الكرملين: السعودية لا تحتاج إلى مواعظ من واشنطن بشأن سياستها النفطية

مصادر من أوبك+ تؤكد أن بعض الدول الأعضاء في الكارتل النفط علمت بقرار الرياض تقليص الإنتاج بمليون برميل يوميا خلال المؤتمر الصحفي.
الكرملين يؤكد أن السعودية لا تحتاج إلى "محاضرات" من الولايات المتحدة بشأن السياسة النفطية

الرياض - قال دميتري بيسكوف المتحدث باسم الكرملين إن السعودية دولة ذات سيادة يمكنها اتخاذ قراراتها بنفسها ولا تحتاج إلى "محاضرات" أو "مواعظ" من واشنطن بشأن سياستها النفطة، فيما يأتي هذا التصريح إثر الخفض الأخير في إنتاج النفط الذي أقرته الرياض على الرغم من الاعتراضات الأميركية.

وقالت عدة مصادر في أوبك+ إن السعودية فرضت سياجا من السرية على خطتها حول الخفض الكبير في إنتاجها النفطي خلال محادثات التحالف في فيينا مطلع هذا الأسبوع، مضيفة أن بعض الدول الأعضاء علمت بقرار الخفض من خلال المؤتمر الصحفي الختامي.

والمملكة هي أكبر منتج في منظمة البلدان المصدرة للبترول (أوبك) والبلد العضو المتمتع بأكبر مرونة فيما يتعلق بزيادة الإنتاج أو خفضه، مما يمنحها تأثيرا منقطع النظير على سوق النفط.

وسبق أن لجأ وزير الطاقة السعودي الأمير عبدالعزيز بن سلمان إلى عنصر المفاجأة في التعامل مع أسواق النفط، حيث تتعرض الأسعار لضغوط نتيجة المخاوف من ضعف الاقتصاد العالمي وتأثيره على الطلب.

وقبل أيام من اجتماع أوبك+، قال الأمير عبدالعزيز إنه سيلحق المزيد من الألم بالبائعين على المكشوف أو المضاربين الذين يراهنون على تراجع أسعار النفط، وطلب منهم أن يحذروا.

وذكرت أربعة مصادر من أوبك+، كانت من بين وفود بلدانها المشاركة في محادثات الكارتل النفط أنها علمت بتفاصيل الخفض السعودي فقط في المؤتمر الصحفي مساء الأحد. وأوضحت المصادر أن فكرة الخفض لم تطرح خلال مناقشات هذا الأسبوع بشأن اتفاق أوسع لخفض الإمدادات حتى نهاية 2024.

وقال أحد المصادر الأربعة إنه "لم يتم الكشف عن أي معلومات عن الخفض الإضافي قبل المؤتمر الصحفي. لقد كان قرارا مفاجئا مرة أخرى".

وأعلنت السعودية خفض الإنتاج بعشرة في المئة أو مليون برميل يوميا في يوليو/تموز إلى تسعة ملايين برميل يوميا مع إمكانية تمديد هذا الخفض إذا لزم الأمر. وفي غضون ذلك، اتفقت دول أوبك+ على تمديد التخفيضات حتى نهاية 2024 لكنها لم تلتزم بتخفيضات جديدة للعام الحالي.

ويضخ أوبك+، الذي يضم دول منظمة أوبك وحلفاء من خارجها بقيادة روسيا، نحو 40 في المئة من إجمالي الخام العالمي.

وبالإضافة إلى الخفض السعودي، خفضت أوبك+ إجمالي الإنتاج المستهدف لعام 2024 ومددت الدول التسع المشاركة تخفيضات أبريل/نيسان الطوعية حتى نهاية العام المقبل.

وحصلت الإمارات بدورها على حصة إنتاج أعلى كانت تسعى إليها منذ فترة طويلة وهي مسألة كانت تثير توترا بين المجموعة وأبوظبي التي تزيد طاقتها الإنتاجية.

