القوات العراقية تتعقب داعش في ديالى كمن يلاحق السراب

مطاردة القوات العراقية للجهاديين يمكن أن تدخل مرحلة أكثر خطورة لأنها لم تعد تحظى بدعم جوي مباشر من التحالف الدولي لمحاربة داعش العائد بقوة بهجمات دموية اتسمت بالمباغتة والجرأة.
داعش يحتفظ بـ10 آلاف مقاتل نشط في العراق وسوريا
الجهاديون يختبئون في جحور أو كهوف أو بيوت متروكة في مناطق نائية

بغداد - بدأت القوات العراقية عملية عسكرية واسعة لمطاردة جهاديين مفترضين من تنظيم الدولة الإسلامية بعد مقتل 11 جنديا الأسبوع الماضي في هجوم مباغت كشف عن ثغرات أمنية وعن سوء تقدير لتعاظم قوة تنظيم الدولة الإسلامية الذي عاد للظهور من خلال اعتداءات دموية في كل من سوريا والعراق اتسمت بالجرأة على غير عادته في شن هجمات على طريقة العصابات.

لكن العملية العسكرية الواسعة تبدو كمن يطارد أشباحا حيث لم يتم العثور على جهاديين مفترضين أو مقاتلين مختبئين في المناطق الوعرة باستثناء مضافات وكهوف تعتقد القوات العراقية أنها مخابئ محتملة لمسلحي داعش.

ومنذ أيام تلاحق قوات مختصة من الجيش العراقي ومن وحدة التدخل السريع للشرطة العراقية فلول التنظيم المتطرف في مناطق تمتد من محافظتي ديالى وصلاح الدين وصولا إلى كركوك التي تقع عاصمتها وتحمل الاسم ذاته على بعد 250 كيلومترا شمال بغداد. وتعتبر هذه القوات التي تنفذ عملية صعبة ومعقدة، كل من يرتدي زيا موحدا أو مدنيا يعترضها، هدفا لها.

وفي محافظة ديالى في شرق العراق، تنفذ القوات العراقية "عمليات تطهير" في إطار مطاردة عناصر داعش بعد عملية نفذها التنظيم المتطرف الأسبوع الماضي وقتل فيها 11 جنديا.

ويقول ضابط كبير في الجيش العراقي رفض كشف اسمه، إن الجهاديين "يختبئون في مضافات جحر أو كهوف أو بيوت متروكة في مناطق نائية"، مشيرا إلى أن الجيش أطلق الجمعة عملية واسعة على ضفاف نهر العظيم الممتد في محافظة ديالى "بعد الهجوم على أحد مواقعنا المتقدمة" الذي نفذه تنظيم الدولة الإسلامية. وقتل في الهجوم الذي وقع فجرا، 11 جنديا بينهم ضابط وفق مصادر عسكرية.

ويقع الموقع العسكري المتقدم الذي تعرّض للهجوم بين مقرات أخرى صغيرة تفصلها 300 متر عن بعضها بمحاذاة النهر وتحيط خنادق بالموقع الذي يحمل آثار رصاص على بعض جدرانه الخرسانية وتحيط به أسلاك شائكة من جميع الجهات.

ويعمل ثلاثة جنود يرتدون زيا عسكريا على تدعيم ساتر ترابي بقطع خرسانية لتعزيز الحماية. ويمنع الضابط توجيه الكلام لهم.

ووفقا للضابط، كان هجوم الجمعة "الأول الذي يهاجموننا (الجهاديون) فيه مباشرة" بعد القضاء عليها في العام 2017 في العراق. "لم تكن لديهم الإمكانات للقيام بذلك. كان عملهم يقتصر على وضع عبوات ناسفة واستخدام رصاص القنص".

ويرجح الضابط "استغلالهم سوء الأحوال الجوية والوقت المتأخر (ليلا) لتنفيذ الهجوم"، فيما يعتبر محافظ ديالى مثنى التميمي أن من أسباب حصول الهجوم "إهمال المقاتلين في تنفيذ الواجب، لأن المقر محصن بالكامل وتوجد كاميرات حرارية ونواظير ليلية وأيضا هناك برج مراقبة من الكونكريت".

ويقول المحلل الأمني عماد علو إن الدوافع وراء الهجوم "محاولة التنظيم إعادة ترتيب صفوفه ونشاطه داخل العراق".

وتتكرّر الهجمات التي ينفذها جهاديون بعد أربع سنوات على إعلان بغداد الانتصار عليهم، لا سيما في هذه المناطق الزراعية المعزولة التي تفصل بغداد عن محافظة كركوك.

وتزامن هجوم الجمعة مع اقتحام مئة من عناصر تنظيم الدولة الإسلامية سجن غويران الكبير في مدينة الحسكة في شمال شرق سوريا والذي يضم آلافا من عناصر التنظيم. ويعد الهجوم الأكبر الذي ينفذه داعش منذ دحره في سوريا في مارس/اذار 2019.

ويحتفظ التنظيم الجهادي بـ"10 آلاف مقاتل نشط" في العراق وسوريا، وفقا لتقرير للأمم المتحدة.

ويمكن للمواجهات ضد الجهاديين أن تدخل مرحلة أكثر خطورة لأن القوات العراقية لم تعد تحظى بدعم جوي مباشر من التحالف الدولي لمحاربة الجهاديين بقيادة الولايات المتحدة الأميركية.

وأنهى 3500 عسكري بينهم 2500 أميركي من عناصر قوات التحالف "مهمتهم القتالية" مع نهاية العام الماضي في العراق وبات واجبهم مختصرا على التدريب وتقديم المشورة لنظرائهم العراقيين.

وردا على سؤال عما إذا كان انسحاب التحالف يعد مصدر قلق، يقول الضابط الكبير بثقة "لدينا طيران وقوة جوية خاصة بنا نعتمد عليها"، مضيفا "الأمور الأخرى لست أنا من يقرر".

ويقول النقيب أزهر الجبوري أحد ضباط قوة الرد السريع التابعة للشرطة الاتحادية والعائد للتو من دورية على مقربة من نهر العظيم "منذ أربعة أيام ونحن في هذه المنطقة لم نتعرض لأي مواجهات مباشرة"، لكنه أضاف "في المقابل فككنا عبوات ناسفة واعتقلنا بعض عناصر داعش وحرقنا مضافات" عثرنا عليها في مناطق جبلية.