المحطات العائمة تكشف أجندة أردوغان للاستيلاء على نفط ليبيا

تركيا تستعجل قطف ثمار تدخلها العسكري في ليبيا بالاستحواذ على عقود الطاقة وصفقات إعادة الاعمار ما يمثل متنفسا لاقتصادها المتعثر.
شركة "كرباورشيب" تخطط لإرسال محطات عائمة إلى ليبيا
أنقرة تستعد للتنقيب عن النفط قبالة سواحل ليبيا
حكومة الوفاق لا تملك رفض أطماع أردوغان

أنقرة -  بينما يواصل الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إغراق ليبيا في الفوضى وتدمير بنيتها التحتية عبر دعمه لحكومة الوفاق في طرابلس بالعتاد والمرتزقة السوريين، تخطط إدارته بالتوازي مع ذلك للاستيلاء على نفط ليبيا، حيث تمثل المحطات العائمة احد السبل إلى ذلك.
وفي حين يمارس أردوغان سياساته التوسعية في ليبيا، تتحرك شركة "كرباورشيب" التركية للاستيلاء على عقود الطاقة في ليبيا، من خلال منح عقود ميسرة وامتيازات في مهل السداد.
وأفادت تقارير صحافية محلية أن أنقرة تجري مفاوضات مع حكومة الوفاق برئاسة فائز السراج لإرسال عدد من ناقلاتها العائمة إلى الشواطئ الليبية، من بينها ناقلة "كرباورشيب" حيث منحها التدخل العسكري المباشر فرصاً اقتصادية كبيرة.
وتنتشر 19 سفينة لـ "كرباورشيب" في 11 دولة بين إفريقيا والشرق الأوسط وآسيا، وأيضاً في كوبا. وتمنح هذه السفن نصف الطاقة الكهربائية في دول عدة في غرب إفريقيا، هي غينيا-بيساو وغامبيا وسييراليون.
وتمت ملاءمة هياكل هذه السفن مع حاجات الدول التي تفتقر إلى القدرات المناسبة لمواجهة طلب الطاقة المتنامي أو تضرّرت بنيتها التحتية نتيجة نزاعات.
وأرسلت أنقرة وفداً مهماً إلى طرابلس في يونيو/حزيران الجاري يرأسه وزيرا الخارجية والاقتصاد، حيث تركزت المباحثات على صفقات إعادة الإعمار والطاقة وكلها تشكل متنفسا لاقتصاد تركيا المتعثر.
وإثر اللقاء، عبرت "كرباورشيب" عن استعدادها لإرسال محطات عائمة "بدءا من هذا الصيف" من شأنها توفير ألف ميغاواط، أي "ثماني ساعات إضافية من الكهرباء" يومياً في دولة تعاني من انقطاعات كهربائية متواترة.
وتسببت المعارك التي شهدتها المناطق الواقعة جنوب العاصمة طرابلس لنحو 14 شهرا بدمار كلي لعشرات محطات نقل الكهرباء، إلى جانب سرقة آلاف الأمتار من أسلاك الأعمدة، ما أغرق المنطقة في ظلام تام.
ويرى مسؤول الإعلام بالشركة العامة للكهرباء في ليبيا محمد التكوري أن أعمال الصيانة التي خلفتها الحرب جنوب طرابلس تحتاج الى أشهر من العمل، نظرا لفداحة الأضرار.
ويقول التكوري "العجز في تأمين الطاقة في معظم مدن ليبيا خصوصا خلال الذروة الصيفية، أمر ليس بجديد. المتغير الآن هو أن العجز سيكون أكبر في العاصمة تحديدا وبعض المناطق، نظرا لتسبب الحرب بأضرار جسيمة لخطوط نقل الطاقة من محطات الإنتاج شرق وغرب طرابلس".
وبينما أسفرت أزمة تفشي وباء كوفيد-19، كما تنامي نزاعات في الشرق الأوسط، عن توقف أجزاء واسعة من النشاط الاقتصادي أو خلقت حالة من انعدام اليقين، فإنّها فتحت الأبواب أمام فرص جديدة لمحطات الطاقة التركية العائمة.
ويعود بروز المحطات العائمة، وهي تسمى بالإنكليزية "باور-شيبس"، إلى ثلاثينات القرن الماضي، فمبدؤها بسيط وهو تحويل ناقلة بضائع إلى محطة عائمة، تبحر نحو وجهتها حيث يتم ربطها بشبكة الطاقة المحلية بهدف تغذيتها.

