العقوبات الأميركية على النفط الروسي تربك الإمدادات

صادرات النفط الروسية ستتضرر بشدة بسبب العقوبات الأميركية الجديدة مما سيدفع الصين والهند للبحث عن موردين آخرين، ما سيزيد الأسعار وتكاليف الشحن.

لندن - أظهرت بيانات تتبع السفن اليوم الاثنين أن ما لا يقل عن 65 ناقلة نفط توقفت في العديد من المواقع، منها مواقع قبالة سواحل الصين وروسيا، منذ أعلنت الولايات المتحدة عن أقوى حزمة عقوبات جديدة على صادرات الطاقة الروسية أواخر الأسبوع الماضي.

وأظهر تحليل أجرته رويترز استنادا إلى بيانات تتبع السفن من مارين ترافيك ومجموعة بورصات لندن أن خمسا من هذه الناقلات توقفت قبالة الموانئ الصينية وسبعا قبالة سنغافورة، بينما توقفت ناقلات أخرى بالقرب من روسيا في بحر البلطيق ومنطقة الشرق الأقصى.

وفرضت وزارة الخزانة الأميركية العقوبات يوم الجمعة على شركتي إنتاج النفط الروسيتين غازبروم نفت وسورجوت للنفط والغاز، وكذلك على 183 سفينة تشحن النفط الروسي، مستهدفة الإيرادات التي تستخدمها موسكو لتمويل الحرب مع أوكرانيا.

ويؤدي توقف التداول بالنسبة لهذه الناقلات إلى مزيد من الضغوط على السفن التي تضررت بالفعل من العقوبات الأميركية السابقة.

وارتفعت أسعار النفط نحو اثنين بالمئة اليوم الاثنين إلى أعلى مستوياتها في أكثر من أربعة أشهر وسط توقعات بأن تدفع العقوبات الأميركية الكبيرة على قطاع النفط الروسي الصين والهند إلى البحث عن موردين آخرين.

وقال متعاملون ومحللون إن صادرات النفط الروسية ستتضرر بشدة بسبب العقوبات الأميركية الجديدة مما سيدفع الصين والهند للبحث عن موردين آخرين من الشرق الأوسط وأفريقيا والأميركيتين وهو ما سيزيد الأسعار وتكاليف الشحن.

وقال تاماس فارجا المحلل لدى بي.في.إم "هناك مخاوف حقيقية في السوق متعلقة بتعطل الإمدادات. يبدو أن السيناريو الأسوأ للنفط الروسي سيكون هو السيناريو الواقعي... لكن من غير الواضح ما الذي سيحدث عندما يتولى الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب منصبه يوم الاثنين المقبل".

وتشير تقديرات بنك جولدمان ساكس إلى أن السفن المستهدفة بالعقوبات الجديدة نقلت 1.7 مليون برميل يوميا من النفط في 2024، أو 25 بالمئة من صادرات روسيا.

ويتوقع البنك بشكل متزايد أن يتجاوز النطاق السعري لبرنت التقديرات التي أصدرها في وقت سابق عند 70 إلى 85 دولارا للبرميل.

وأظهر تحليل تتبع السفن اليوم الاثنين أن من بين هذه السفن 25 ناقلة نفط متوقفة في مواقع مختلفة، منها قبالة الموانئ الإيرانية وأيضا بالقرب من قناة السويس.

واتخذت بعض الموانئ إجراءات بالفعل قبل العقوبات الجديدة، مما يفرض المزيد من الضغوط. وقال متعاملون الأسبوع الماضي إن مجموعة موانئ شاندونغ منعت الناقلات الخاضعة للعقوبات الأميركية من التوقف في موانئها.

وتشير تقديرات المحللين إلى أن نحو 10 بالمئة من أسطول ناقلات النفط العالمي خاضع لعقوبات أميركية.

وقال عمر نوكتا المحلل لدى جيفريز في مذكرة اليوم الاثنين "تأثير هذه العقوبات من شأنه أن يدعم سوق الناقلات مع انكماش المعروض من السفن في الأسطول الأوسع نطاقا".

ووفقا لتقديرات السوق، قفز متوسط الأرباح اليومية لناقلات النفط العملاقة بأكثر من 10 بالمئة اليوم الاثنين عن الأمس لتصل إلى نحو 26 ألف دولار.

