الصدر يضغط للافراج عن السجناء من أنصاره وتياره

إثارة قضية السجناء تفتح الباب لمناقشة تسوية قضائية لآلاف المعتقلين من السنة الذين سجنوا بسبب مقاومتهم الجيش الأميركي، وانتزعت منهم اعترافات بالإكراه.

بغداد - جدد زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر مطالبة الحكومة بإطلاق سراح معتقلي التيار الصدري في السجون العراقية، الذين ينتمون لجيش المهدي الذي كان يتزعمه، في تحول بموقفه إذ كان ينادي بالإفراج عن الأبرياء منهم فقط بينما اليوم يطالب بـ"التوبة" للجميع ما أثار جدلا واسعا على الشبكات الاجتماعية.

وكتب الصدر في تدوينة له على منصة إكس "مع قرب يوم استشهاد الإمام موسى بن جعفر، أجد من المصلحة المطالبة بالإفراج عن سجناء ما يسمونه بـ(التيار الصدري)". وصنف سجناء التيار بالقول "هو إما سجين مقاوم، والسلطة الحالية تدّعي دعمها للمقاومة فلا داعي لبقائه في السجن، وإما بريء فهي تدّعي العدل ولا داعي لاستمرار بقائه في السجن، وإما مذنب فهو قد أخذ قسطاً من السجن ليس بقليل، فإذا تعهّد خطياً بعدم تكرار ذنبه فالإفراج عنه متعيّن، وسنعينه على التوبة". وأضاف "لتكن أقرب جمعة لاستشهاد الإمام موسى الكاظم، جمعة للمطالبة بالإفراج عن السجناء".

وبعد نحو عام من سقوط النظام السابق في 9 نيسان/ أبريل 2003، اختار التيار الصدري حمل السلاح لمواجهة القوات الأميركية وجرت معارك طاحنة بين الطرفين على فترات متقطعة، وتم خلال تلك السنوات اعتقال قياديين وعناصر في الجناح المسلح للتيار "جيش الإمام المهدي"، كما شن رئيس الوزراء الأسبق نوري المالكي حملة اعتقالات أُطلق عليها في حينها "صولة الفرسان" وجرى اعتقال العشرات من قيادات ومقاتلي "جيش المهدي" في حينها.
وتسلمت السلطات العراقية المئات من أتباع مقتدى الصدر من القوات الأميركية، إبان رحيلها عن البلاد عام 2011، وما زال الكثير منهم في تلك السجون، فيما أفرج عن بعضهم خلال السنوات الماضية.

ويطالب المعتقلون منذ سنوات بالإفراج عنهم، بداعي أن نشاطهم كان لمواجهة المحتل الأميركي، فيما كان مقتدى الصدر ينأى عن تبني المطالبة بالإفراج عن الجميع بسبب الاتهامات التي يواجهونها بالانخراط في الاقتتال الطائفي 2006 – 2008، وتورطهم في قتل الأبرياء، وهي تهمة ملاصقة لجيش المهدي.

وسبق أن أعلن تحالف سائرون المقرب من مقتدى الصدر، سعيه شمول عراقيين قاتلوا القوات الأميركية، إبان فترة وجودها في العراق بقانون السجناء السياسيين ما يمنحهم رواتب شهرية.

ويعتبر هؤلاء أن عناصر جيش المهدي فيهم مقاتلين أبرياء ومات كثر منهم بالسجون، بينما يعتبر التيار الصدر أن مسألة عناصر جيش المهدي تشكل إحراجًا له فكثيرًا ما تحدثوا في الإعلام سواءً من خرج منهم أو من بقي في السجون عبر وسطاء، بشأن قضيتهم، ومشكلتهم تكمن في أن لديهم اعترافات بأعمال إرهابية، بعضهم ضد القوات الأجنبية وآخرون ضد مواطنين عراقيين من طوائف أخرى.

وفي حال تم فتح هذا الملف وتسويته قضائيًا فإنه ينسحب على آلاف المعتقلين من السنة الذين اعتقلوا بسبب مقاومتهم الجيش الأميركي، وانتزعت منهم اعترافات بالإكراه، ليتم حكمهم بعد ذلك بأحكام المؤبد والإعدام.

وتطالب كتل سياسية سنية على الدوام بإطلاق سراح المعتقلين الأبرياء، الذين انتزعت منهم اعترافات تحت وطأة التعذيب والممارسات القمعية في السجون، إذ تشير الإحصائيات إلى وجود نحو 30 ألف معتقل في سجون البلاد.

وذكرت مصادر مطلعة أن القضاء العراقي انخرط في بعض مفاصله بالخلافات السياسية، والانعكاسات المذهبية والقومية، وصدرت أحكام خلال السنوات الماضية في ظروف غامضة، وفي حال فتح ملف جيش المهدي فإنه يستلزم بالضرورة النظر إلى المعتقلين من بقية الطوائف والمذاهب، وربما إعادة المحاكمات.

ويقول المدافعون عن السجناء أن عناصر جيش المهدي المعتقلين يسلطون الضوء على حجم الظلم الواقع على المعتقلين بشكل عام، مع ضعف الإجراءات وغياب الرقابة، وعدم توفر الإمكانيات لتمييز الأبرياء من المتورطين بالفعل.

ويتمتع معتقلو جيش المهدي بأجواء تختلف عن باقي المعتقلين في السجون العراقية، إذ يمكنهم إقامة بعض النشاطات، مثل العزاء في المناسبات الدينية، وبعض الأعمال الأخرى كالتبرع بالدم. .

كما تسعى قوى سياسية سنية منذ سنوات لتشريع قانون العفو العام في إطار الاتفاق السياسي الذي أفضى لتشكيل حكومة محمد الشياع السوداني، غير أن مقترح العفو تعرض لانتقادات كثيرة نتيجة ما يعتقد أنها "ثغرات" ارتبطت بصياغة بنوده من جهة؛ وبعدم جدواه من جهة أخرى.  وطالب نواب بإعادة المحاكمات، لأنها جرت في ظروف غير طبيعية، وإعادة النظر في ظروف وأوضاع المحكومين داخل هذه السجون.

ويشتكي كثير من القيادات والشخصيات السياسية السنية من أن كثيراً من أبناء المكوّن السنّي أودعوا السجون بتهمة الإرهاب والانتماء إلى تنظيمي القاعدة وداعش دون أن يحظوا بمحاكمات عادلة.

وفي المحيط السياسي الشيعي، يحذر البعض من اتخاذ قرارات غير مدروسة أو متسرعة تفتح ثغرات خطيرة للعفو الخاص عن جرائم ومجرمين تسببوا بتهديد الأمن والنظام العام ونهب وسرقة أموال الشعب وما شابهها من جرائم ذات آثار عامة وواسعة.

وأضافوا أن تجاوز الضوابط والمحددات الدستورية والقانونية يعرض أمن المجتمع العراقي للإرباك أو يقدم وسيلة نجاة لفاسد وسارق للأموال العامة، وبالتالي يجب من يطالب بهذه المقترحات أن يقع تحت طائلة المساءلة والمحاسبة القانونية والتاريخية والمجتمعية.