المادحون يسعون للكسب المالي

حين يثني الكاتب على قيادة الشيخ محمد بن راشد، فهو يعلم جيدا أن هذه الشخصية تحظى بالمدح في المشارق والمغارب، ولكن الكاتب يمدح هذا النمط من القيادة لكي يتحرك القادة الآخرون ويعملوا مثلما يعمل.
أوضاع العرب لا تسر وهناك كتاب يتألمون ويحاولون عرض مقترحات لترميم الأوضاع العامة
حين يقدم الكاتب نموذجا ناجحا للقيادة، فإنه يحث القادة الآخرين على المشي على خطاهم

حين يمدح الكاتب شخصية معينة، يسارع الجميع لاتهامه بالسعي الى تحقيق مكاسب، ولكن هذا غير صحيح مطلقا لعدة أسباب هي:

أولا: لو كان مدح الأشخاص يجلب مكاسب لهبَّ الناس جميعا لمدح الشخصيات الميسورة من خلال الشعر والنثر، ولكنهم يعلمون جيدا أن هذه الطريقة عفا عليها الزمن ولم يعد أحد يلجأ إليها لتحقيق المكاسب.

ثانيا: إن أوضاع العرب لا تسر وهناك كتاب يتألمون ويحاولون عرض مقترحات لترميم الأوضاع العامة بعدة أساليب منها مدح الأشخاص الأكفاء وهم يعلمون أن هؤلاء الأشخاص قد لا يقرءون ما يكتب الكاتب عنهم، ولكن الهدف هو لفت الأنظار إليهم بهدف الاستفادة منهم، وهذه الفائدة قد تكون تسليمهم جزءا من المسؤولية على أمل أن يستطيعوا تخفيف المعاناة بما لديهم من إبداعات فهناك الكثير من الشخصيات العربية الناجحة الذين يقدمون أفكارا قد تأتي بخير بالفعل ولا بد من لفت الأنظار إليهم.

ثالثا: حين يقدم الكاتب نموذجا ناجحا للقيادة، فإنه يحث القادة الآخرين على المشي على خطاهم، فحين يثني الكاتب على قيادة الشيخ محمد بن راشد، فهو يعلم جيدا أن هذه الشخصية تحظى بالمدح في المشارق والمغارب ولن تلتفت الى ما يكتبه أحد الكتاب، ولكن الكاتب يمدح هذا النمط من القيادة لكي يتحرك القادة الآخرون ويعملوا مثلما يعمل.

رابعا: هناك فئة من الكتاب في مرحلة الشيخوخة وهم يستعدون للرحيل عن الدنيا ولم يعد لهم فيها أية مآرب، وحين يبدأ أفراد من جيلهم بالرحيل الواحد تلو الآخر فإنهم يشعرون بدنو الأجل والحزن على العمر الذي ضاع دون أن يحس بطعم الحياة، وكأنه وقع في فخ الحياة وظل طول العمر يحاول التخلص منه، ومن هنا، يبدأ الكاتب بتقديم تصوره عن الوضع الأفضل للبشر لكي يعيشوا ويستمتعوا بعمرهم، وخلال هذه المحاولات، يعرض الكاتب نماذج ناجحة من القيادات من وجهة نظره لكي يستفيد الناس منها.

أما القول أنهم يمدحون لكي يتكسبوا فهو غير صحيح، ولكنهم يحاولون تفكيك العقد في حياة الناس، فهل ينجحون؟

من تجربتي الشخصية، اشعر أحيانا أن بعض التغييرات حدثت طبقا لتصوري وقد تكون مصادفة لا أكثر، ولكنه أمر سار، فعلى الأقل، تم تنفيذ تصور الكاتب، لكن مشكلة المجتمع العربي أكثر تعقيدا من مجرد عرض الأفكار، فالشيطان في التفاصيل، وعلى سبيل المثال، تسلم أحد الخبراء الاقتصاديين وزارة هامة في إحدى الدول العربية وكان نابغة في الاقتصاد حسب ما عرض في قناته على اليوتيوب، ثم استقال من منصبه فورا، لأنه وجد أنه لا سبيل الى تطبيق آراءه بخزينة فارغة. وهذا يتعلق بالاقتصاد، أما الثقافة وهي محور حياة الانسان، فان الكاتب يعرض النماذج الثقافية الراقية بهدف اقناع الشباب أن الحفاظ على الموروث الثقافي كثيرا من يجلب الكوارث، وعليهم الابتعاد عنه، ليس بهدف الانفلات من الضوابط، ولكن بهدف تعديل المسار الثقافي بما يعود بالخير على المجتمع، ومرة أخرى، يصطدم الكاتب بواقع أكثر تعقيدا مما تصور، فهناك سلطات لا سبيل الى السيطرة عليها مثل أنظمة الحكم والأديان، ومن الصعب جدا نقل النموذج الأوروبي الذي أعطى الفرد احترامه وحريته وسيطر على السلطات السياسية والدينية وكف يدها عن خنق الانسان.