الصدر والتنسيقي يحشدان للتظاهر في معركة كسر عظم
بغداد - تشهد بغداد الجمعة تظاهرتين متنافستين تعكسان استمرار الخلاف بين زعيم التيار الصدري رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه حول إجراء انتخابات مبكرة في ظل استمرار أزمة سياسية في العراق.
ومنذ يوليو، يتواجه الطرفان الشيعيان التيار الصدري والإطار التنسيقي وهو تحالف يضم فصائل شيعية موالية لإيران، في تصعيد جديد لخلافات سياسية حادة من دون أن يؤدي الوضع المتأزم إلى أعمال عنف.
ويطالب التيار الصدري بحل البرلمان وإجراء انتخابات تشريعية مبكرة.
وتجمع الجمعة آلاف من أنصار التيار الصدري الذي يواصل منذ نحو أسبوعين اعتصاما بجوار مبنى البرلمان، قرب المكان لأداء صلاة الجمعة عند منتصف النهار (09:00 ت غ) في المنطقة الخضراء، التي تشهد إجراءات أمنية مشددة وتضم مقار المؤسسات الحكومية وبعثات دبلوماسية أجنبية.
في المقابل، فقد حشد الإطار التنسيقي، لتظاهرات في بغداد وتحديداً الجسر المعلق المؤدي إلى المنطقة الخضراء، إضافة إلى تظاهرات وصفها بالمركزية للجنوب ويكون منطلقها في البصرة، وأخرى للشمال ومركزها نينوى، وذلك لغرض "دعم القانون والحفاظ على مؤسسات الدولة" على حد وصفه.
وأوضحت اللجنة المنظمة لتظاهرات الإطار، أن هذه التظاهرات ستنطلق "في الساعة الخامسة (14:00 ت غ)، وهو ذات الموعد الخاص بالتظاهرات على أسوار الخضراء، من جهة الجسر المعلق في العاصمة بغداد.
وتدعو الاحتجاجات الجديدة المقررة الجمعة الى "تشكيل حكومة" من أجل "تخفيف معاناة الناس من نار الغلاء وشح الماء وانقطاع الكهرباء" بحسب بيان صادر من اللجنة المنظمة.
وقبيل انطلاق المظاهرات، دعا الصدر أنصار تحالف الإطار التنسيقي إلى دعم اعتصام أتباعه وتظاهراتهم الداعية لحل البرلمان، وإجراء انتخابات مبكرة و"مكافحة الفساد".
وقال الصدر في بيان له "حسب فهمي، فإننا وجماهير الإطار لا نختلف على وجود الفساد، واستشرائه في البلاد، وإن اختلفنا مع قياداته في ذلك، فإن فسطاط الإصلاح (أنصار الصدر) في تظاهراته إنما يتظاهر من أجلكم أيضاً يا جماهير الإطار، فالعجب كل العجب من عدم مناصرتكم لنا من أجل إنقاذ الوطن، الذي وقع أسير الاحتلال والإرهاب والفساد"، داعياً إياهم لأن "تكون تظاهراتكم نصرة للإصلاح لا نصرة لهيبة الدولة والحكومات التي توالت على العراق بلا أي فائدة ترتجى".
وأضاف "ألا تريدون كرامتكم وحريتكم وأمنكم ولقمتكم وسلامتكم وصلاحكم، كما نحن نطالب؟"، مذكراً إياهم بعدم مواجهة تظاهراتهم نهاية العام الماضي على ما اعتبروه تزوير الانتخابات بتظاهرات مماثلة.
وطالب الصدر جمهور الإطار التنسيقي، المدعوم من طهران، أن تكون "مظاهراتكم سلمية ولتحافظوا على السّلم الأهلي"، مضيفاً أن "أيدينا ممدودة لكم يا جماهير الإطار دون قياداته، لنحاول إصلاح ما فسد، وإن رفضتم.. فنحن ماضون بالإصلاح طاعة لله وحباً بسيد الإصلاح وحباً بالوطن".
وكان المقرّب من الصدر، أو ما يسمى بـ"وزير الصدر"، قد دعا أنصار التيار في عموم المحافظات العراقية إلى الخروج بتظاهرات، كل في محافظته، بتوقيت تظاهرات أنصار "الإطار" نفسه، لـ"إغاظة الفاسدين"، مؤكداً "الاستمرار بالاعتصام".
وفي كلمته، قال ممثل الصدر، مهند الموسوي، خلال خطبة الجمعة الموحدة، التي أقيمت الجمعة في بغداد داخل المنطقة الخضراء بحضور الآلاف من أعضاء التيار الصدري، إن المتظاهرين "خرجوا لرسم ملامح العراق المقبلة"، معتبراً أن "الثورة بمثابة بارقة أمل وفرصة لإنقاذ العراق من الفساد"، ودعا المعتصمين إلى "الاستمرار على اعتصامهم حتى تحقيق المطالب".
وكانت العاصمة العراقية بغداد قد استيقظت، صباح الجمعة، على إجراءات أمنية بالتزامن مع استعدادات للخروج بتظاهرات لأنصار التيار الصدري والإطار التنسيقي، وأخرى للحزب الشيوعي، ما دفع باتجاه اتخاذ إجراءات لتأمين المنطقة الخضراء وسط العاصمة بغداد، والتي يعتصم داخلها أنصار الصدر، وسط مخاوف من حصول احتكاكات وصدامات.
ولم تكن تظاهرات أنصار التنسيقي الأولى، التي خرجت الاثنين قبل الماضي، في المستوى المطلوب لقيادة التحالف من ناحية العدد، حيث سارعت إلى إنهائها بعد نحو ساعتين من انطلاقها، فيما بدأت التحشيد لتظاهرات الجمعة التي تريد أن تكون أقوى في إطار استعراض للقوة.
وتأتي التظاهرات في ذروة المأزق السياسي في العراق، والذي وصل إلى حد اللاعودة واللاحل، بعد أن حدد زعيم التيار الصدري مهلة للسلطة القضائية حتى نهاية الأسبوع المقبل لاتخاذ قرار بحلّ البرلمان، ملوّحاً بـ"إجراءات أخرى" بخلاف ذلك، وهو ما يقطع الطريق بشكل نهائي أمام "الإطار التنسيقي" الذي يعد نفسه "الكتلة الكبرى" برلمانياً، ويأمل بتشكيل الحكومة الجديدة.
ومما يزيد الترقّب أنّ الإطار التنسيقي يعتبر هذه التظاهرات فرصة أخيرة لإثبات وجوده في الشارع، لا سيما أنّ الصدر استطاع إثبات شعبيته بقوة، بعد أن حشد الآلاف من أنصاره ومن العشائر الموالية له داخل المنطقة الخضراء، وفي عموم المحافظات.
ويعيش العراق منذ الانتخابات البرلمانية في أكتوبر 2021، في شلل سياسي تام مع العجز عن انتخاب رئيس جديد للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة.
ويكمن الخلاف الأساسي في أن التيار الصدري أراد حكومة "أغلبية وطنية" بتحالف مع السنة والأكراد، في حين أراد خصومه في الإطار التنسيقي الإبقاء على الصيغة التوافقية.
وبدأت الأزمة الحالية، إثر رفض التيار الصدري نهاية يوليو، مرشح الإطار التنسيقي لرئاسة الوزراء.