المرأة العراقية والنخبة النسوية في الكتابة التاريخية

ذنون الطائي يتصدى لدور المرأة في الكتابة التاريخية وإسهاماتها العلمية في مجال التاريخ بكل أوجهه في إصدار يعد الأول في بابه.
وقع اختيار المؤلف على نخبة من تدريسيات أقسام التاريخ في محاولة تعريف ورصد لنتاجاتهم وإسهاماتهم في الكتابة التاريخية
كم الإنجاز البحثي والمشاركات العلمية للتدريسيات الباحثات سيتطور ويزداد مع تراكم الخبرة المعرفية وزيادة الاطلاع والقراءة وتنوع الموضوعات

محمد نزار الدباغ

للمرأة إسهامات رائدة وواعدة في مجال الإبداع الفكري والثقافي، إذ برز دورها في العطاء بشتى ضروب المعرفة منذ النصف الثاني من القرن العشرين، ومعطيات الثقافة العراقية تحتفظ لنا بسجل ناصع من أسماء السيدات المبدعات في تخصصات الأدب كنازك الملائكة وغيرها. بيد أن دور المرأة لم يقتصر في إضافاتها الحقيقية على الحياة الأدبية فحسب، بل تعداه إلى مجالات أرحب وبشكل خاص في أروقة وتفاصيل المشهد العلمي والفكري.
وكما للرجل إسهامات وكتابات أصلية أغنت الحياة الفكرية على صعيد إنجاز  البحوث والدراسات والمؤلفات في الجامعات العراقية، فإن الأمر ذاته يتجلى بعطاء المرأة الفكري، لا بل أحياناً يتعدى ذلك الدور على صعيد المنجز البحثي والعلمي للمرأة أو السيدة العراقية.
ولا ريب أن الباحثين والمؤلفين والكتاب والمؤرخين قد تسيدوا المشهد العلمي في إطار التأشير على منجزهم الفكري عبر كل المراحل وفي كل التخصصات. ويبقى النصف الآخر من المعادلة المتمثل بالمرأة الباحثة والكاتبة والتدريسية وأهمية التأشير على مكامن إبداعها وريادتها وأدوارها في الكتابة التاريخية.
وهذا ما تصدى له المؤرخ العراقي الدكتور ذنون الطائي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في مؤلفه الثالث عشر والذي حمل عنوان "النخبة النسوية في الكتابة التاريخية"، في معالجة لدور المرأة في الكتابة التاريخية وإسهاماتها العلمية في مجال التاريخ بكل أوجهه في إصدار يعد الأول في بابه.
إذ ما انفك الطائي يكشف المزيد من الصفحات المشرقة في تاريخ العراق وبشكل خاص في تاريخ الموصل الحديث والمعاصر.
ومن خلال ملاحظة عنوان الكتاب نجد أن المؤلف قد وقع اختياره على نخبة من تدريسيات أقسام التاريخ في محاولة تعريف ورصد لنتاجاتهم وإسهاماتهم في الكتابة التاريخية، فكلمة نخبة تعني المختار من كل شيء، والمجموعة المنتقاة بدقة والتي تمتاز بالتكوين والخبرة والثقافة، ومن هنا فقد وقع اختياره على نخبة نسوية جامعية لبيان نتاجاتهم في مجال الكتابة التاريخية.

الطائي لم يبحث بالإسهامات الفكرية والأنشطة العلمية للباحثات التدريسيات فقط، بل تعداه إلى تحليل وبيان آرائهن واستنتاجاتهن وتوصياتهن من خلال عرض نماذج لعدد من بحوثهن ومؤلفاتهن المنجزة ضمن المنهج العلمي الأكاديمي

