الضريبة على مشتريات العملات الأجنبية تثير جدلا في ليبيا

أستاذ قانون يعتبر أن قرار رئيس البرلمان الليبي بشأن فرض ضريبة على سعر صرف العملات الأجنبية يفتقر إلى المبررات التي تضمن مشروعيته.

طرابلس - أثار قرار عقيلة صالح رئيس مجلس النواب الليبي بخفض قيمة الدينار عبر فرض ضريبة على مشتريات العملات الأجنبية جدلا، فيما حذر متابعون من تداعيات الخطوة على الأوضاع الاقتصادية والمعيشية.

وتضعف الضريبة الجديدة التي تبلغ 27 في المئة سعر الصرف فعليا من 4.80 دينار ليبي للدولار إلى ما بين 5.95 و6.15 دينار للدولار، فيما أكد المتحدث باسم المجلس عبدالله بلحيق أن الضريبة الجديدة قد تنخفض حسب عائدات الدولة.

وكتب محافظ مصرف ليبيا المركزي الصديق عمر الكبير الأسبوع الماضي إلى رئيس مجلس النواب مطالبا بخفض قيمة الدينار عبر ضريبة تبلغ 27 بالمئة، قائلا إن هذا يدر عائدات تبلغ نحو 12 مليار دولار قد تساعد في سداد بعض الدين العام وفي تمويل مشروعات التنمية.

وكلف مجلس النواب في بنغازي محافظ مصرف ليبيا المركزي في طرابلس "بوضع هذا القرار موضع التنفيذ وذلك بتعديل سعر بيع العملات الأجنبية بما يتوافق مع هذه الضريبة المفروضة وتحديد القيمة المضافة على بيع تلك العملات مقابل العملة الليبية على أن تتوفر العملة الاجنبية بكل المصارف العاملة بليبيا"، بحسب نص القرار.

وأشار نص القرار إلى أن "الإيراد المتحقق من الرسم الضريبي يستخدم في تغطية نفقات مشروعات تنموية، إذا دعت الحاجة لذلك، أو يضاف إلى الموارد المخصصة لدى مصرف ليبيا المركزي لسداد الدين العام".

وكثيرا ما كانت الخلافات حول الوصول إلى الموارد المالية للدولة الليبية في جوهر المنازعات بين الفصائل التي مزقت الدولة الواقعة في شمال أفريقيا منذ الانتفاضة التي دعمها حلف شمال الأطلسي في عام 2011.

وحذر المفتي الليبي المعزول الصادق الغرياني من تداعيات قرار خفض قيمة العملة وقال في تصريح متلفز "ما فعله المصرف والخطاب الذي أرسله للبرلمان هذا هو المكس بعينه، فرض ضريبة على الناس ويأخذها من جيوبهم ظلما"، موضحا أن "المكس أخذ المال من الناس بغير وجه حق ويسميه الناس اليوم ضريبة" وتابع "ضريبة مقابل خدمات يؤديها هذه سائغة لأنها تسمى أجرة وجائزة".

وتابع "ضريبة أخرى كضريبة الدخل حتى تدعم الحكومة أو المصرف المركزي بدلاً من أن يكون سعر الصرف 5 دينارات وربع يقول نريد فرض ضريبة ونفرض على الجهات التي لا تملك أصلاً صلاحية حتى لو كان الأمر مشروعا لا يحق له أن يطلبها من هذه الجهة".

المفتي المعزول المحسوب على تيار الاخوان المسلمين يدخل على خط أزمة الدينار الليبي

وزاد "لا تقل ظروف عادية وغير عادية، السياسة والدبلوماسية لها حدود خذ واعطي حسب المصالح المتبادلة إما أن تكون عبداً لهم وتسمع أوامرهم وما يطلبونه منك وقد جربتم السنين الطويلة من 2015 نعرف ما يبيتون لنا ولا يريدون بنا خيراً".

وقال "لا يجوز أن نستسلم لأعدائنا المسألة مسألة إرادة، فرض الضريبة دون خدمة مكس وهو كبائر ومن أشد الذنوب لأنه غصب، كل الشعب الليبي سيكون مظلوم وسيكون خصماً لك وتكون مفلس يوم القيامة".

وأضاف أن "العملة الليبية لن تكون لها قيمة وسيزيد الغلاء وتنخفض النقود التي مع الناس. بدلاً من المضي في هذه السياسات والمناكفات وارتكاب المعاصي والذنوب عليهم أن يصلحوا الأمور".

وفي سياق متصل قدم أكاديميون من جامعة بنغازي ثمانية حلول كبديل عن الضريبة من بينها ضرورة ضخ المزيد من العملة الأجنبية في السوق الرسمية للمحافظة على استقرار الأسعار واستقرار قيمة الدينار وخفض السعر في السوق الموازية واستمرار المصرف المركزي في توفير العملة الأجنبية حتى إذا عجزت الإيرادات الجارية عن توفيرها وتأكيده أنه سيحافظ على ثبات سعر الصرف الرسمي وفق موقع "بوابة الوسط" الليبي.

فضلا عن قيام المصرف المركزي بالتدخل بشكل مباشر وسريع إذا ما انحرف سعر الصرف في السوق الموازية عن السعر الرسمي وضبط الإنفاق العام من خلال ميزانية معتمدة من قبل السلطة التشريعية، تحديد الاعتمادات المستندية والتأكد من أسعار وكميات الواردات، بالإضافة إلى معاقبة المخالفين من التجار الذي يحصلون على العملة الأجنبية بالسعر الرسمي ويبيعون السلع حسب أسعار السوق الموازية والعمل على زيادة معدلات الإنتاج والتصدير من النفط والغاز مما يزيد من إيرادات الدولة من العملة الأجنبية.

بدوره اعتبر أستاذ القانون في الجامعات الليبية الكوني علي اعبوده أن " قرار رئيس مجلس النواب عقيلة صالح بشأن فرض ضريبة على سعر الصرف الرسمي للعملات الأجنبية يفتقر إلى المبررات التي تضمن مشروعيته"، لافتا إلى "التداعيات الكارثية للقرار المماثل في العام 2018"، مشيرا إلى أن 40 في المئة من الليبيبين يعيشون تحت خط الفقر.

وليبيا مقسمة منذ عام 2014 بين حكومتين متحاربتين أحداهما في الشرق والأخرى في الغرب مع سيطرة الفصائل المتنافسة على مؤسسات اقتصادية محورية.

لكن وفقا لاتفاق سياسي أبرم في 2015، من المفترض أن يتفق مجلس النواب في شرق ليبيا والمجلس الأعلى للدولة ومقره طرابلس في غرب ليبيا على القضايا الرئيسية التي تؤثر على البلاد.