسط زيادة موسمية في الطلب على البنزين وتراجع إنتاج دول تحالف أوبك+.

وأعلنت السعودية والإمارات الشهر الماضي خفضا جديدا للإنتاج النفطي اليومي في عدد من دول الشرق الأوسط بنحو نصف مليون برميل، لينضاف إلى الخفض الذي تم إقراره في نوفمبر/تشرين الثاني 2022 والذي يقدّر بواقع مليوني برميل يوميا، في خطوة عمقت مخاوف من زيادة التضخم.

وكثفت الولايات المتحدة ضغوطها على الإمارات والسعودية لضخ المزيد من النفط والانضمام إلى جهود فرض عزلة دولية على روسيا، لكن أبوظبي والرياض لم تبديا استعدادا للتجاوب وأكدت التزامها باتفاق أوبك+.