وحاول بعض المستأجرين بالفعل الحصول على سفن يوم الجمعة بعد الإعلان عن العقوبات، مما يشير إلى شح في السفن.

وقالت منصة كبلر للتحليلات التجارية اليوم "زيادة الطلب على الصادرات إلى الهند والصين من خارج روسيا سترفع الطلب على الناقلات غير الخاضعة للعقوبات".

وفي سياق متصل تعتزم مجموعة الغاز الروسية العملاقة "غازبروم" تسريح 40 بالمئة من الموظفين في مقرها الرئيسي في مدينة سانت بطرسبرغ في شمال غرب روسيا لمواجهتها صعوبات مالية على خلفية هجوم الكرملين على أوكرانيا، بحسب ما أكد متحدث باسم الشركة اليوم الإثنين.

ويأتي الإعلان بعد أسبوعين من توقف ضخ الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا إثر انتهاء مدة عقد أبرمته كييف وموسكو قبل الهجوم، ورفض كييف تمديد الاتفاق، ما حرم روسيا من إيرادات كبيرة.

واقترحت نائبة رئيس مجلس إدارة الشركة غازبروم إيلينا إليوكينا في رسالة إلى الرئيس التنفيذي للشركة أليكسي ميلر نشرتها وسيلة إعلامية روسية محلية في 23 ديسمبر/كانون الأول، تقليص عدد موظفي إدارة غازبروم بأكثر من 4100 ليصبح عددهم 2500 شخص.

وأكد مسؤول الاتصالات في شركة غازبروم، سيرغي كوبريانوف، صحة الوثيقة، في رد على سؤال لوكالة فرانس برس من دون أن يذكر مزيدا من التفاصيل. وقال ببساطة "نعم"، مضيفا "لا نعلّق على اجراءات داخلية".

وفي رسالتها، قالت إليوكينا إن "التحديات التي تواجه مجموعة غازبروم تتطلب تقليص وقت التحضير واتخاذ القرارات".

ولا تشمل عمليات التسريح المقترحة الموظفين في مواقع الإنتاج. وتواجه شركة غازبروم الرئيسية بالنسبة للاقتصاد الروسي والتي يرأسها أليكسي ميلر المقرّب من فلاديمير بوتين، تراجع الشحنات المسلّمة للأسواق الأوروبية منذ العام 2022.

وفي العام 2023، بلغت خسارة غازبروم الصافية حوالي سبعة مليارات دولار للمرة الأولى منذ أكثر من عشرين عاما.

وتلقت المجموعة نكسات متتالية منذ ثلاث سنوات بدأت بتوقف عمليات الإمداد إلى ألمانيا بعد تعرض خطي أنابيب نورد ستريم في بحر البلطيق للتخريب في سبتمبر/أيلول 2022.

وتوقف عبور الغاز الروسي إلى أوروبا عبر أوكرانيا اعتبارا من الأول من يناير/كانون الثاني الحالي. ونقلت صحيفة "فيدوموستي" الروسية عن خبراء قولهم إن شركة "غازبروم" ستخسر إيرادات بقيمة 5 مليارات يورو سنويا بسبب توقف عمليات الإمداد أي نحو 6 بالمئة من ايراداتها.

ومع توقف عبور الغاز عبر أوكرانيا، وبعد مرور أكثر من عامين على التخريب الذي طال خطوط أنابيب نورد ستريم في بحر البلطيق، لا تزوّد أوروبا حاليا بالغاز الروسي إلا عبر خط أنابيب "تورك ستريم" وامتداده "بلقان ستريم" تحت البحر الأسود.

وقال الاتحاد الأوروبي الذي يقف إلى جانب كييف في نزاعها مع موسكو، إنه يريد الاستغناء عن الغاز الروسي بحلول 2027.

وتؤثر العقوبات الأميركية التي تستهدف غازبروم بنك، الذراع المالية للمجموعة، بشكل مباشر على وضعها المالي.

وفرضت واشنطن ولندن الجمعة، عقوبات على شركة "غازبروم نفت" للنفط التابعة لمجموعة غازبروم الروسية العملاقة.

ونددت "غابروم نفت" الجمعة بالعقوبات الأميركية والبريطانية التي استهدفتها، معتبرة أنها "غير مبررة وغير مشروعة".