وهذا ما تصدى له المؤرخ العراقي الدكتور ذنون الطائي، أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر في مؤلفه الثالث عشر والذي حمل عنوان "النخبة النسوية في الكتابة التاريخية"، في معالجة لدور المرأة في الكتابة التاريخية وإسهاماتها العلمية في مجال التاريخ بكل أوجهه في إصدار يعد الأول في بابه.
إذ ما انفك الطائي يكشف المزيد من الصفحات المشرقة في تاريخ العراق وبشكل خاص في تاريخ الموصل الحديث والمعاصر.
ومن خلال ملاحظة عنوان الكتاب نجد أن المؤلف قد وقع اختياره على نخبة من تدريسيات أقسام التاريخ في محاولة تعريف ورصد لنتاجاتهم وإسهاماتهم في الكتابة التاريخية، فكلمة نخبة تعني المختار من كل شيء، والمجموعة المنتقاة بدقة والتي تمتاز بالتكوين والخبرة والثقافة، ومن هنا فقد وقع اختياره على نخبة نسوية جامعية لبيان نتاجاتهم في مجال الكتابة التاريخية.
ويهدف هذا الكتاب إلى إبراز الجهود العلمية لنخبة من التدريسيات الباحثات في شؤون التاريخ في جامعة الموصل من خلال التعريف بالمنجز البحثي والمشاركة في المؤتمرات والندوات والدورات التطويرية، فضلاً عن مساهماتهن في إلقاء المحاضرات وإشراكهن في اللجان العلمية والإدارية المختلفة وتقديم نبذة موجزة عن سيرهن العلمية؛ فهن صفحة مشرقة في ديمومة وتطوير المسيرة العلمية الأكاديمية وترصين البحث التاريخي.
وجاء صدور هذا الكتاب عن دار نون للطباعة والنشر والتوزيع / الموصل  لسنة 2019، وتألف الكتاب من 186 صفحة في طبعته الأولى، وبغلاف فني جميل من تصميم الفنان التشكيلي موفق الطائي، وهو يرمز للعمق الحضاري لمدينة الموصل ورمز للعطاء العلمي منذ العهد الآشوري لوجود أقدم مكتبة عراقية في مدينة نينوى واستمر عطاء هذه المدينة وأبنائها حتى الوقت الحاضر.
وجاء اختيار اللون الأخضر (في غلاف الكتاب) لأنه رمز العطاء والتدفق والطبيعة الخلابة والانفتاح على الحياة لأن المرأة معطاءة، فاللون يتوافق مع طبيعة المرأة في عطائها العلمي.
وضم فهرس الكتاب مقدمة بقلم المؤلف مكونة من 4 صفحات، وتلتها أسماء تدريسيات في حقل التاريخ مرتبة على 19 اسماً، وذكر لسيرة المؤلف في صفحتين، وأشار مؤلف الكتاب إلى أن الأسماء ولأغراض تنظيمية رتبت حسب الحروف الهجائية وهم كل من: 
1.د.أزهار هاشم شيت مصطفى الطائي
2.د.إيمان عبدالحميد محمد الدباغ
3.د.بان الصائغ 
4.د.بيان فارس ناصر
5.د.حنان عبدالخالق علي محمد أمين السبعاوي
6.د.رابحة محمد خضير عيسى الجبوري
7.د.رنا سالم محمد
8.د.عروبة جميل محمود
9.د.علياء هاشم ذنون محمد المشهداني
10.د.غادة قحطان حسن علي سيالة
11.م.لقاء فتحي عبدالله احمد العبادي
12.د.لمى عبدالعزيز مصطفى عبدالكريم العنزي
13.د.مها سعيد حميد جرجيس الخفاف
14.د.ميسون ذنون عبدالرزاق العبايجي
15.د.نهاية محمد صالح محمد الحمداني
16.د.هدى ياسين يوسف الدباغ
17.د.هناء سالم ضايع محمد الراشدي
18.م.هند فخري سعيد جرجيس المولى
19.د.وجدان عبدالجبار حمدي النعيمي
وتبرز أهمية الكتاب في أنها المرة الأولى التي يكتب فيها عن نخبة من التدريسيات المتخصصات في شؤون التاريخ في جامعة الموصل، للتعريف بهن وإعطاء زخماً معنوياً لأعمالهن العلمية الجليلة . 

