الصدر "يجر أذن" الإطار تحت قبة البرلمان

مع اقتحام مئات المحتجين العراقيين مبنى البرلمان قبل الانسحاب منه بتوجيه من الصدر، قوى الإطار التنسيقي تتهم قوات الأمن بعدم القيام بواجبها على نحو "يثير الشبهات بشكل كبير".

بغداد - اقتحم مئات المتظاهرين المؤيدين للتيار الصدري الأربعاء مبنى البرلمان في المنطقة الخضراء المحصنة في وسط بغداد والتي تضمّ مؤسسات حكومية وسفارات أجنبية، للتنديد بمرشح خصوم الصدر لرئاسة الوزراء، في استعراض جديد للقوة وسط أزمة سياسية معقّدة يعيشها العراق منذ تسعة أشهر.
وبعد نحو ساعتين من دخولهم، دعا زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر في تغريدة مناصريه إلى الانسحاب، قائلاً "ثورة إصلاح ورفض للضيم والفساد، وصلت رسالتكم أيها الأحبة، فقد أرعبتم الفاسدين... عودوا إلى منازلكم سالمين".
وكتب وسط التغريدة على شكل هاشتاغ "جرة إذن". وهو ما يعني تحذيرا شديدا لخصوم الصدر في قوى الاطار التنسيقي غداة ترشيحهم محمد شياع السوداني لرئاسة الحكومة.
وكان السوداني (52 عاماً) سابقاً في حزب الدعوة وائتلاف دولة القانون بزعامة رئيس الوزراء الاسبق نوري المالكي، أبرز الخصوم السياسيين للصدر، قبل أن يستقيل منهما حين طرح اسمه مرشحاً لرئاسة الوزراء في العام 2019. لكن المتظاهرين رفضوا ترشيحه حينها.
وعلى اثر التغريدة، بدأ المتظاهرون على الفور الانسحاب تدريجياً من مبنى البرلمان.
ولم يتمكّن العراق من الخروج من الأزمة السياسية بعد مرور تسعة أشهر على الانتخابات البرلمانية المبكرة في تشرين الأول/أكتوبر 2021، حيث لم تفضِ المحاولات والمفاوضات للتوافق وتسمية رئيس للوزراء بين الأطراف الشيعية المهيمنة على المشهد السياسي في البلاد منذ العام 2003، إلى نتيجة.
وتمكّن المتظاهرون المحتجون على تسمية السوداني لرئاسة الوزراء، من دخول المنطقة الخضراء وأطلقت القوات الأمنية عليهم الغاز المسيل للدموع لمنعهم من التقدّم نحو البرلمان.
ومع ذلك، نجح المتظاهرون في دخول مبنى البرلمان، واقتحموا قاعته الرئيسية وهم يرفعون الأعلام العراقية ويطلقون الهتافات، فيما حمل بعضهم صور مقتدى الصدر.
وإثر اقتحام المنطقة الخضراء، شدد رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي في بيان أن على المتظاهرين "الالتزام بسلميتهم، وبتعليمات القوات الأمنية المسؤولة عن حمايتهم حسب الضوابط والقوانين"، ودعاهم إلى "الانسحاب الفوري من المنطقة الخضراء". ودعا في بيان ثانٍ "المتظاهرين إلى الانسحاب الفوري من مبنى مجلس النواب".
وتوجّه مسؤولون في التيار الصدري، بينهم حاكم الزاملي الذي كان نائب رئيس مجلس النواب قبل استقالته من البرلمان إلى المكان، وطلبوا من المتظاهرين الانسحاب.
وانطلقت التظاهرة بعد الظهر من ساحة التحرير في وسط العاصمة، حيث رفع المتظاهرون الأعلام العراقية وصوراً للزعيم الشيعي مقتدى الصدر، معبرين عن رفضهم ترشيح السوداني، ثمّ توجهوا عبر جسر الجمهورية إلى بوابات المنطقة الخضراء.
وتعليقاً على أحداث الأربعاء، أصدر الإطار بياناً قال فيه إنه "منذ يوم أمس هناك تحركات ودعوات مشبوهة تحث على الفوضى وإثارة الفتنة وضرب السلم الأهلي".
واعتبر أن "ما جرى اليوم من أحداث متسارعة والسماح للمتظاهرين بدخول المنطقة الحكومية الخاصة واقتحام مجلس النواب، وعدم قيام القوات المعنية بواجبها يثير الشبهات بشكل كبير".
وغالبا ما يكون المسار السياسي معقدا وطويلا في العراق، بسبب الانقسامات الحادة والأزمات المتعددة وتأثير مجموعات مسلحة نافذة. ومن شأن أحداث الأربعاء أن تزيد من عرقلة المشهد السياسي ومضي خصوم الصدر السياسيين في عقد جلسة برلمان لانتخاب رئيس الجمهورية، ومن ثمّ تسمية رئيس الحكومة، كما يقتضي الدستور.
ودائماً ما يذكّر الصدر، اللاعب الأساسي في المشهد السياسي العراقي، خصومه بأنه لا يزال يحظى بقاعدة شعبية واسعة، ومؤثر على المشهد السياسي رغم أن تياره لم يعد ممثلاً في البرلمان. فقد استقال نواب التيار الصدري الـ73 في حزيران/يونيو الماضي من البرلمان، بعدما كانوا يشغلون ككتلة، أكبر عدد من المقاعد فيه.
وتمكن الصدر من جمع مئات الآلاف منتصف تموز/يوليو في صلاة جمعة موحّدة.