السلطات التونسية تحتفظ بعدد من الموقوفين في ملفات فساد
تونس - قرر قضاة التحقيق في تونس إيداع عدد من الشخصيات الموقوفة في ملفات مختلفة السجن وذلك مع تصاعد جهود الرئيس قيس سعيد لتحقيق المحاسبة ومكافحة الفساد باعتباره مطلبا شعبيا والعمل على مواجهة الإفلات من العقاب.
وتم إيداع مدير إذاعة موزاييك الخاصة نورالدين بوطار السجن في تهم تتعلق بتبييض الأموال والإساءة للسلطة وذلك بعد أيام من إيقافه في خضم حملة شملت عددا من السياسيين المعارضين ورجل أعمال وقاضيين.
وكشفت الإذاعة وفق محاميه أيوب الغدامسي مساء الاثنين أن التهمة الموجهة لموكله هي "استعمال الخط التحرري لموزاييك للإساءة لأعلى هرم للسلطة ورموز الدولة وتأجيج الوضع في البلاد".
وإذاعة موزاييك الخاصة تتناول ملفات سياسية وتقدم برامج حوارية ساخرة تنتقد السلطة على غرار برنامج " ميدي شو" اليومي حيث تعرضت في السابق لانتقادات من قبل الرئيس بسبب خطها التحريري.
وكان محامي بوطار أكد أن موكله واجه أسئلة عند التحقيق معه تتعلق أساسا بالخط التحريري لبرنامج " ميدي شو" والضيوف إضافة لأسئلة حول الممتلكات وعلاقته بقوى معارضة.
من جانب آخر قرر قاضي التحقيق بالقطب القضائي المالي مساء الاثنين إيداع عدد من النقابيين الأمنيين السجن وذلك في قضية التلاعب بأموال إحدى النقابات الأمنية والقيام بعمليات تزوير فواتير.
وكانت السلطات التونسية قررت قبل أسبوعين الاحتفاظ بتسعة أشخاص بينهم أعضاء في المكتب التنفيذي لإحدى النقابات الأمنية ووسطاء بتهمة الاختلاس والقيام بعمليات مالية احتيالية وتزوير وتلاعب مالي بلغ 134 مليون دينار (نحو 45 مليون دولار) .
كما قرر قاضي التحقيق إيداع القاضي المعزول الطيب راشد السجن في ملف يتعلق بإجبار شخص على الإدلاء بالشهادة زورا وفق بعض المصادر الإعلامية.
وواجه الطيب راشد تهما بالفساد والإثراء غير الشرعي حيث أكدت محامية نادية الشواشي الأسبوع الماضي تدهور وضعه الصحي ونقله للمستشفى.
وتأتي هذه التطورات فيما تثير الوضعية الصحية للقاضي البشير العكرمي الكثير من الجدل فيما أعلن رئيس "الهيئة الوطنية لمقاومة التعذيب" (مستقلة) في تونس فتحي الجراي، الإثنين أن حالته مستقرة ولم يتم تسجيل انتهاكات خطيرة بحقه.
والإثنين، زار وفد من الهيئة العكرمي الذي اعتقلته السلطات في 12 فبراير/شباط الجاري، ثم تقرر إيداعه في القسم النفسي بمستشفى الرازي.
وقال فتحي الجراي، في تصريح متلفز "الحالة الصحية للقاضي بشير العكرمي في استقرار وظروف إقامته في المستشفى اعتيادية ولم نسجل انتهاكات خطيرة، والمهم أن عائلته اطمأنت عليه في الوقت الحالي".
وشهادة الجراي تفند تصريحات بعض المقربين من العكرمي وكذلك محاميه الذين حذروا من تدهور وضعية القاضي المعزول وتحدثوا عن خطر يتهدد حياته.
والأحد، منعت وزارة الصحة وفدا من الهيئة من زيارة العكرمي قبل أن تسمح لهم بزيارته الإثنين.
وقالت الوزارة، عبر بيان الإثنين، إن منع وفد الهيئة من زيارة العكرمي هو "إجراء طبي معتاد يتم العمل به في كافة الأقسام المماثلة في العالم، وتم تمكين ممثلي الهيئة من زيارته اليوم الإثنين".
ودعت "الجميع إلى النأي بالمرفق الصحي العمومي عن كل التجاذبات السّياسية والإيديولوجية".
والعكرمي من بين 57 قاضيا قرر الرئيس التونسي في يونيو/حزيران 2022، عزلهم بتهم بينها "تغيير مسار قضايا" و"تعطيل تحقيقات" في ملفات إرهاب وارتكاب "فساد مالي وأخلاقي"، وهو ما ينفي القضاة صحته.
وأطلقت السلطات حملة إيقافات بدأت بإلقاء القبض على عدد من السياسيين المعارضين لأسباب مختلفة من أبرزها الفساد وتهديد امن الدولة على غرار الوزيرين السابقين نورالدين البحيري ولزهر العكرمي والسياسي خيام التركي ورجل الأعمال النافذ كمال اللطيف ومدير إذاعة موزاييك بوطار والقاضيين العكرمي والطيبراشد وكذلك فوزي كمون مدير مكتب رئيس حركة النهضة راشد الغنوشي ورئيس إحدى النقابات الأمنية.
كما أصدرت المحكمة الابتدائية في ولاية أريانة الاربعاء الماضي بطاقة إيداع بالسجن بحق عاطف العمراني المدير العام الأسبق للمصالح المختصة بوزارة الداخلية (المخابرات) وذلك على خلفية ما عرف " بالغرفة السوداء في وزارة الداخلية".