القوة الموجّهة الأساسية لتدخل تركيا في ليبيا هي الرغبة في أن تكون لها كلمتها في العقود المستقبلية

ويعتبر سونر كابتاغاي من معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى أنّ "القوة الموجّهة الأساسية لتدخل تركيا في ليبيا هي الرغبة في أن تكون لها كلمتها في العقود المستقبلية في هذه الدولة"، وخصوصا العقود الخاصة بقطاعات الطاقة.
ومن جانبها، تقول المديرة التجارية في "كرباورشيب" زينب هاريزي "الأن، لدينا مليار دولار في المرفأ"، في إشارة إلى المحطات الست ذات الأحجام المختلفة الراسية في حوض في شمال غرب تركيا، بانتظار توقيع عقود جديدة مع ليبيا.
وقبل أن تلقي تركيا بثقلها رسميا وراء حكومة الوفاق في نوفمبر/تشرين الثاني، كانت شركات البناء التركية تعمل بالفعل في مشاريع بليبيا. وقال مسؤول في القطاع في يناير/كانون الثاني إن حجم الأعمال التركية المتعاقد عليها في ليبيا يبلغ 16 مليار دولار بما في ذلك ما بين 400 و500 مليون دولار في مشاريع لم تبدأ بعد.
واستثمرت تركيا الاتفاقية الموقعة مع السراج في نوفمبر/تشرين الثاني والتي تنص على إقامة منطقة اقتصادية خالصة من الساحل التركي الجنوبي على المتوسط إلى سواحل شمال شرق ليبيا، لوضع يدها على الثروات الطبيعية للبلد الغني.
وفي مايو/أيار الماضي، قدمت شركة البترول التركية "تباو" طلبا إلى حكومة السراج للحصول على إذن بالتنقيب عن النفط في شرق البحر المتوسط.
ونقلت وكالة الأناضول التركية شبه الحكومية عن وزير الطاقة التركي فاتح دونماز قوله، إن أعمال الاستكشاف ستبدأ "فور الانتهاء من العملية".
وتبدو حكومة الوفاق مرتهنة بالكامل للرئيس التركي، إذ أنه ليس باستطاعتها رفض أي مطالب تركية خشية رفع الدعم العسكري عنها وهو ما سيعجل بسقوطها.
وتشير مصادر سياسية ليبية الى أن السراج والميليشيات المتحالفة معه مستعدون لتقديم أكثر من الصفقات ومشاريع إعادة الاعمار إلى الحليف التركي، بل يسعون الى تثبيت موطئ قدم دائم له في البلاد من خلال منحه قاعدتين عسكريتين وهما قاعدة بحرية في مصراتة وأخرى جوية في الوطية.  
وفي وقت يعيش فيه الليبيون حالة فقر مدقع في بلد غني بالنفط، تغدق حكومة الوفاق الأموال على استجلاب المرتزقة السوريين واقتناء العتاد التركي، وهو ما دفع القبائل الليبية المتحالفة مع الجيش الوطني بقيادة المشير خليفة حفتر إلى إغلاق حقول النفط في الشرق والجنوب لتجفيف منابع تمويل الميليشيات الاسلامية المسيطرة على طرابلس.   
وفي فبراير/شباط الماضي سارعت حكومة الوفاق لنجدة الليرة التركية المتهاوية من خلال ضخ أربعة مليارات دولار في خزينة المصرف المركزي التركي، في الوقت الذي يعاني فيه الليبيون من شح في السيولة.
وخسرت الليرة التركية أكثر من 30 في المئة من قيمتها مقابل الدولار الأميركي خلال السنتين الماضيتين.