العراق يستأنف استيراد الغاز الإيراني مقابل النفط الخام

محلل يرى أن اتفاق المقايضة لن يمنع طهران من السعي إلى الحصول على أموالها من بغداد وذلك لحاجتها إلى الدولار.

بغداد - أعلن رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الثلاثاء أن العراق وقع اتفاقا مع إيران يقايض بموجبه نفطه الخام بالغاز الإيراني لإنهاء مشكلة متكررة تتعلق بتأخر المدفوعات لطهران بسبب ضرورة الحصول على الموافقة الأميركية.

وزادت في الآونة الأخيرة شكاوى العراقيين من كثرة انقطاعات التيار الكهربائي والتي تصل إلى 16 ساعة يوميا في ظل ارتفاع كبير في درجات الحرارة بلغت مستويات قياسية في بعض المحافظات على الصعيد العالمي.

وعزت وزارة الكهرباء العراقية في وقت سابق عودة الانقطاعات إلى وقف إيران إمدادات الغاز التي تستخدم في توليد الطاقة الكهربائية نتيجة عدم تسديد العراق ديونا مستحقة لها.

وتشكل هذه الانقطاعات إحراجا كبيرا للسوداني والمظلة السياسية الداعمة لحكومته ولاسيما الإطار التنسيقي الذي يخشى من عودة الاحتجاجات إلى الشارع، في وقت لا يزال يحاول فيه لملمة جراح حراك تشرين.

وأشار السوداني إلى أن إيران خفضت صادراتها من الغاز إلى العراق بأكثر من 50 بالمئة اعتبارا من الأول من يوليو بعد عدم تمكن بغداد من الحصول على موافقة الولايات المتحدة على صرف الأموال المستحقة عليها، قبل أن توافق طهران على استئناف صادرات الغاز مقابل النفط الخام العراقي.

وأوضح السوداني في كلمة بثها التلفزيون إن الاتفاق جرى التوصل إليه خلال محادثات مع وفد إيراني موجود في بغداد منذ السبت الماضي.

ويأتي هذا فيما يستورد العراق الكهرباء والغاز من إيران وهما يشكلان إجمالا ما بين نحو 33 و40 بالمئة من إمداداته من الطاقة، ولا سيما في أشهر الصيف الحارقة عندما تصل درجات الحرارة إلى 50 درجة مئوية ويبلغ استهلاك الطاقة ذروته.

ويواجه العراق مشكلة في دفع ثمن هذه الواردات، لتشغيل محطات الطاقة في البلاد، نتيجة العقوبات الأميركية.

وقال السوداني إن العراق يدين لإيران بنحو 11 مليار يورو، ولكنه يواجه صعوبة في سداد هذه الديون بسبب العقوبات الأميركية التي لا تسمح لإيران سوى بالحصول على أموال لشراء سلع غير خاضعة للعقوبات، مثل الغذاء والدواء.

وفي هذا الصدد، قال إن فرهاد علاء الدين مستشار العلاقات الخارجية لرئيس مجلس الوزراء العراقي إنه حتى تلك الإجراءات معقدة "وتسهم في تأخير سداد المدفوعات على نحو لا نرغب فيه، وبالتالي لا تُدفع الأموال للإيرانيين".

ولفت السوداني إلى أنه بمقايضة النفط الخام العراقي بالغاز الإيراني سيتجنب العراق الانقطاعات المستمرة للتيار الكهربائي، التي أصبحت هي القاعدة في الصيف، وذلك في الوقت الذي تسعى فيه البلاد لاستكمال مشروعات استخراج الغاز التي من شأنها أن تحقق اكتفاءً ذاتياً لها.

وطبقاً لتقارير صحافية، فإن العراق أنفق نحو 80 مليار دولار على قطاع الكهرباء منذ عام 2003، فيما لا يزال ملف الطاقة متدهوراً، خصوصاً في فصل الصيف من كل عام، وسط اعتماد شبه كلي على الغاز الإيراني لتشغيل محطات الطاقة في العراق.

واعتبر السوداني أيضا أنه لا يمكن للحكومة "خلال السنتين أو الثلاث سنوات المقبلة أن تأتي إلى المواطنين كل صيف وتقول لهم: أوقفت (إيران) الغاز، بدأت الغاز".

ورفض متحدث باسم وزارة الخارجية الأميركية التعليق على اتفاق المقايضة بين العراق وإيران، ولم يتطرق إلى ما إذا كان مثل هذا الترتيب قد ينتهك العقوبات الأميركية.

وقال المتحدث "لم يطرأ أي تغيير على سياسة الولايات المتحدة تجاه إيران أو العراق، فإدارة بايدن تواصل تنفيذ جميع العقوبات الأميركية على إيران"، مضيفا أن واشنطن "تدعم بقوة مسار العراق نحو تحقيق الاستقلالية في مجال الطاقة".

أما هنري روما المحلل في معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى قال إن اتفاق المقايضة من غير المرجح أن يمنع إيران من مواصلة السعي للحصول على أموالها لدى العراق.

وأضاف "لست مقتنعا بأن ترتيب المقايضة المحض مثلما وصفه السوداني مرض لإيران نظرا لحاجتها إلى العملة الصعبة... وحتى لو وجد هذا الترتيب طريقه إلى التنفيذ، فمن المحتمل ألا يمنع إيران من السعي للحصول على مليارات الدولارات التي لا تزال محتجزة في الحسابات العراقية".

وتضغط الولايات المتحدة على العراق، ثاني أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك)، لخفض اعتماده على الغاز الإيراني.

وينفق العراق نحو أربعة مليارات دولار سنويا على واردات الغاز والطاقة من إيران، بينما يحرق في الوقت نفسه كميات هائلة من الغاز الطبيعي كمنتج ثانوي لقطاع المحروقات فيه.

اتخذ العراق خطوات لتغيير هذا المسار، ووقّع الإثنين الماضي اتفاقاً ضخماً مع شركة النفط الفرنسية العملاقة توتال إنرجيز، بقيمة 27 مليار دولار يتضمن خططاً لاستخراج الغاز من حقول نفطية في منطقة البصرة الجنوبية.

 ودعا العراق في يونيو، الشركات الأجنبية إلى تقديم عطاءات للحصول على عقود للتنقيب عن احتياطيات الغاز الطبيعي وتطويرها في 11 منطقة جديدة.