المرأة العراقية الأكاديمية
تحليل وبيان 

وبين الطائي في مقدمة الكتاب أنه "من أجل إبراز الجهود العلمية المضنية والمهام التي تقع على كاهل التدريسيات الباحثات في تخصص التاريخ بكل أقسامه (القديم والإسلامي والحديث والمعاصر) فقد شرعت إلى مكاتبة كل التدريسيات في الأقسام العلمية، وأعني أقسام التاريخ في كليات (التربية للعلوم الإنسانية، والآداب، التربية الأساسية، العلوم الإسلامية، الآثار)، لموافاتي بالسيرة العلمية وعدد من البحوث المنجزة، وقد استجاب للدعوة التدريسيات الفضليات الوارد ذكرهن في هذا الكتاب، وأعرضن الأخريات، وكم كان بودي ذكر جميع التدريسيات والتعريف بسيرهن وإنجازاتهن العلمية في مجال تخصصهن، بيد أن ما لا يدرك كله لايترك جله". 
وبيَّن مؤلف الكتاب وجود اختلاف في الألقاب العلمية للتدريسيات (مدرس مساعد، مدرس، أستاذ مساعد) مع اختلاف سني الخدمة في الجامعة. وسيجد القارئ الكريم تنوع الجهود العلمية المبذولة من قبل الباحثات التدريسيات مع ثراء البحوث المنجزة وعناوينها وعدد المشاركات في المؤتمرات والندوات والدورات التطويرية وكافة الفعاليات العلمية داخل العراق وخارجه مما كان له الأثر البالغ في إثراء المكتبة العلمية.
ولعل من الملفت للنظر - حسب رأي المؤلف - هو عدد البحوث المنجزة من قبل الباحثات التدريسيات في المراكز البحثية بعامة، ومركز دراسات الموصل بخاصة عن زميلاتهن في الأقسام العلمية للكليات، بحكم تفرغهن للعمل البحثي، إذ أن العمل في المركز البحثي يستوجب إنجاز 3-4 أبحاث سنوياً في حين التدريسيات في الكليات ينشغلن في إلقاء المحاضرات، أكثر من إنجاز البحوث، ومع ذلك فقد وجدت بعضهن مثابرات في إنجاز البحوث العلمية والمشاركة في الندوات والمؤتمرات والدورات التطويرية، والإشراف على طلبة الدراسات العليا أو المشاركة في مناقشة الرسائل والأطاريح الجامعية مما يعزز الدور العلمي الرصين للتدريسيات في إطار المشاركات بالفعاليات العلمية المنتجة.
والمتصفح للكتاب يجد أن الطائي لم يبحث بالإسهامات الفكرية والأنشطة العلمية للباحثات التدريسيات فقط، بل تعداه إلى تحليل وبيان آرائهن واستنتاجاتهن وتوصياتهن من خلال عرض نماذج لعدد من بحوثهن ومؤلفاتهن المنجزة ضمن المنهج العلمي الأكاديمي، وإبراز الموضوعات المنتخبة من قبلهن في معالجات الأحداث التاريخية في التاريخ القديم والإسلامي والحديث والمعاصر. بما يبرز أهمية دور المرأة العراقية في عطائها المتجدد.
واختتم المؤلف حديثه بالقول بأنه على يقين بأن كم الإنجاز البحثي والمشاركات العلمية للتدريسيات الباحثات سيتطور ويزداد مع تراكم الخبرة المعرفية وزيادة الاطلاع والقراءة وتنوع الموضوعات.  
ولعل من المفيد القول بأن المؤرخ الدكتور ذنون الطائي من مواليد مدينة الموصل 1959، وحاصل على شهادة الدكتوراه فلسفة في التاريخ الحديث والمعاصر من كلية الآداب/جامعة الموصل، وهو أستاذ التاريخ الحديث والمعاصر، ويعمل حالياً مديراً لمركز دراسات الموصل / جامعة الموصل، وله العديد من المؤلفات المطبوعة. وله ما يزيد على 60 بحثاً منشورا في المجلات العلمية المحكمة، كما أن له مشاركات في مؤتمرات ودورات محلية وعربية وعالمية في انكلترا ومصر وتونس والمغرب وسوريا والأردن والإمارات العربية المتحدة.