القانون لا يسمو فوق الأثرياء

التفاف الناس حول المسؤولين والنواب والسياسيين في الكويت، في جزء منه طمع بعطاياهم وليس محبة بهم.

القانون فوق الجميع ويسمو على الجميع، عبارة نكررها باستمرار لكن لا وجود لها في دولنا. فالقانون فوق الفقراء وذوي الدخل المحدود، ويسموا على المواطنين المثقلين بالقروض، لكنه يخضع تحت امر المسؤولين الكبار واصحاب الثراء الفاحش، وهذا امر مفروغ منه. 

اذن ما هو المقصود من هذه العبارة الفخمة التي تتكرر على اسماعنا؟ يبدو لي ان المقصود بها اقناع المواطنين بحق النخبة السياسية والاقتصادية بالاستحواذ على ثروات الوطن تحت رعاية القانون واشرافه، ومنع بقية المواطنين من المشاركة في المغانم، والاكتفاء بالتذمر والشكوى. 

لو استعرضنا على سبيل المثال طريقة توزيع الاراضي الزراعية والصناعية والسياحية في الكويت، فسنجد ان التوزيعات لا تقوم على مبدأ قانوني واضح، وانما على عطاءات وإكراميات وواسطات وهبات، وكلها تتم باجراءات قانونية سليمة لا يمكن الطعن بها، لكن الجميع يعلم انها تمت عبر التلاعب باسم القانون. 

اراضٍ بمساحات شاسعة وزعت كهدايا على وزراء ونواب ووجهاء وشخصيات اقتصادية وعوائل تجارية، واقرباء مسؤولين في الدولة، واصدقاء قياديين في الحكومة، اضافة الى العطاءات بهدف شراء المواقف والترضيات السياسية. 

يتم ذلك في الوقت الذي يعاني فيه الاف المواطنين من سوء الخدمات العامة، وعدم مقدرتهم على توفير سكن ملائم، ويقضون سنوات عمرهم في سداد المطالبات المالية. ومع ان الجميع يحملون نفس الجنسية ولهم ذات الحقوق، الا أن الصنف الاول يسمو على القانون والثاني يدهسه القانون. 

قال لي احدهم يوما انه يتمنى ان تتعطل سيارة أحد الاثرياء او المسؤولين الكبار حتى يبادر لمساعدته، لاحتمال أن يغدق عليه عطايا مالية او يهديه ارضا زراعية او صناعية تقديرا للمساعدة. وهذه الاحلام ممكنة التحقق في الدول الأبوية، والتي تنظر للوطن كانه عزبة خاصة لطبقة مخملية. 

وهو فعلا ما يعكسه التفاف الناس حول المسؤولين والنواب والوزراء والسياسيين وغيرهم. فهو لا يعبر دوما عن محبة خالصة لوجه الله، وانما يعبر ايضا عن الطمع في توزيع الفتات وتقسيم العطايا والهدايا والرشوات، وان كان الاغلب كلما زاد مالهم زاد بخلهم، وكلما زاد ترفهم زاد بؤس الفقراء حولهم.