وفي الأيام السابقة لاجتماع الرابع من يونيو/حزيران، قال مصدران آخران من أوبك+ إنهما علما بأن فكرة طرحت للمزيد من عمليات خفض الإنتاج، إلا أن المناقشات بشأنها لم تصل لمراحل متقدمة في فيينا.

وذكرت مصادر أخرى في أوبك+ أن السعودية أقرت بأنه سيكون من الصعب تأمين تعهدات بالخفض من دول أخرى مثل الإمارات وروسيا والتي قالت مصادر إنها كانت مترددة بشأن خفض أكبر للإنتاج قبل أيام من الاجتماع.

وقال مصدر في الكارتل النفطي "السعوديون كانوا مدركين هذه المرة أنه ليس بمقدورهم الضغط على الباقين... الإمارات راضية عن الحصة الجديدة وهذا مصدر ارتياح كبير للسعوديين".

لكن السعودية تمكنت على الرغم من ذلك من إقناع دول أخرى في أوبك+ ليست قادرة على إنتاج المستويات المطلوبة بسبب نقص الاستثمار في القدرة الإنتاجية وبالذات نيجيريا وأنجولا بالقبول بأهداف إنتاج أقل للعام المقبل بعد اجتماعات مطولة.

وقال الأمير عبدالعزيز في تصريح إعلامي بعد الاجتماع إن التكتل سئم من منح حصص إنتاج لدول ليست قادرة على إنتاجها بالفعل وإن روسيا تحتاج لأن تنتهج شفافية فيما يتعلق بمستويات إنتاجها وصادراتها.

وقالت مصادر في أوبك+ إن المستويات المستهدفة الجديدة للإنتاج لأنجولا ونيجيريا لا تزال أعلى مما يمكن للدولتين فعليا ضخه مما يعني أنهما لن تضطرا لتنفيذ أي عمليات خفض على أرض الواقع.

وكذلك تجنبت روسيا، التي تظل صادراتها قوية رغم العقوبات الغربية، الاضطرار لتنفيذ مزيد من خفض الإنتاج.

ولم يتضح إن كانت السعودية قد ألمحت إلى احتمال قيامها بخفض طوعي لإنتاجها خلال مناقشات مع بعض مسؤولي روسيا أو الدول الأفريقية المنتجة لمساعدتها في إقناعهم بالموافقة على اتفاق أوسع نطاقا.

ومع ذلك فإن كل تلك الدول المنتجة ستستفيد إذا تمكنت من الحفاظ على مستوى الإنتاج كما هو أو ضخت ما يزيد عنه قليلا، خاصة إذا أفلح الخفض الطوعي السعودي في تعزيز الأسعار.

وكشف مصدر في أوبك+ أن الخفض السعودي قد يعطي المملكة أيضا نفوذا أكبر في الأشهر المقبلة تتمكن به من الضغط على دول لا تخفض الإنتاج لكنها تستفيد من خفض دول أخرى لإنتاجها.

وقال مصدر آخر "لتجنب استمراء الاستفادة المجانية، يمكن للسعودية أن تهدد بإعادة مليون برميل يوميا للسوق خلال 30 يوما مما سيؤدي لخفض الأسعار" لكنه لم يحدد بالاسم الدول التي قد تكون مستهدفة بمثل هذا التهديد.

وارتفعت أسعار النفط قليلا بعد الخطة السعودية. وتم تداول خام برنت عند مستوى أعلى من 77 دولارا للبرميل الخميس.

وقال ستيفن برينوك من بي.في.إم للوساطة في النفط "عمليات خفض الإنتاج من السعودية تقوم بدور ثانوي يساهم في المخاوف المتعلقة بحالة الاقتصاد العالمي"، لكنه أضاف أنها قد تفاقم نقص الإمدادات في يوليو تموز، متابعا "وبالتالي سيتطلب الأمر قلبا جريئا للمراهنة على أن الأسعار لن ترتفع في نهاية المطاف".